أجمع المشاركون في فعاليات الدورة ال35 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي بالقاهرة، على نجاح دورته الاستثنائية التي قامت في ظروف صعبة وسط جدل سياسي واجتماعي ومصادمات بين أنصار قرارات الرئيس مرسي والمناوئين له، حيث أكد المشاركون في طبعته الأخيرة أن تنظيمها في هذه الظروف دون تسجيل أي انزلاقات أوأحداث مفاجئة؛ يعدّ في حدّ ذاته إنجازا وجب تشجيعه بغض النظر عن برودة أجواء فعالياته. اختتمت، زوال الخميس، فعاليات الدورة ال35 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بعد أن ألغت إدارة المهرجان الحفل الفني الذي كان من المفترض إقامته سهرة الخميس، وذلك انسجاما مع الوضع العام الذي تعيشه مصر منذ أكثر من أسبوعين، على خلفية الجدل القائم حول الإعلان الدستوري الذي أقره الرئيس وقوبل بانتقادات واسعة وصلت حدّ محاصرة قصر الرئاسة من طرف المتظاهرين مما أدى إلى اشتباكهم مع أنصار الرئيس، وهو الوضع الذي ألقى بظلاله على أجواء فعاليات المهرجان السينمائي؛ الذي أصر منظموه على إقامته واستقبال ضيوفه من مختلف بلدان العالم، محافظين بذلك على مكانة المهرجان وسمعته، لاسيما أن قرار التأجيل أو الإلغاء كان سيتسبب في سحب الصفة الدولية من المهرجان من جانب الاتحاد الدولي للمهرجانات، وبالتالي سيكون من الصعب استعادة تلك الصفة مرة ثانية في ظل المنافسة الشرسة التي يواجهها المهرجان من جانب دول شرق أوسطية أخرى تسعى إلى نيل تلك الصفة الدولية، وعلى رأسها إسرائيل. وفي هذا الصدد قال رئيس المهرجان، الدكتور عزت أبوعوف، في كلمته:”رغم كل الظروف العصيبة التي نمر بها جميعاً استطعنا تخطي كل الصعاب، وتم إقامة المهرجان بعد أن كان مهدداً بالخروج من الخريطة السينمائية الدولية، بالإضافة إلى اقتصار فعاليات الختام على مجرد إعلان أسماء الفائزين بجوائز المهرجان فقط دون أي مظاهر احتفالية احتراماً لمقتضيات المشهد الراهن، وكلنا أمل أن تستضيف مصر هذا المهرجان في الأعوام القادمة، وقد نعمت بما ننشده من استقرار”. وكبديل عن حفل الاختتام، أقامت إدارة المهرجان مؤتمرا صحفيا بدار الأوبرا المصرية حضره الدكتور عزت أبوعوف رئيس المهرجان، وأعضاء لجنة تحكيم الدورة، برئاسة الفنان محمود عبدالعزيز وعدد كبير من الفنانين والإعلاميين. وقد بدا التأثر واضحا على وجوه إدارة المهرجان، التي استقبلت مع الحاضرين؛ أخبارا مؤكدة عن وفاة 5 أشخاص في مظاهرات ليلة الأربعاء إلى الخميس. وقد استغل بعض حضور المؤتمر الصحفي من المعارضين للرئيس، وجود كاميرات الفضائيات ووكالات الأنباء للتعبير بصوت عال عن انتقادهم الشديد لمرسي واتهامه بوقوفه وراء الأحداث التي تعيشها مصر، رافعين شعارات ضده وضد جماعة الإخوان والمرشد العام.. وهي الهتافات التي فرضت صوتها داخل قاعة الأوبرا وسط اجتهاد المنظمين في إعادة قاطرة التتويج إلى سكتها من خلال التسريع في إعلان جوائز الدورة، بعد تكريم المخرج الصيني العالمي زهانك بيومو. وجاءت جوائز المهرجان على النحو التالي: في مسابقة الأفلام الدولية الطويلة، فاز الفيلم