تحلم كغيرها من الرسامات باحتلال مكانة هامة في ميدان الفن التشكيلي في الجزائر، وتسعى لتأكيد حضورها ببصمتها الخاصة في هذا المجال، لها مجموعة من الأعمال التي تبرز ذلك على غرار: لوحة ”الوقت”، ”شموع الحياة”، ”أرابيسك”، ”طريق نحو القصبة” وغيرها، إنها الفنانة التشكيلية عصامية النشأة ”حسينة عريبة” في حوار ل ”الفجر الثقافي” متحدثة عن لوحاتها وكذا عما يعيق طريق إبداعها. ماذا تستعمل الفنانة حسينة لرسم لوحاتها؟ غالبا ما أستعمل في رسم المواضيع التي أريد تجسيدها في لوحة من اللوحات الفنية ووفق بصمة خاصة مني، مادتي القماش والورق مع توظيف مجموعة من عناصر التلوين المعروفة مثل الألوان الزيتية والمائية التي تعدّ الرئيسية بالنسبة لي، حيث أنوع بين الاثنتين في مجمل أعمالي، لكنني أميل كثيرا إلى استخدام اللون الزيتي الذي يخلّف انطباعا جميلا في نفس المتلقي على مستوى الصورة والموضوع. لماذا اللون الزيتي بالتحديد، هل للأمر علاقة بالمادة المستعملة؟ ربما هو كذلك، باعتبار مادة عملي المتكرر على مادة القماش التي أفضلها على الورق، لأنها تساعد على تقديم التعبير المناسب للأشياء المرسومة مهما كان شكلها أو نوعها، كما تحمل في طياتها دلالة واسعة تشير إلى حيوية الموضوع والصورة معا، حيث تجعل المشاهد يغوص في تحليل وتفسير اللوحة ودون ملل، بالإضافة إلى كون القماش يناسبني كثيرا كوعاء واسع أُعبر من خلاله عن جميع حالاتي وأطرح فيه مختلف أفكاري التي أستقيها من الطبيعة والواقع المعاش. لذلك تجدني أرسم بلا تعب على هذه المادة بخلاف الورق الذي يشعرني بجمود خيالي حول فكرة معينة، غير أنّ هذه الحالة استثنائية وليست في كل الأوقات. كما أنّ الرسم بالزيت يعكس هدوئي النفسي وارتياحي في تصميم الرسم ولهذا السبب تراني أفضّله. بالنظر إلى لوحاتك نرى أنها متنوعة، فما هي مواضيع رسوماتك؟ لا أُخفي عليك أنني أستمد من الطبيعة موضوعا لأغلب رسوماتي، لأنها طبيعة ميتة وجماد تدفعني لأن أبحث دائما عن فكرة أو موضوع ما، ناهيك عن عنصر الجمال فيها والذي يجذبني بشكل كبير إلى اتخاذه أساسا في أعمالي، بالإضافة إلى كونها تعبر عن استقراري النفسي، وهذا لا يعني عدم تناولي لمواضيع أخرى فعلى العكس تجعلني أختزل في طياتها الواقع الجزائري، الحياة بما تحمله من متناقضات مثل محاور المرأة، الفقر، البطالة، أشكال العيش وغيرها وهو ما تلاحظونه في هذا المعرض. كيف تجسدين هذه المواضيع انطلاقا من الطبيعة الميتة وما هي الألوان المستخدمة في ذلك؟ بطبيعة الحال الاحتكاك بالطبيعة والواقع يدفعك لتصور أفكار عديدة تكون مواضيع رسوماتك المنوعة فهي ملهمة الخيال، وبالتالي فالخيال يلعب دورا كبيرا في استحضار الفكرة وإسقاطها على الواقع، وفي هذا الإطار أعتبر الطبيعة بمثابة القاعدة في رسم الأشياء شريطة أن تحمل الدلالة وعنصر الدهشة وكذا التناسق الكلي بينها بينما تبقى الألوان مرتبطة بالموضوع نفسه، فعادة ما أوظف اللون الأحمر والأزرق بكثرة نتيجة ما ينضويان عليه من معاني في الحياة. هل هناك صعوبات تقف في وجه تطور إبداعك؟ هناك العديد من الصعوبات التي تواجه الفنان التشكيلي في الجزائر بصفة عامة مثل باقي الفنانين في الميادين الأخرى، لكن أؤكد أنها بشكل ملفت للانتباه في مجالنا وأبرزها الحظوظ القليلة التي تتاح للرسام على مستوى نقص الإمكانيات ووسائل الترويج لأعماله التي تبقى عند البعض منهم حبيسة الورشة ولا ترى نور المعارض، وعلى سبيل المثال أنا كواحدة من المبدعات في الفن التشكيلي انتظرت طويلا حتى جاءتني هذه الفرصة الخاصة بهذا المعرض، فأقول دائما بين الفرصة والفرصة رحلة طويلة للظهور والخروج من الورشة. إلى ماذا يرجع غياب أو نقص فرص بروز الفن التشكيلي في الجزائر؟ في اعتقادي أن الإجابة على هذا السؤال تتعلق بالوضع العام للفنان في الجزائر، لكن المزعج في الأمر أنه تقام مهرجانات كبيرة وضخمة للموسيقى، المسرح، السينما وغيرها من الفنون، بينما يقابل الفن التشكيلي بالجفاء واللامبالاة، حيث تغيب في حقه مثل هذه الفعاليات الحقيقية التي تساعده على التطور وتشجع مبدعيه على احتلال مكانتهم الفنية وتطوير قدراتهم، لذلك أرى بأنه من الواجب على السلطات القائمة على الشأن الثقافي في الوطن إعادة الاعتبار لقيمة الرسام التشكيلي سواء كان مبدعا أو مخضرما في المجال. إلى جانب غياب فضاءات العرض التي تذهب دائما لفائدة للموسيقى والرقص.