من الأنامل تعزف فرشاة الفنان أنغام اللون، وتسكب ألحان الصمت في تناغم وتناسق يبرح الذاكرة إلى الطفولة، وينسج حلما طالما راود الواقع ليصبح حقيقة، معزوفة كشفت لنا عنها الفنانة العصامية حسينة عريبة الواعدة في التشكيل بنوعيه التجريدي والانطباعي في معرضها الأول الذي احتضن فيه مركز التسلية العلمية 23 لوحة ترجمت فيها الفنانة الجمال النابع من ثقافتنا وتراثنا الأصيل. يشدك اللون وأنت تتجول بناظريك عبر لوحات الفنانة التشكيلية حسينة عريبة، تحس بأنك تصغي إلى معزوفة تتناوب على أدائها أنامل اللون والضوء في تحريك ساكن بالماء والزيت واستثمار الطبيعة فيما تعكسه من طيف الظاهر على الباطن في همس تخاله أنفاس الورد وشوشة الياسمين، من خلال أسماء اللوحات تستشف رهافة حسينة ورقتها المستوحاة من الطبيعة كلوحتها «سر الورود» التي استوحتها من حوار بينها وبين كل الورود، من بينها زهرتها البيضاء المفضلة زهرة الياسمين، ولوحتها الموسومة ب»الربيع» و»المرأة الأرستقراطية» في قصرها المنيف تعرض محاسنها في الحلي والملابس والرفاهية. لوحات حسينة عريبة منسجمة متناغمة باستعراض الفن القبائلي الأصيل المرفوق بالحلي واللباس والموسيقى، ولم تبق حسينة حبيسة التراث، بل تجنح بك إلى الخيال وتعدو بك بين المروج والسهول لتفاجئك بلوحة الخيول الجافلة التي باغتها شيء ما فجفلت، وأطلقت على هذه اللوحة اسم «الخوف المباغت»، وتقديم الفن والتراث والمعمار الجزائري بين التجريد والانطباعي مقتفية آثار التشكيليين الجزائريين أمثال عائشة حداد التي شاركت في تكريمها من خلال معرض مشترك. الفنانة حسينة لا تحسن العزف فقط على الماء والزيت، بل تعزف أيضا على الخزف حيث فتحت ورشة في بيتها لتكون فضاء لإنتاج الجمال، مفضلة في ذلك من الألون الأزرق لأنه يرمز إلى الصفاء والسلام والسماء والبحر. الفنانة حسينة فنانة تشكيلية عصامية تعاملت مع معزوفة الألوان وهي غضة في سن الطفولة، حيث ترعرعت وسط عائلة تتذوق الجمال وتتخذه مذهبا من مذاهبها، في هذه الأسرة نمت موهبة حسينة للتعلم كجدها الذي كان فنانا تشكيليا، وقد غمرتها عائلتها بالرعاية والتشجيع، خاصة من شقيقها الأكبر وشقيقتها الأستاذة في مادة التاريخ والجغرافية التي تملك هي الاخرى موهبة في الرسم، وشقيقها المهندس المعماري وهو رسام أيضا. غادرت حسينة المدرسة مبكرا وهي في السنة التاسعة أساسي، تحصلت على شهادة في الخزف والزخرفة، وتأثرت بالتشكيليين أمثال اسياخم، بن دبة، عائشة حداد وراسم في المنمنمات، وتبقى أمنيتها وهي تنظم معرضها الأول بمركز التسلية العلمية بديدوش مراد والذي يستمر إلى غاية 06 ديسمبر الجاري، أن تتخطى أعمالها الفنية الحدود لأنها تحمل رسالة إنسانية تعبّر عن الحياة اليومية لكل الناس من الطفل إلى الشيخ ، كما تتمنى حسينة أن تكون بحوزتها قاعة عرض للوحاتها وتكون في نفس الوقت وجهة لمحبي الفن، وكذا تشجيع المواهب التي لا تجد المكان الذي تفجر فيه أحاسيسها الفنية. أما عن معرضها الأول هذا، فترى فيه حسينة الحلم الذي طالما راودها، وهاهو يتحقق، حيث غمرها بالسعادة التي عجزت حتى أوتار فرشاتها على عزف أنغامه وتركت ذلك للعصافير لتقول عنها الغناء في معرضها، ريشة وإبداع.