انعقد المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي سنة 1976، وهو أول تجمع علمي ضم عددا كبيرا من الباحثين والمهتمين بقضايا الاقتصاد الإسلامي من مختلف أنحاء العالم، وقد تناول هذا المؤتمر بين موضوعاته فكرة البنوك الإسلامية. وقد تأسست النماذج الأولى للبنوك الإسلامية في كل من باكستان، ماليزيا ومصر، وفتحت هذه النماذج المجال لغيرها من التجارب بالرغم من انتهاء التجربة الباكستانية والمصرية في وقت مبكر، في حين أن التجربة الماليزية كللت بالنجاح، بينما ظهرت اللبنة الأولى للبنوك الإسلامية في كل من “بنك دبي الإسلامي” سنة 1975، بنك “فيصل الإسلامي المصري”، بنك “فيصل الإسلامي السوداني”، “بيت التمويل الكويتي” سنة 1977، “البنك الإسلامي” سنة 1978 و”بنك البحرين الإسلامي” سنة 1979، وكذلك تأسيس أول بنك إسلامي في الغرب عام 1987 وهو المصرف الدولي في الدانمرك. كما شهدت العشرية الأخيرة تنامي سريع للبنوك الإسلامية، سرعت الأزمة المالية العالمية التي أرجعها المختصون إلى تنامي حجم الديون والفوائد بسبب التعاملات الربوية، إلى ظهور عدد كبير من الأوعية الاستثمارية التي تدار بالطرق المشروعة، بشكل خاص صناديق الاستثمار الإسلامية العاملة في مجال التأجير، العقارات، الأسهم، السلع وغيرها. كما لجأت العديد من البنوك التقليدية إلي توسيع دائرة نشاطها الإسلامي تلبية لرغبة العملاء بإنشاء العديد منها أقساما إسلامية متخصصة، وأسس البعض الآخر فروعا إسلامية كالبنك الأهلي التجاري السعودي واتجهت بعض البنوك الأخرى لتحويل كامل نشاطها للعمل المصرفي الإسلامي مثل بنك الشارقة الوطني، كما قامت أخرى بتأسيس بنوك إسلامية مستقلة تماما عنها من حيث رأسمالها وميزانيتها ونشاطها كبنك المؤسسة العربية المصرفية الإسلامي، سيتي البنك الإسلامي، وبنك نوريبا التابع لبنك يوبي آس السويسري. ويؤكد الخبراء في المجال المصرفي والمالي، أن الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالعالم مؤخرا كان وقع تداعياتها محدودا على البنوك الإسلامية، وتشير العديد من التحليلات والدراسات والمقالات في مختلف وسائل الإعلام الغربية والأجنبية عموما إلى أنه في ظل تفاقم الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالبنوك التقليدية، إذ يرى بعض العلماء الغربيين أن للمصارف الإسلامية قاعدة مصرفية آمنة، على اعتبار أن أعداد المنتسبين إليها من الأفراد والشركات في تزايد مستمر.كما تسعى حاليا الحكومة البريطانية عبر تغيير القوانين ومنح الإعفاءات الضريبية إلى تحويل لندن إلى المركز الغربي الأول للبنوك الإسلامية، حيث تقوم البنوك التقليدية والمؤسسات المالية بإصدار منتجات متطابقة مع أحكام الشريعة. وقد نمت الخدمات المالية الإسلامية في العالم إلى أكثر من ثلاثة أضعاف في العقد الماضي من 150 مليار دولار في منتصف التسعينيات إلى خمس مائة مليار في 2006. وتسعى الحكومة البريطانية لتصبح الأولى من بين الحكومات الغربية التي تصدر الصكوك الإسلامية التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية من النواحي المالية وتمنع جميع أنواع الفوائد، كما تمنع الاستثمار في أي مشروعات تتعلق بالكحول والقمار والتبغ، وهي مسائل تتوافق مع ما يتطلع إليه عدد متنام من الغربيين الذين يرغبون في استثمارات مسؤولة من الناحية الاجتماعية.