من المتعارف عليه طبيا أن لجوء أطباء التوليد إلى العمليات القيصرية يكون من أجل إنقاذ الأم أو جنينها عند حدوث تعقيدات صحية لدى المرأة الحامل مثل انقباض عنق الرحم، أو ضيق عظام الحوض أو كبر الجنين، ما يعيق ولادته بطريقة طبيعية، أوعندما تكون الأم تعاني من بعض الأمراض التي تهدد بحدوث نزيف. وحدوث مثل هذه التعقيدات بطبيعة الحال تبقى محدودة ويقررها الطبيب المكلف بالمتابعة الصحية للمرأة.. غير أن الولادة عن طريق العمليات القيصرية صارت حاليا ”موضة” العيادات الخاصة نظرا لما تحققه من عائدات ربحية على أصحابها. تلجأ عيادات خاصة إلى إجراء العمليات القيصرية للنساء الحوامل حسب متابعين أولا تهربا من المتابعة القانونية للطبيب في حالة حدوث أي مضاعفات للجنين أو الأم وكذا بحثا على الربح السريع، حيث تتراوح أسعار الولادات القيصرية في هذه العيادات بين 25 ألف إلى 80 ألف دج باحتساب كافة تكاليف الإيواء والأدوية، بينما الولادة العادية لا تتجاوز 18 ألف دج. وحسب عدة سيدات ممن سبقت لهن الولادة في مثل هذه العيادات فإن أغلب العمليات القيصرية يلجأ إليها أطباء العيادات الخاصة بدون داعي، حيث تكون عادة أجندة الطبيب في العيادة الخاصة مزدحمة بالمواعيد والالتزامات فيلجأ الطبيب إلى العملية القيصرية أسبوعين قبل الولادة الطبيعية بعد التأكد من اكتمال نمو الجنين.. مع ما تمثله العملية من أخطار على الأم وجنينها، حيث توصلت دراسات ألمانية وفرنسية حديثة إلى نتيجة مفادها أن اللجوء إلى الولادة عن طريق العملية القيصرية بدون دواعي يضاعف من خطر الوفيات عند الأطفال حديثي الولادة. وقد صار اللجوء إلى العيادات الخاصة في نظر بعض النساء وسيلة للهروب من ”تمرميد” المستشفيات العمومية والبحث عن ولادة بدون ألم، غير أن الكثير منهن ندمن على اللجوء إلى تلك العيادات، حيث تؤكد إحدى السيدات أنها دفعت 25 ألف دج من أجل الولادة بعيادة خاصة لأنها أرادت أن تهرب من الركض بين أروقة المستشفيات العمومية من أجل إيجاد مكان، لكنها أكدت أنها بمجرد أن وضعت مولودها غادرت العيادة دون أن تقضي المدة المتعارف عليها لأي امرأة تلد حديثا في المستشفى العمومي، وهي 3 أيام، حتى يتمكن الأطباء من توفير المتابعة الصحية لها ولجنينها.. لكن الحسابات الاقتصادية والركض وراء الربح السريع يجعل تلك العيادات تبحث عن زبونة أخرى في هذه المدة. سيدة أخرى تقول إنها دفعت 30 ألف دج من أجل ولادة طبيعية حتى بدون حضور الطبيب إنما بوجود القابلة فقط. وتفيد تقارير مختصة أن عيادات خاصة صارت تستقبل النساء الحوامل لأن عمليات الولادات القيصرية سهلة ولا تتطلب الكثير من الجهد والوقت والإمكانيات، وبالمقابل فهي تدر أرباحا طائلة، لهذا فقد تلجأ هذه العيادات إلى التعاقد مع ممرضات وقابلات في المستشفيات العمومية يقمن بجلب الحوامل من المستشفيات العمومية إلى العيادات الخاصة مقابل مبالغ مادية تتراوح بين 1500 و3000 دج للحالات القيصرية عن الحالة الواحدة، لهذا قد تقوم القابلة بإقناع السيدة الحامل أن وضعية جنينها تستدعي تدخلا جراحيا بالولادة القيصرية وتدلها على العيادة التي تعاقدت معها، وقد تضيف لها بعض ”الكوميديا الإنسانية” وتقول لها.. سأشرف عليك شخصيا لأنني أشتغل هناك، وقد تدلها على ”فاعل خير” يتكفل بحالتها و”يتهلا فيها”.. والكل يعلم أن ”المعريفة” في الوسط الطبي والصحي غير متاحة للجميع. وطبعا يتضاعف المقابل المالي بمضاعفة عدد الزبونات أو”الضحايا” على الأصح، حيث تشير الأرقام إلى تضاعف عدد الولادات القيصرية إلى حوالي80 في المائة، أغلبها في العيادات الخاصة.