المادة 341 مكرر غير كافية ويجب تدعيمها سمية صالحي، رئيسة اللجنة الوطنية للنساء العاملات بالمركزية النقابية، كانت إحدى النقابيات الفاعلات في الحملة الوطنية لفضح الممارسات التعسفية الناتجة عن التحرش الجنسي التي تمس بكرامة العاملات، والتي أفضت إلى إقرار المادة 341 مكرر التي جرمت فعل التحرش الجنسي ضد المرأة في أماكن العمل، والذي أقره وزير العدل حافظ الأختام في 2004. كما تعد إحدى الأسماء الفاعلة في إنشاء خلية الإصغاء على مستوى اللجنة عام 2003، والتي لعبت دورا كبيرا في إقرار مادة تدين وتجرم التحرش الجنسي وترافق أكثر من ألف حالة تمت معالجتها على مستوى المحاكم ومفتشية العمل، وهي اليوم ضمن فريق العمل الذي يرافع من أجل تعديل نفس المادة وإثرائها من أجل توفير حماية اكبر للضحية والشاهد. تعود من خلال هذا اللقاء القصير إلى حيثيات الحملة الوطنية ضد التحرش الجنسي، وما رافقها من خطوات لتجريم الظاهرة وردع الممارسين لها. كنقابية كيف تقيمين المادة341 مكررة التي أقرت لأول مرة تجريم التحرش الجنسي قانونيا؟ كان الطرح المتكرر لقضايا التحرش الجنسي بشدة في كل الملتقيات واللقاءات بصفته أحد أهم المشاكل التي تعاني منها المرأة، رأت اللجنة الوطنية للنساء العاملات أنه حان الوقت للتكفل الحقيقي والجاد بالقضية. وفي أوج الحملة التي قادتها عدة جمعيات مدنية ضد ظاهرة التحرش طلبت لجنة المرأة، في رسالة موجهة إلى السيد وزير العدل حافظ الأختام تجريم التحرش الجنسي ومعاقبة المتحرش. وفي 10\ 11\2004 في الجريدة الرسمية رقم 71 صدرت المادة 341 مكرر التي تجرم التحرش وتعاقب المتحرش، هذه المادة سلاح ثمين بيد الضحايا ومساندتهم. رغم أن المادة 341 مكرر هي مكسب نضالي ثمين، لكنها تبقى غير كافية لأنها لا تعطي الحماية القانونية للشاهد ولا تعوض الضحايا عن الأضرار التي لحقت بهن. هناك عدة جمعيات طالبت في إطار”قانون الإطار” الذي ينتظر أن يقدم كمقترح يعيد النظر في القوانين التي تعالج مختلف أشكال العنف الممارس ضد المرأة والطفل، بما فيها التحرش الجنسي، ما هي المقترحات المقدمة من أجل تدعيم وإثراء المادة341 مكرر التي تجرم التحرش ضد النساء؟ أولا يجب أن يتم إدراج المادة المذكورة في الفصل المتعلق بحقوق الإنسان، وليس في قانون العقوبات، أي مكانها الطبيعي في الفصل الأول وليس الثاني، لأن تعريف التحرش الجنسي يتم عادة إدراجه ضمن الجرائم التي تعد”إخلالا بشرف الأسرة والآداب العامة”، أي بعبارة أخري هو يضر ويسيء بشرف الأسرة والمجتمع، وهذا غير دقيق لأن جريمة التحرش تمس أولا وقبل كل شيء كرامة المرأة وكيانها وشرفها ووجودها كإنسان وكمواطن يعني هي الضحية وليس لا المجتمع ولا الأسرة، فنحن مازلنا ننظر للظاهرة كطابو عادة تتحول المرأة فيه من ضحية إلى مجرمة نحملها مسؤولية شيء هي لا ذنب لها فيه، فالمادة المذكورة رغم كونها مكسبا نضاليا جد مهم للنساء إلا أنها غير كافيةا لأنها أولا غير دقيقة في تعريف التحرش، كما أنها لا توفر الحماية القانونية للشهود.. فقد أثبتت التجربة أن الشهود عادة ما يكونون ضحايا ويفصلون من مناصبهم حتى لو أنصفت الضحية من قبل العدالة. لذا يجب أن يتم تدعيم هذا الجانب بشكل يوفر الحماية الكافية ويضمن حق الشهود. تم إنشاء خلية إصغاء على مستوى المركزية النقابية لاستقبال شكاوي ضحايا التحرش الجنسي لكنها أغلقت، لماذا؟ أنشئت الخلية في ديسمبر من عام 2003 وأغلقت في سنة 2008 لعدم توفر الوسائل والإمكانيات البشرية، خاصة من الجانب النضالي لممارسة العمل، وقد كانت للخلية طوال هذه المدة مهمة كبيرة في توجيه واستقبال شكاوي الضحايا وتعريف الناس، خاصة النساء بحقهم القانوني في وضع حد للتحرش، إضافة التي تحطيم الطابو الاجتماعي، حيث كانت الظاهرة من المحرمات ولا أحد يتحدث عنها إلا همسا، وهذا عبر الحملات التحسيسية في الإذاعات والتلفزيون والمحاضرات واللقاءات الجامعية. وقد تكفلت الخلية بمتابعة ومعالجة أكثر من ألف حالة زيادة على الإرشادات والاستشارات التي كانت تقدم عبر الرقم المخصص لاستقبال المواطنين والمواطنات. والجدير بالذكر هنا أن الظاهرة، واستنادا إلى تجربة خلية الإصغاء، تمس مختلف الأصناف والطبقات من النساء وعلى اختلاف مستوياتهن ودرجاتهن الاجتماعية والاقتصادية واتجاهاتهن الفكرية، بما في ذلك المحجبات بل حتى المتجلبيبات. استنادا إلى الحالات التي رافقتها خلية الإصغاء وعالجتها، كيف كان تعامل النساء الضحايا مع أوضاعهن؟ خلية الإصغاء كانت فيها مناضلات وطبيبات نفسانيات وقانونيات، كن جميعا يتكفلن بحالات الانهيار والاكتئاب ومختلف الأمراض والأعراض العصبية الناتجة عن الضغوطات الناجمة عن ظاهرة التحرش، والتي قد تصل إلى حد الانتحار والإصابة بالأمراض الخطيرة، مثل السرطان وتساقط الشعر والطفح الجلدي، وغيرها من الأمراض الناتجة عن الضغط. وقد كنا نستقبل الشكاوي والحالات، ونقوم بشرح الأطر القانونية الموجودة من أجل حل المشكل. ويبقي الاختيار الأخيرة للمرأة.. إما أن تقوم بطلب تحويل من منصبها إذا كانت تشتغل في شركة ذات فروع أو تقوم بطرح المشكل على مفتشية العمل أو على النقابة في حالة ما إذا وجدت الدعم من طرف محيط عملها وزملائها أو تتجه مباشرة إلى العدالة، وتطرح المشكل على القضاء. وهل كان عدد المتجهات إلى القضاء معتبرا؟ الأمر نسبي ويختلف حسب اختلاف شخصية المرأة وقوتها وقدرتها على التحمل، ونحن نعلم أن أصحاب السلطة من المدراء والمسؤولين يختارون عادة ضحاياهم بذكاء وإتقان، لأنهم يعرفون أن المرأة التي تكون تابعة لهم في مجال العمل قد تكون متزوجة، وتخشى الفضيحة وانهيار عائلتها، وحتى إن لم تكن متزوجة فإنها عادة تخاف من الفضيحة ونظرة المحيط إليها. لذا فعادة تلجأ المرأة إلى احتواء المشكل في محيط العمل ومعالجته سواء على مستوى النقابة أو إدارة الشركة أو المؤسسة التي تشتغل فيها في حالة وجود مساندة ودعم من طرف الزملاء ومحيط العمل، أومفتشية العمل التي تبقى الحليف الأساسي لنا لأنها عادة تقوم بدعمنا والتعاون معنا بإعطاء كافة التفاصيل التي تجعل المرأة محيطة بحقوقها القانونية كعاملة، ومع ذلك فهناك من النساء من يخترن الذهاب إلى القضاء، وفيهن من أخذت حقها وتمت معاقبة المتسببين.