... وبدأت حمى 2014 تنهش جسد الجزائر مع أنه ما زال يفصلنا عن موعدها أزيد من سنة ونصف السنة.. وهكذا تقحم البلاد مبكرا في صراعات عقيمة، ويبعدنا "العفس" الإعلامي على صفحات الجرائد، عن القضايا الحقيقية التي من واجبنا معالجتها والتكفل بها. فلم تمض إلا أسابيع قليلة، عن صراع الانتخابات البرلمانية، حتى وجد الجزائريون أنفسهم يقحمون في صراعات جديدة لا تقدم ولا تؤخر شيئا لمشاكلهم، سوى أنها تعمل على تموقع الأشخاص حسب أطماعهم وتطلعاتهم مبكرا. ويبدو أن الصحفة الوطنية لم تستخلص درس رئاسيات 2004 حيث أديرت العملية على رأس الصحافة، وحيث خرج الجميع منتصرون ماعدا الصحافة التي فقدت ماء الوجه ورهنت مصداقيتها وحريتها في لعبة قذرة. لا أدري ما وزن شخصية مثل وزير الأشغال العمومية الذي يدير قطاعا يفيض "بالعسل" في لعبة التوازنات والأطماع الرئاسية، ليلقى به هكذا مبكرا إلى حلبة لا أقول "السباع"، بل "ضباع" السياسة لينهش لحمه مبكرا حتى قبل أن يعبر عن انتمائه السياسي عندما "يحمى" حديد السياسة وتبدأ الحرب الحقيقية حول الكرسي. حيثما اتجهت تلاقيك نفس الأسئلة.. من المستفيد من نشر غسيل الأشغال العمومية؟ ومن المستفيد من الحرب على أويحيى؟ ولماذا لا تفتح العدالة تحقيقا فيما يكتب في الصحف، وما يتبادل من تهم بين هذا وذاك؟ فهناك من يلوّح بأرقام خيالية للفساد، وهناك من يدعي أنه يمتلك المزيد من الفضائح، صحافة ورجال سياسة، ومتبارين في حلبة ملاكمة الانتخابات، فقد سبق وهدد زعيم حركة حمس، سلطاني، بإخراج ملفات الفساد في حال تطرق شخص ما إلى قضية الطريق السيار والقطاعات الأخرى التي سيرتها حمس، لكن العدالة لم تهتم لهذا الأمر ولم تأمر بفتح تحقيقات في هذا التراشق بالاتهامات، وكأن الأمر لا يعنيها!؟ مع أن الكل يدعي محاربة الفساد. فهل لأن للصحافة نفسها نصيبها من الفساد خسرت به مصداقيتها فلم يعد هناك من يهتم لما تكتبه وتنشره الجرائد، بل وصار مجرد "كلام صحف" خال من الجدية، وبعيدا كل البعد عن المهنية والصدق، وهو بحد ذاته ما كان يستوجب فتح تحقيق في القضية، تحقيق يشمل الصحافة نفسها وإجبارها على تقديم أدلة على ما تدعيه. فعدم اكتراث العدالة والسلطات الأخرى، بمن في ذلك نواب الشعب، سيعطي انطباعا بأن الصحافة وحدها هي من يحارب الفساد ويتحدث عنه، وأنها تحارب "الطواحين الهوائية" مثل دون كيشوت، حتى وإن كانت الحقيقة في كثير من الأحيان غير ذلك، وفي كثير من الأحيان تقحم الصحافة في صراعات جانبية وصراعات عصب وجهات لا علاقة لها ولا تهدف إلى كشف وجه الحقيقة؟!