كل يوم يزداد وجه الشبه بين ما يجري في سوريا وما جرى ويجري في العراق، الفرق الوحيد بين المأساتين أن الأولى تمت على يد الجيش الأمريكي، الذي تنقل بآلياته لاحتلال العراق وتفكيك دولته ومؤسساته، والثانية تتم على يد أبنائها الذين يبدو أنهم اخترقوا من قبل الموساد والمخابرات الأمريكية التي جاءت لتحقيق خططها التي لا علاقهة لها بالثورة على نظام بشار الأسد، ولا ببناء مؤسسات ديمقراطية. فها هي الثورة السورية التي كانت تحمل مطالب شرعية وسلمية، يدفع بها إلى طريق خطير وتصبح أكثر شراسة من النظام الفاسد الذي قامت للإطاحة به. فعندما يغتال عالم وخبير في الصواريخ هو وكل أفراد أسرته في بيته في دمشق، وهو الدكتور نبيل إبراهيم، الاسم المطلوب على قائمة الموساد لأنه يسمى بأبي المشروع الصاروخي السوري، فهذا يعني أن صفوف الثورة اخترقت اختراقا كبيرا، ما يستدعي طرح تساؤل بشأن كل الاغتيالات سواء المنسوبة منها إلى النظام أو تلك المنسوبة إلى الثوار. وعندما يستهدف العلماء بهذا الشكل فهذا يعني أن القاتل ليس من أبناء البلد الذين يريدون خيرا لبلادهم، وإنما عدو يريد القضاء على كل مقومات نده. وسوريا كانت وما تزال عدوا لإسرائيل، وأحد مطامعها. ولن تدخر إسرائيل جهدا، لتزيد الوضع تعفنا، وتزيد الحرب شراسة. ما يحدث في سوريا جاء ليكمل ما بدأته أمريكا بالعراق عندما قضت، خلال حربها على صدام ونظامه، على أزيد من 400 عالم عراقي متخصصين في الفضاء والطاقة النووية، وقضت بذلك على كل أمل لإحداث نهضة علمية في العراق تنافس أمريكا وأوروبا. فالحرب على العراق كانت بذريعة الديمقراطية لكنها في الحقيقة كانت لتقضي نهائيا على مشروع نهضة عراقية. واليوم أمريكا وحليفتها إسرائيل تطبقان نفس الخطة في سوريا، وستقتل كل مشروع علمي حتى وإن كان لأهداف سلمية قبل أن يولد. وها هي بدأت تسوق لمبررات ما تقوم به في سوريا على يد أبنائها، أو ما سيقوم به عملاؤها هناك، والحديث عن السلاح الكيماوي السوري والتحذير من استعماله مجرد مبرر لذلك. ويبدو أن قائمة الاغتيالات لعلماء سوريا ما زالت مفتوحة، ولن تغلق بالقضاء على الأسد ونظامه. فالمخطط الأمريكي أكبر من مجرد إسقاط حاكم فاسد. الخوف كل الخوف اليوم على زوال الدولة السورية ومؤسساتها ورصيدها الحضاري والعلمي، وكل كيانها. والمصيبة أن هذا سيكون على يد أبنائها وبسلاح عربي وتمويل عربي، وبدعم إعلامي عربي. ألم يعلن حاكم قطر عن جائزة مغرية لكل سفير سوري ينشق؟.. وها هي الانشقاقات بدأت تتسارع حول بشار لكن لا من ينتبه إلى أن الشق سيلقي بكل سوريا في أحضان المجهول.