بعض المتعاطفين مع نظام بشار الأسد من الجزائريين استاؤوا كثيرا من مواقف الحكومة التركية تجاه الأزمة السورية ولم يستسيغوا انحيازها للمعارضة وفتح أراضيها ونواديها لكل من تشم فيه رائحة التمرد والثورة ضد حكام دمشق، وتدعمهم ماديا ومعنويا من أجل الثبات والصمود والاستمرار ضد هذا النظام الذي تراه قمعيا ديكتاتوريا شموليا وجبت إزالته حتى يعوض بنظام ديمقراطي... وإذا كان من حق هؤلاء المتعاطفين مناصبة العداء للحكومة التركية على قاعدة عدو صديقي عدوي، فإنه ليس من العرف ولا الحكمة استعداء الآخرين وإجبارهم على كره من نكره وحب من نحب... المتعاطفون مع النظام السوري يحاولون إقناعنا أن الأتراك - وليس الحكومة التركية الحالية - هم أعداء تقليديون للجزائر والجزائريين وأن جرائمهم في حق وطننا تمتد إلى فترة الأخوين بربروس وتتجسد في مشاركة الجيش التركي في إبادة الجزائريين أثناء حرب التحرير باعتبار تركيا عضوا في الحلف الأطلسي الذي استنجدت به فرنسا... ودون الدخول في التفاصيل أو الاستنجاد بكتب التاريخ وأرشيف الفترة العثمانية في الجزائر أو الوجود الثقيل لفرنسا بأرضنا، يجب أن ننطلق في أحاديثنا وكتاباتنا من مسلمة رئيسية وهي أن أفكارنا واستنتاجاتنا ليست مسلمات، كما يجب أن نبتعد عن الشطط، الغلو، التطرف والتعصب كما نؤمن به أو نستخلصه من الوقائع والأحداث... أقول هذا وأنا إلى حد الآن غير مقتنع بولادات المعارضة السورية ولا بالأيديولوجيات التي جاءت بها وتريد من خلالها قلب نظام الحكم، الذي لا أعتقد أنه أسوأ من بعض الأنظمة الغنية التي تمد المعارضة بالمال وتسعى لأن تزودها بالسلاح وتهرول ذات اليمين وذات الشمال لاستصدار قرارات من مجلس الأمن تبيح ضرب سوريا... تركيا مهما كان الاتجاه الفكري لحكامها لن تضيع مصالحها، ومن غير المنطقي أن نطالبها بفك عقد مع حلف من أجله ظلت في منأى عن الهزات الخارجية وظل شعبها يعيش آمنا مطمئنا رغم المناوشات الطفيفة التي يقوم بها الأكراد من حين إلى آخر... اللوم كل اللوم على العرب الذين ينقسمون بين متفرج وبين مدعم للمعارضة.