يرى مختصون في الشأن التربوي، أن ظاهرة العنف المدرسي قد استيقظت خلال المواسم الدراسية الثلاثة الأخيرة على الأقل عبر عدد من المؤسسات التربوية وفي مختلف ولايات الوطن وتعد باتنة واحدة منها، وبشكل لابد من تحليل واستقصاء لأسبابها ودوافعها، بعد أن احتلت الولاية المراتب الأولى وطنيا في هذه الظاهرة إن لم تكن الأولى على الإطلاق، جراء كثرة الحوادث المسجلة لاعتداءات تطال التلاميذ والأساتذة وتتجاوزهم إلى المدراء في بعض الأحيان، مثلما حدث بأحد ثانويات بريكة، خلال الأسبوع الماضي دفع هذا الوضع بالأساتذة إلى التوقف عن العمل تضامنا مع الضحية ”المدير” الذي تلقى لكمات قوية وضربات أسقطته أرضا على يد أحد التلاميذ، في مشهد أصبح ”شبه مألوف” لتكراره بالمؤسسات التعليمية لهذه المنطقة تحديدا والذي غالبا ما ينتهي إلى أروقة العدالة أو مصلحة الاستعجالات بالمستشفى. حينما تتدخل الشرطة لإنقاذ الأستاذ من تلامذته ولا يزال عالقا بالأذهان ما حدث منذ فترة قصيرة بثانوية الجزار، التي تحولت إلى حلبة صراع بين التلاميذ لم تفلح مجهودات الأساتذة في إنهائه، ما استدعى تدخل عناصر الأمن والحماية المدنية التي نقلت الجرحى البالغ عددهم 17 شابا إلى المصلحة المختصة بمستشفى بريكة، لتلقي الإسعافات الأولية، وهي الأحداث المشابهة لما وقع منذ شهرين بثانوية علي النمر بسبب قيام المدير بغلق الباب الخارجي للمؤسسة قبل 10 دقائق من بداية الدوام، ما سبّب احتجاج التلاميذ الذين عبروا عن ذلك برشق الفناء بالحجارة، وأدى إلى إصابة ثلاثة تلاميذ بجروح متفاوتة الخطورة، كما أصيبت تلميذة بإصابة بليغة على مستوى الفك والفم، وقد اضطرت الإدارة إلى الاستنجاد بمصالح الشرطة التي تنقلت لتهدئة التلاميذ وردعهم، فيما نقل الجرحى من قبل عناصر الحماية المدنية إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الأولية. الأساتذة يطالبون بتوفير الأمن في المدارس يكون الأساتذة في غالب الأحيان ضحايا لحوادث العنف المدرسي بمدارس باتنة، فقد قام مع بداية الموسم الدراسي الجاري مجموعة من المتمدرسين في الطور المتوسط برشق مجموعة من الأساتذة بالحجارة لدى وصول السيارة التي تقلهم إلى الإكمالية، وقد سارع الأساتذة إلى الاختباء من وابل الحجارة بعد إصابتهم إصابات طفيفة، فيما تولت محكمة بريكة، معالجة قضية الاعتداء على مدير ثانوية من طرف تلميذ مفصول بداية هذا الموسم، ما تسبب له في جروح خطرة حررت له إثرها شهادة عجز عن العمل. وأدانت المحكمة المتهم بعامين حبسا نافذا، وهي القضية التي أثارت ضجة كبيرة وتسببت في إضراب العشرات من أساتذة التعليم الثانوي بالدائرة ذاتها لمدة قاربت الشهر احتجاجا على انعدام الظروف الأمنية. تلميذ يطالب أستاذته ب10 ملايين سنتيم كتعويض لضربه وبدائرة بريكة تحديدا، شهدت مؤخرا إحدى الإبتدائيات واقعة ضرب تلميذ يدرس السنة الرابعة، من طرف أستاذة اللغة الفرنسية التي أصابته في مناطق متفرقة من وجهه، سارع ولي أمره على إثرها إلى تحرير شكوى طبية عند مختص أثبتت عجز التلميذ لمدة 21 يوما، ليباشر الولي إجراءات إيداع شكوى لدى مصالح الأمن التي فتحت تحقيقا في الموضوع، وتشير معلومات إلى أن ولي أمر التلميذ طالب المعلمة ب 10 ملايين سنتيم كتعويض نظير تنازله عن الشكوى. الاهتمام بالماديات كسر الحاجز بين التلميذ وأستاذه وأمام هذه الحوادث المؤسفة وغيرها، يتأسف الكثيرون ويتحسرون على زمن كانت فيه علاقة التلميذ بمعلمه تفوق قدسية علاقته بأبيه، إذ تستمد قيمتها المعنوية الكبيرة من قيمة العلم ومهابة العالم في نفوس