كانت منطقة الشلعلع إلى غاية نهاية الثمانينات تمثل الملاذ الأمثل لسكان ولاية باتنة ومختلف الدوائر والبلديات وحتى الولايات المجاورة من ضجيج المدينة، والبديل العملي على شواطئ البحر لأرباب الأسر الذين لا تطيق ميزانياتهم قضاء العطل في مدينة ساحلية، خصوصا وأن المكان لا يسجل ازيد من 22 درجة من الحرارة في فصل الصيف. تمتاز المنطقة بينابيع باردة تتدفق من أعالي الجبال وتستقبلها مصبات في شكل بحيرات كبيرة، لا يحتمل من يقصدونها للسباحة من الشباب المكوث فيها لأكثر من دقائق نظرا لبرودة مائها في أوج حرارة الجو، بالإضافة إلى الغطاء النباتي الكثيف والغني بأشجار الأرز الأطلسي النادرة والمحمية والبلوط الأخضر والأنواع المتعددة من الحيوانات والطيور التي تزيد المكان بهجة وحيوية، كما أن المستثمرين في عودة الحياة إلى مرتفعات الشلعلع تمكنوا من خلق مناصب شغل موسمية على الأقل واحترفوا بيع الشواء والمشروبات للعائلات الوافدة إلى حضن الطبيعة الخلابة طوال الأمسيات الصيفية، وخصوصا خلال أيام العطل الأسبوعية، حيث تكون الفرصة مواتية للأطفال من أجل اللعب والمرح والتمتع بالمناظر التي ربما لم يروها سوى في أفلام الكرتون أو الكتب الدراسية. كما يسجل لسكان المناطق المجاورة مجهوداتهم الجبارة في محاربة المنحرفين الذين حاولوا الاستيلاء على المكان وتحويله إلى مرتع لتعاطي الخمور والمخدرات والأفعال السافرة، وقد شكل عشرات المواطنين مجموعات تعمل بالتناوب خلال ساعات النهار للتصدي للمظاهر اللاأخلاقية بطريق الشلعلع خلال الأشهر الماضية، بعد وقوع حادث مرور أودى بحياة شاب صدمته سيارة يقودها مخمور، وقد خلفت الحادثة استياء السكان الذين عزموا على تطهير المنتجع الجبلي لتنزه العائلات على ما يضمنه ذلك من حركية اقتصادية ونشاط تجاري يعود بالفائدة على المناطق القريبة منه، ويمكن شبابها من ابتكار نشاطات تتماشى مع السياحة الجبلية كبيع الأواني التقليدية والأغراض المصنوعة بمواد طبيعية مستمدة من الغابات. وأمام كثافة حركة السير بالشلعلع يطالب مستعملو المسالك الجبلية بإعادة تهيئها وتعبيدها وتوسيعها كي تستوعب الأعداد الكبيرة من السيارات. وقد عد سكان باتنة فتح هذا المنتجع السياحي الطبيعي مكسبا كبيرا للولاية ككل، شكل متنفسا رائعا للعائلات في مواجهة ضجيج المدينة والضغط العصبي الكبير الذي تولده فترات العمل، وقد بدأ المكان يكتسب خصائص علاجية متعددة حيث ينصح الأطباء المصابين ببعض الأمراض بالمكث فيه لفترات طويلة ومتقاربة، فضلا عن المياه الطبيعية المتدفقة من ينابيعه والتي أثبت بعض مرضى الروماتيزم والكلى نجاعتها العالية في العلاج.