تواصل مافيا التهريب نخرها للاقتصاد الوطني على الحدود الشرقية ، فالأوضاع التي تعرفها تونس وليبيا دفعت بهاته الشبكات إلى توسيع نشاطها التهريبي الذي لم يعد مقتصرا على الوقود وقطيع الماشية، بل تعداها حتى إلى الموز الذي تنفق الجزائر لاستيراده أموالا ضخمة، وزاد من ضخامتها تهريبه إلى تونس، حيث حجزت في هذا الإطار مصالح الجمارك التونسية مؤخرا 60 طنا من الموز المهرب من الجزائر. وأفادت صحيفة الصباح التونسية أن أعوان الجمارك بسوسة أو ما يسمى في تونس ب”الحرس الديواني” قد تمكنوا بحر الأسبوع المنقضي من اكتشاف”مخابئ” للموز المهرب من الجزائر، حيث تنطلق منها عملية الترويج نحو السوق الموازية والفضاءات والمراكز التجارية المشهورة في تونس التي تعرف ازدهار نشاطها في فصل الصيف بسبب توافد السياح على البلاد. وأشار المصدر ذاته أنه تمّ حجز 18 ألف علبة، وزن الواحدة منها 20 كيلوغراما ما يعني أن البضاعة المحجوزة تزن 60 طنا، وقدّرت قيمتها بنحو ثلاثة ملايين دينار تونسي، أي ما يعادل 21 مليار سنتيم جزائري. وبخصوص حيثيات حجز هذه الكمية الضخمة من الموز المهربة من الجزائر، ذكر المصدر ذاته أن العملية تمّت بعد ورود معلومات سريّة إلى مسامع ”الحرس الديواني” بسوسة، مفادها إمكانية مرور شاحنة ثقيلة محمّلة بكمية كبرى من الموز المهرّب من الجزائر، لتسارع بعدها قوات الأمن إلى تركيز نقطة تفتيش قارة على الطريق تمكن أعوانها من ضبط الشاحنة وبداخلها كمية من الموز القادم من الجزائر بواسطة مافيا التهريب بطرق ملتوية. و بيّن المصدر نفسه أنه بانطلاق الأبحاث، تمّ التأكد أن أعوان الجمارك أمام”مافيا” التهريب، لذلك تلقوا الإذن من الجهات القضائية بمداهمة المحلات والفضاءات المشبوهة، فتوجهوا إلى صفاقس ومنها إلى الجم، أين حجزوا كميات كبيرة من الموز تقدر ب 60 طنا داخل مراكز تبريد خاصة، وقد تمّ تحرير محاضر جبائية في شأن أصحابها. وأقرت صحيفة الصباح بتضاعف نشاط التهريب نحو تونس منذ اندلاع ”الثورة” في تونس على الحدود مع الجزائر، الأمر الذي حتم على مصالح الديوانة التونسية تكثيف نقاط التفتيش والمراقبة في مختلف مناطق البلاد في محاولة منها التقليل من ظاهرة التّهريب. وكشفت الصحيفة ذاتها أنه منذ التطورات التي عرفتها تونس العام الماضي تم الكشف عن مئات عمليات التهريب، وحجز آلاف الأطنان من المواد الغذائية والتجهيزات الإلكترومنزلية والإلكترونية والمواشي وغيرها، ومعلوم أن مصدر جميع هذه المواد هو الجزائر بما أن ليبيا الجار الجنوبي لتونس تعيش هي الأخرى وضعا ربما أكثر تعقيدا من تونس. وكان لتضاعف نشاط شبكات التهريب تأثيرا كبيرا على المستهلك الجزائري، حيث ارتفعت أسعار مختلف السلع بشكل قياسي لم تعرفه أسواق البلاد منذ سنوات، ومن هذه المواد فاكهة الموز الذي قاربت أسعاره 200 دينار في الأشهر الأخيرة وهو ارتفاع يقارب الضعف بعدما كان ثمنه في الغالب لا يتجاوز على أكثر تقدير 130 دينار، وإلى أن يتم تطويق نشاط شبكات التهريب تبقى ملايير الدينارات تضيع من الخزينة العمومية الجزائرية بعد أن صارت الجزائر منذ الاضطرابات الأمنية التي تعرفها كل من تونس وليبيا ممونا لثلاث أسواق، هي السوق المحلي، وسوقا ليبيا وتونس اللتان صارتا تعتمدان على البضائع المهربة في نشاطهما وحركيتهما.