العنف داخل الأسر لم يعد أبطاله من الرجال فقط، إذ كثيرا ما نسمع عن نساء يعتدين على رجالهن، مهددات بذلك العلاقة الزوجية التي يفترض أن تقوم على الاحترام المتبادل. فاعتداء المرأة على الرجل لفظيا أو جسديا شيء يتناقض مع الأعراف الاجتماعية ومع تعاليم الدين الإسلامي الذي يفرض على المرأة طاعة وإرضاء زوجها، أما التعدي عليه فذلك أمر لا يُعقل. والظاهرة متفشية بصفة أكثر في المجتمع الغربي الذي يتفشى به منطق العنف أكثر، لكنها موجودة أيضا في الدول العربية، وبدأت تتنامى بشكل ملفت للانتباه في الآونة الأخيرة. خروج المرأة للعمل زاد من حدة الظاهرة كما أن الثقافات الغربية شجعت على تنامي الظاهرة التي تفاقمت نتيجة سيادة منطق مساواة الرجل مع المرأة، فضلا عن كون خروج المرأة للعمل وارتفاع عدد الأسر التي تشارك فيها هذه الأخيرة في الإنفاق، رفع مكانة المرأة داخل الأسر و زاد من ظاهرة خروج النساء عن طاعة الرجال. فكثيرة هي الأسر التي تعتبر المرأة المعيل الوحيد لها، حينها يتقلص دور الزوج وتصبح المرأة تقوم بدور محوري، وكثيرات تستغلن ذلك في إذلال الزوج والخروج عن طاعته حتى لو كان على حساب الأعراف وكرامة الرجل الذي لا يرضى بمثل هذه الظواهر إلا نادرا. تشبعه ضربا إذا لم يجلب لها مستلزمات البيت! كثيرة هي القضايا التي عالجتها المحاكم، والتي تصب في هذا الموضوع، فالسيدة “ن.د” في الثلاثين من العمر، واحدة من اللواتي تعتدين على أزواجهن بين الحين والآخر، لأن زوجها يقع في الحاجة أحيانا فيعجز على اقتناء جميع متطلباتها، ويوم لا يجد المال لجلب مستلزمات البيت على اعتبار أنه يشتغل عاملا يوميا، تارة يجد عملا وفي أحيان أخرى يعاني البطالة، فهي لا تجد حرجا في حمل أقرب ما تطاله يدها وقذفه به، فيصاب مرات في جسده ومرات أخرى يفلت من الضربة.. تواجه زوجها بمنطق العصا لمن عصا أما “ز.خ” سيدة في الأربعينيات من العمر، فهي كثيرا ما توجه لزوجها ضربات متتالية في أي مكان تطاله قبضتها، والسبب هو طلب هذا الأخير منها الأموال كونها عاملة، أحيانا تمنحه المال لأنه عاطل عن العمل أما أحيانا أخرى حين توشك أجرتها نهاية الشهر على الانتهاء، تواجهه بمنطق العصا لمن عصا إذا حاول الاستيلاء على الأموال القليلة التي تبقت لها، وتزيد حدة اعتداءاتها في حقه إذا حاول أخذ المال بالقوة.. حينها تكون عقوبته أكثر من المعتاد. وقد ساعد المرأة القوة الجسدية التي تتمتع بها، والتي تبدو جلية لأنها سمينة وأطول من زوجها الذي سرعان ما يعلن استسلامه وتوبته.. دون أن يأخذ العبرة ويتوب نهائيا عن إغضاب زوجته التي تبقى عواقبها وخيمة!. لا تجد حرجا في ضرب زوجها الشيخ أمام أبنائه “ج.ب”، رغم كونها عجوزا في السبعين إلا أنها تعتدي على زوجها الذي بلغ من الكبر عتيا بمجرد دخول هذا الأخير في مناوشات معها. ورغم اعتبار الشيخ والد أبنائها العشرة الذين أصبحوا آباء وأمهات، إلا أن ذلك لم يشفع للعجوز التي يظهر أنها كقلة من قريناتها تؤمن بمنطق الضرب لردع الزوج إذا تمادى أو حاول إخراج ما في نفسه من غل وشتمها.. ففي تلك الحالة ينال العقاب الذي ترى العجوز أنه يستحقه. وما يزيد من “حڤرة” زوجته له هو اعتبار هذا الأخير “عاقلا” ويخجل من مواجهة العجوز أمام أبنائه.. وظاهرة الاعتداءات اللفظية أوالجسدية الصادرة من المرأة في حق الرجل تزداد بسبب غياب التفاهم والمودة بين الطرفين، وهي تزداد مع التقدم في العمر وتتحول أحيانا إلى كراهية يؤسف عليها. تعتدي على زوجها منذ اكتشفت خيانته لها السيدة “ح.ب” امرأة كبيرة في السن منذ أن اكتشفت خيانة زوجها لها، حينما كانت في عز شبابها أصبحت عنيفة مع زوجها، فهي لم تستطع أن تطلب الطلاق لكنها بالمقابل أصبحت شريرة في تعاملها معه، ولا تجد حرجا حتى في الاعتداء عليه جسديا عقب حدوث مناوشات بينهما، وزادت حدة ضربها له مع تقدمه في السن باعتباره يكبرها بأزيد من 10 سنوات. بالمقابل تقدم “ح.خ” على إفشاء غليلها في زوجها، فهي تعيش في بيت قصديري وتعاني من الضيق والحاجة زيادة على مشاكل تربية ثلاثة الأبناء، وفي بعض الأحيان لا تجد أي مشكلة في نعت زوجها بأبشع الصفات وتصفه بأسماء حيوانات، مخرجة بذلك عبء الحياة اليومية التي تعتبره المسؤول عنها لأنه عجز عن توفير حياة أفضل لها. تدخل والدة الزوج جعلت البيت حلبة مصارعة إذا كانت هذه الأخيرة تكتفي بالاعتداء اللفظي على زوجها، فإن “س.ب” تقابل الاعتداءات المتكررة لزوجها في حقها بالمثل، والسبب هو تدخل والدة الرجل في حياته وملأ رأسه بأفكار سوداوية عن زوجته، الأمر الذي يقابله غالبا بضربها، لتجد هذه الأخيرة نفسها مجبرة على الدفاع على نفسها ومواجهته بالضرب كذلك. ورغم وجود هذه الظاهرة التي كانت فيما مضى حالات شاذة ونادرة، إلا أنها تظل محصورة وسط نسوة يؤمنّ بمنطق التجبر والسيطرة، وحتى قلة الأدب وسوء الأخلاق، وتضل الظاهرة قليلة وغير متفشية بشكل بارز وسط مجتمعنا المسلم المحافظ.