الفرنسي ”موعد في كيرونا” من إخراج آنا نوفيون، بجائزة الهرم الذهبي. بينما فاز بجائزة الهرم الفضي الفيلم الإيطالي ”رجل الصناعة” من إخراج جوليانو مونالدو، وفاز بجائزة أفضل ممثل الفنان البولندي ماريان دزيدزيل، عن دوره في فيلم ”موسم السنة الخامسة” من إخراج جيرزي دومارادزكي، بينما فازت بجائزة أفضل ممثلة، الفنزويلية فانيسا دي كواترو عن دورها في فيلم ”كاسر الصمت” من إخراج لويس اليخندرو. ومنحت جائزة شادي عبدالسلام لأفضل فيلم أول لمخرجي الفيلم الفنزويلي ”كاسر الصمت” لويس آليخندرو وأندريس إدواردو رودريجز، الذين فازوا أيضا بجائزة لجنة الاتحاد الدولي للنقاد فيبرسي. وفي مسابقة الأفلام العربية أعلن الفنان محمود عبدالعزيز عن جوائز المسابقة بتقديم شهادة تقدير للمخرج جو بوعيد عن الفيلم اللبناني ”تنورة ماكسي”؛ ثم شهادة تقدير للفيلم الفلسطيني الأردني ”لما شفتك” من إخراج آن ماري جاسير، وفاز بجائزة أفضل ممثل الفنان الكويتي القدير سعد فرج عن دوره في فيلم ”تورا بورا” من إخراج وليد العوضي؛ بينما فازت بجائزة أفضل ممثلة الفنانة الجزائرية المتألقة عايدة بن ديمراد عن دورها في فيلم ”التائب” من إخراج مرزاق علواش. وقد تسلمت المخرجة الجزائرية سهيلة باتو الجائزة نيابة عن عايدة التي وصلت متأخرة إلى القاهرة مساء الخميس. وفي كلمتها قالت سهيلة التي شاركت بفيلم ”صباح الخير القاهرة” في هذه الدورة:”أنا سعيدة بحصول فنانة جزائرية واعدة مثل عايدة على هذه الجائزة، متمنية كمخرجة الاشتغال معها في عمل سينمائي في المستقبل”. وقد عادت جائزة نجيب محفوظ لأفضل فيلم عربي للفيلم المغربي ”المغضوب عليهم” من إخراج محسن بصري، الذي أعطى لكلمته طابعا سياسيا بحديثه عن مخاض الثورة المصرية. وفاز بجائزة ملتقي القاهرة السينمائي الأول للفيلم الروائي الطويل الفيلم المصري اللبناني ”أودتين وصالة” من إخراج شريف البنداري وإنتاج رشا نجدي، بينما فاز بجائزة ملتقى القاهرة لسينمائي الأول للفيلم الوثائقي الطويل الفيلم المصري ”صغيرتي”، من إخراج نغم عثمان، وإنتاج كريم عامر. وفي المسابقة الدولية لأفلام حقوق الإنسان فاز بجائزة ميدان التحرير الفيلم البولندي ”روز” من إخراج فويدشخ سمارزوسكي. كذلك منحت شهادة تقدير لفريق عمل الفيلم الصيني ”دائرة كاملة” إخراج زانج يانج. بعد ذلك قدمت لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الطويلة ثناء خاصا لفيلم لم يدخل المسابقة الرسمية الدولية، وهو فيلم الافتتاح المصري ”الشتا اللي فات” من إخراج إبراهيم البطوط. فعاليات الدورة ال35 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي كانت استثنائية بكل المقاييس، حيث غطّت على وهجها أحداث ميدان التحرير، فكان الرهان القائم بالنسبة لإدارة المهرجان هو تنظيمه في موعده، وهو التحدي الذي قابله ضيوف المهرجان من سينمائيين وصحافيين بالتنويه والالتزام بحضور فعالياته رغم الأجواء السياسية المتشنجة في مصر، على أمل الالتقاء في دورة قادمة يكون فيها الحديث عن جماليات السينما أكثر من الحديث عن تعقيدات السياسة.