انتقلت حمى الدروس الخصوصية إلى فئة المسنين، فبعدما سجلوا حضورهم بقوة في أقسام محو الأمية، هاهم يحذون حذو التلاميذ الصغار ويتهافتون للحصول على الدروس الخصوصية لإثراء مستواهم وإحراز التطور الدراسي بشكل كبير. مع بداية الموسم الدراسي الجديد، تحظى الدروس الخصوصية بأهمية واسعة وسط عائلات جزائرية تتهافت للحصول على مدرسين أكفاء لأبنائها من أجل مساعدتهم في إثراء مستواهم الدراسي. إلى حد الآن الأمر أكثر من عادي، لكن الغريب هو أن فصول الدروس الخصوصية تم اقتحامها من طرف المسنين، خاصة فئة النساء اللاتي يجتهدن في الحصول على أعلى الدرجات في السنة الدراسية من أجل نيل تكريم وتقدير من طرف المحيطين بهن، وإثبات وجودهن وقدرتهن على تعويض ما فاتهن، وتحقيق رغبة حُرمن منها لسنوات. دروس خصوصية لتعويض أمية السنوات أسابيع قليلة مرت على العودة المدرسية والجامعية، ومع ذلك جددت هذه العودة السيناريو المألوف داخل معظم العائلات الجزائرية، والمتمثل في اللجوء إلى حصص الدعم. وبعدما اقتصرت على الأبناء هاهي الأمهات اليوم معنيات كذلك. وحسب بعضهن ممن اقتربت منهن “الفجر”، فإن هذه الرغبة جاءت نتيجة حبهن للاطلاع وعدم اكتفائهن بما تقدمه فصول محو الأمية ورغبتهن في التعلم بشكل سريع. فالحاجة خديجة، 63 سنة، تقول في الموضوع “حققت حلمي بتعلم القراءة والكتابة، لكني أخاف أن أموت قبل أن أتحصل على شهادة من المدرسة لذلك، فأنا أتمنى أن أتقدم بسرعة في الدراسة، ولو لجأت إلى الدروس الخصوصية”. أما السيدة فاطمة الزهراء، 60 سنة، فقد اعتادت على أن تدّرسها حفيدتها في البيت بالموازاة مع دروس محو الأمية، وبما أنها اعتادت على الدعم في المنزل لجأت إلى الدروس الخصوصية بعد زواج حفيدتها حتى تحافظ على نفس الوتيرة في الدراسة. ومثلها الكثيرون ممن أبوا إلا أن يلتحقوا بهذه الدروس حتى يعززوا قدراتهم المعرفية، ويتمكنوا من إحراز التفوق الدراسي. معلمون يرفضون التعامل مع كبار السن واجهت الكثير من طالبات محو الأمية رفض المعلمات لإعطائهن دروس خصوصية لأسباب مختلفة، ذلك ما جعلنا نحاول التقرب من بعض المعلمات اللاتي يمارسن هذه المهنة منذ سنوات، حيث أبدت بعضهن رفضهن القاطع لتقديم دروس لفائدة الكبار في السن، فإيمان، على سبيل المثال، تقول في الموضوع:”الكبار في السن يتطلبون معاملة خاصة، وهو ما يجعل من تدريسهم مهمة صعبة على عكس الأطفال الصغار الذين لديهم قدرة كبيرة على الاستيعاب”. نفس الشيء بالنسبة لفريدة، التي استقبلت الكثير من السيدات من جاراتها اللاتي رغبن في أن تخصص لهن حصة أسبوعية من أجل دروس الدعم، إلا أنها رفضت ذلك بداعي أنهم يتطلبون جهد أكبر نظرا لعدم قدرتهم على الاستيعاب بسرعة مقارنة بالأطفال الصغار. وفي سياق متصل يؤكد بعضهم أن التعامل مع فئة الكبار في السن يتطلب أشخاصا متخصصين، ومسؤولية من نوع خاص، كما أن قدرتهم تكون محدودة وتخضع لعدة اعتبارات عمرية. .. وآخرون يفرضون مبالغ إضافية من جهة أخرى استغل بعض المدرسين فرصة هذا الإقبال من طرف طلبة محو الأمية من أجل مضاعفة الأسعار. وحسب المتتبعين فقد وصلت تكلفة الشهر الواحد إلى 1500 دج، ما أثار استغراب العديد من الراغبين في أخذ هذه الدروس، وحسب رواية الكثيرين فهذا نظرا لرفض بعض المعلمين التعاطي مع الكبار في السن. وفي الموضوع تقول الحاجة تماني، 65 سنة:”تفاجأت بالمعلمة التي تدرس أبناء الجيران تطلب مني ضعف ما تتقاضاه لقاء تدريسهم، أي 2000دج، متحججة بأنها حالة خاصة وتتطلب جهدا أكبر”. ومع ذلك التحق عدد كبير منهم بصفوف الدروس الخصوصية، خاضعين للأمر الواقع وآملين في الحصول على نتائج تحقق أحلامهم في تذوق طعم النجاح..