"الغاية تبرر الوسيلة".. تلك هي القاعدة التي يعمل بها طلبة جامعيون مجتازون للامتحانات الاستدراكية هذه الأيام، فبعد أن فشلوا في الالتحاق بالأقسام العليا، فطوابير الدروس المنسوخة بدأت والعودة إلى الدفاتر القديمة، إضافة إلى الغش.. تلك هي سبلهم لإنقاذ سنة بأكملها. انطلقت الامتحانات الاستدراكية في أغلب الجامعات وسط إقبال معتبر من الطلبة الذين لم يسعفهم الحظ في اجتياز الدورات العادية بنجاح، ما دفع العديد منهم للجوء إلى كل الوسائل، وطرق جميع الأبواب التي من شأنها أن تنقذهم من إضاعة سنة بأكملها. طوابير تصوير الدروس تعود عاد مشهد الطلبة الملتفين حول أجهزة التصوير الطبق للأصل من جديد قبل انطلاق الموسم الجامعي لهذه السنة، فبعدما فشل بعضهم في تحصيل معدّل يؤهلهم للانتقال إلى السنة الموالية. ولاغتنام آخر فرصة لتدارك الوضع رصدنا في بعض الجامعات اصطفاف بعض الطلبة في طابور من أجل الحصول على الدروس التي تساعدهم في اجتياز تلك الامتحانات الاستدراكية، ومن خلال زيارة قادتنا لبعض الجامعات على غرار كلية الحقوق، أين وقفنا على حجم الإقبال على الدروس المتأخرة لاجتياز الامتحانات الاستدراكية ما دفعنا للبحث عن الأسباب الكامنة وراء ذلك. التقينا بهاجر، طالبة في السنة الثانية، تقول إن الاستدراك هو آخر فرصة لها من أجل إنقاذ سنة مرت عليها بسرعة وهي تستهتر بأهمية الوقت فيها. وأضافت هاجر أنه من الطبيعي اللجوء إلى سراء الدروس أو تصويرها، لاسيما أنها لم تكن تدخل إلى المحاضرات خلال السنة. من جهته يقول طارق، طالب في كلية الإعلام والاتصال سنة ثالثة، إنه قرر شراء تلك الدروس جاهزة بعد أن كانت نتائج اعتماده على دروسه الخاصة سلبية، لذا فقد قرر طارق تغيير مصدر معلوماته. الأساتذة يؤكدون أن استهتار الطالب وراء فشله أرجع بعض الأساتذة ارتفاع عدد الطلبة المجتازين للامتحانات الاستدراكية هذا العام إلى إهمال الطلبة في التحضير لاجتياز الامتحانات العادية، وفي كثير من الأحيان اتكالهم على الفرصة الثانية والثالثة، وكذا كثرة التغيّب وعدم التزامهم بالدروس، حيث يكتفون بالأعمال التطبيقية فقط، وهو ما لا يكفي من أجل فهم واستيعاب عدّة مقاييس، على حد قول الأستاذة بشيش أستاذة بكلية علوم الإعلام والاتصال، والتي أكدت أن أغلب الطلبة لا يولون الأهمية اللازمة للحصص والدروس المقدمة طوال العام، الأمر الذي يقودهم إلى الامتحانات الشمولية والاستدراكية كذلك، وهو نفس ما وقفت عليه شريفي وهيبة أستاذة بالكلية ذاتها، والتي علّقت في الموضوع قائلة: "إن الطالب في الجامعة الجزائرية لم يعد يهتم بالدراسة بقدر اهتمامه باللباس والموضة، التجوال أو حتى الجلوس في بهو الجامعة وغيرها من التصرفات الطائشة"، مشيرة إلى أن الطالب المجد لا يمكن أن يؤجل نجاحه للامتحان الاستدراكي إلا في الحالات التي تخرج عن نطاقه. اللجوء للغش.. كأسهل الحلول غياب الطلبة عن المحاضرات وإهمالهم للدروس الملقاة فيها كانت واحدة من أهّم النقاط التي طرحها بعض الطلبة الذين أدركوا قيمة هذه الدروس، وقالوا إنّها السبب وراء فشلهم في الدورة العادية، غير أن أغلبهم قد أجمعوا أن الوقت المتبقي لإنقاذ السنة الدراسية، لذا فقد أجمع أغلبهم أنهم سيلجأون للغش باعتباره آخر حل لذلك. وفي ذات السياق يقول فريد، الذي تأجل انتقاله للسنة الرابعة إعلام، إنه من المؤكد أنه سيلجأ لطرق الاحتيال من أجل ملء أوراق الإجابات، مشيرا إلى أن العطلة الصيفية وطولها كانت كفيلة بجعله ينسى كل المقرر. وفي ذات السياق يقول زميله عبد الله إنه غير مستعد للتضحية بآخر فرصة، كما نفى نيته في الحفظ أو التحضير، مشيرا إلى أن الغش هو آخر الحلول. من جهتهم فقد أجمع الأساتذة أن الحراسة في امتحانات الاستدراك تكون أكثر تشددا لإدراكهم أن الطالب سيتجه إلى الغش غالبا. وانتقد كثير من الأساتذة ظاهرة بيع الدروس التي تكون في العادة ناقصة أو مختلفة من حيث صحّة المعلومات المقدمّة، وهو ما يؤثر على مردود الطالب، مشيرين إلى أن الطلبة الذين يعتمدون على المطبوعات دون الدروس يكونون من الفاشلين في تحصيل نقاط المقياس، لأن كثيرا من بائعي تلك المطبوعات يجلبونها من هنا وهناك، وغالبا ما تختلف المعلومات التي تحويها مع المعلومات التي قدمّها الأستاذ أثناء الدرس. كما أن أغلبها تكون محشوّة بالمعلومات الرئيسية وحتى الإضافية ما يجعل عملية الاستيعاب والفهم صعبة جدا. إجبارية المحاضرات أهم الحلول يؤكد أغلب الأساتذة الذين التقينا بهم أن عدم إجبارية المحاضرات من أهم الأسباب التي أدّت إلى عدم الاهتمام بها كما ينبغي، والتركيز على الأعمال التطبيقية.. لا لشيء لأن التغيّب المتكرر وغير مبرّر يؤدي حتما إلى إقصاء الطالب. وأكّد بعض الأستاذة أن أغلب الطلبة الملتزمين بتلك المحاضرات من الإناث، ولكن بالمقابل نجد عددا هائلا من الذكور يجبرون على خوض الامتحانات الاستدراكية نتيجة استهتارهم، وهو ما تعوّدوا عليه خلال سنوات دراستهم بالجامعة، لذا دعا البعض منهم إلى البحث عن حلول وسبل نتمكّن من خلالها من توطيد العلاقة بين الطالب والدراسة، ولو اضطرهم ذلك إلى فرض إجبارية المحاضرات.