ارتفعت نسبة الولادات القيصرية في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، وأصبحنا نحصي ما يربو عن 100 ألف ولادة قيصرية سنويا من أصل 350 ألف، أي بنسبة تصل إلى 30 بالمائة، مقابل 5 بالمائة فقط قبل 4 عقود خلت. والغريب أن سبب هذا الارتفاع ليس فقط "البزنسة" التي تمارسها بعض عيادات التوليد الخاصة، وإنّما تفضيل النساء الحوامل للحل الجراحي الذي يطلبنه صراحة حتى وإن كان الحمل طبيعيا، وذلك تفاديا لآلام المخاض! * أصبحنا نسمع كثيرا في محيطنا عن قريبة أو جارة أو صديقة أنجبت عن طريق ولادة قيصرية سواء في مستشفى عمومي أو في عيادة خاصة بنسبة أكبر، إلا أننا من الصعب أن نصدق أن هذه العمليات القيصرية تمثل ثُلث عمليات الولادة سنويا؛ أي أن امرأة من بين 3 نساء حوامل تلد قيصريا. * وفي هذا السياق، أكد رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، بقات بركان، أن هناك جوا عاما ساعد على تضاعف عدد العمليات القيصرية في السنوات الأخيرة، سواء من جهة النساء الحوامل اللواتي أصبحن يفضلن التدخل الجراحي على الولادة الطبيعية حتى لا يعانين آلام المخاض، أو من جهة الأطباء الذين يميلون عادة إلى الولادة القيصرية على الطبيعية، خاصة في حالة وجود مخاطر على صحة الأم أو الجنين تقل مع التدخل الجراحي. * الدكتور يوسف خوجة، مختص في التوليد وأمراض النساء، من جهته أشار إلى أن نسبة العمليات القيصرية ارتفعت في العالم بأسره وليس في الجزائر فقط، وذلك للتقدم الطبي المحرز في تقنيات إجراء هذه العملية وطريقة التكفل بالمريضات التي تطورت عما كانت عليه في السابق، ولأن العالم "أصبح لا يقبل المواليد المعاقين الذين عادة ما يكونون بسبب ولادات طبيعية صعبة". * وأضاف المتحدث أن نسبة العمليات القيصرية في الجزائر في سنوات الستينيات كانت تقدر ب 5 إلى 7 بالمائة ثم انتقلت حاليا إلى 10 ثم إلى 30 بالمائة من مجموع 350 ألف ولادة سنوية؛ أي ما يعادل 35 ألفا إلى 105 ألف، وهي نسبة اقل -حسبه- من النسبة المسجلة في الولاياتالمتحدة والبالغة 50 بالمائة، أو بفرنسا التي تتراوح بين 20 إلى 40 بالمائة، وتخص العيادات الخاصة والمستشفيات العمومية على حد سواء.وأكد المتحدث أن العديد من النساء اللائي لا يعانين من مشاكل في حملهن وبإمكانهن الولادة طبيعيا يطلبن منه التدخل الجراحي "أصبح العديد منهن يخاف آلام المخاض ويفضل أن يتحمل آلام الجراحة على آلام الولادة!". * لكن هذا ينفي، حسب الآنسة (ب.ز)، نائب رئيس الاتحاد الوطني للقابلات، جانب "البزنسة" التي تنتهجها بعض عيادات التوليد، في إشارة منها إلى بعض "الممارسات اللا أخلاقية لبعض أطباء التوليد في بعض العيادات الخاصة الذين يضخمون الأمور ويهولون المشاكل الصحية التي قد تعترض المرأة الحامل، فيحملونها بطريقة أو بأخرى على الخوف من الولادة الطبيعية والاستمالة إلى الحل الجراحي، أو ينصحونها مباشرة بإجراء عملية قيصرية". * وفي السياق ذاته، أضافت المتحدثة "أظن أن الأمر تجاري أكثر منه مهني وطبي، حيث تجد بعض أطباء التوليد في المستشفيات العمومية يوجهون المريضات إلى العيادات الخاصة ويقتسمون الأرباح مع أصحاب هذه العيادات التي لا تقل عادة عن 50 ألف دينار، ناهيك عن تكاليف المبيت ليومين أو ثلاثة أيام قصد المتابعة الطبية".ونفت المتحدثة أن تكون نسبة إجراء العمليات القيصرية عالية بالمستشفيات العمومية "نفضل في مستشفياتنا أن تكون الولادات طبيعية تقليلا للمخاطر والمضاعفات".