العامة، بعيدا عن الماديات التي طغت على كل شيء ويراها مختصون في علم الاجتماع سببا رئيسيا وراء انتشار ظاهرة العنف المدرسي، إلى جانب تراجع ملحوظ للدور الرسالي للمعلم بمقابل تركيزه على دوره الوظيفي ومحصوله المادي وتراجع كبير لدور الأولياء في تلقين التربية والأخلاق الحسنة لأبنائهم، واقتصار دورهم هم كذلك على تحصيل مصاريف الحياة المتشعبة، وهو اختلاط المفاهيم الذي وقعت المدرسة بسببه في براثن العنف رغم ما تكتسبه من حرمة في الثقافة. طارق رقيق بنسب نجاح فاقت ال 80 بالمائة ثانوية ”مبارك الميلي” حلم تمدرس أبناء سكان ولاية عنابة تمكنت ثانوية ”مبارك الميلي” الواقع مقرها قبالة أعالي عنابة، من حصد نسب نجاح فاقت ال 80 بالمائة، ما أهلها لافتكاك مرتبة استثنائية في سجل الثانويات التي يرغب سكان مدينة عنابة، في تمدرس أبنائهم بها، وبذل الجهود الكبيرة من أجل ضمان ذلك، على الرغم من أن هذه الثانوية تستقبل تلاميذ متوسطات ريزي عمر، بن بولعيد والعربي تبسي. تتربع ثانوية مبارك الميلي، على 6 هكتارات مقسمة إلى ساحة كبيرة لفترة الراحة، ملعب كرة طائرة وملعب كرة قدم، صالة رياضة مساحات خضراء لجمالية المؤسسة، ولثانوية مبارك الميلي طابع معماري مميز يعود للحقبة الاستعمارية، بطاقة استيعاب تصل ل 11 قسما، يتمدرس بها 1300 تلميذ يؤطرهم أكثر من 63 أستاذا. وحول كيفية الوصول لتحقيق هدف الريادة في ولاية عنابة، تكشف مديرة المؤسسة ل ”الفجر”، أن التكامل بين الأساتذة والإدارة هو سر النجاح في مبارك الميلي، مضيفة أنه إذا تم تزويدها بمؤطرين تربويين آخرين فيمكن التوصل لتحقيق 10 مرات النتائج الحالية، ومبينة أن 60 بالمائة من التلاميذ كانوا قد تحصلوا على معدلات فاقت ال 15 على عشرين، وقد تم التوصل لتحقيق مثل هذه النتائج بفضل تضافر الجهود من جهة، وروح التفاني في العمل الذي يبذله الطاقم الإداري للمؤسسة من جهة أخرى، حيث يمضي العمال أكثر أوقاتهم بين جدران هذه الثانوية التي كانت وراء تكوين أطباء مهندسين ومحامين من ولاية عنابة، كما أن الكفاءة العالية لأساتذة هذه الثانوية مكنت من احتلال الريادة في نسب النجاح لعدة سنوات. من جانب آخر، تؤكد مديرة المؤسسة أن من بين أولى الأولويات التي تفرضها المستجدات الاجتماعية، هي التكفل النفسي بالتلميذ لضمان السير الحسن للدراسة، وفي هذا السياق، يتم ايلاء الجانب الثقافي أهمية فريدة حيث أن النشاطات الثقافية مكنت من إبراز مواهب رفيعة المستوى في المجالات الموسيقية، التمثيل، الرسم، الفن والأدب إلى جانب النشاطات الرياضية التي كانت وراء تنظيم تظاهرة رياضية تزامنت الألعاب الأولمبية الأخيرة بلندن، ماكان وقعه جد استثنائي وفعال على فئات التلاميذ الذين تخلصوا فعليا من الفراغ الذي يعتبر حسب المتحدثة من الأسباب المباشرة لتحطيم التلميذ والانحراف به صوب مسالك الجريمة والتفسخ الأخلاقي. وأوضحت المديرة أن التكفل الحسن والفعال بالتلاميذ لا يكون فقط بتوفير كفاءات تعليمية وإنما كذلك بتوفير مؤطرين متخصصين في الميدان الثقافي يقومون بتسطير برامج أنشطة ثقافية جديدة تبرز مختلف المواهب، وتكون ملاذا آمنا للتلميذ من عديد الظواهر السلبية التي تتقدمها عمليات استهلاك وترويج المخذرات في الأوساط التعليمية، واعتبرت مديرية ثانوية مبارك الميلي أن هذا الخطر حاليا هو أكبر تحد على الأساتذة والإدارة وكامل عمال المؤسسات التربوية التصدي له ومجابهته، علما أن احترام القوانين والصرامة في تطبيقها والسهر على ذلك عن طريق ضمان العمل الرقابي الناجع يمكن من فرض استقرار المؤسسة التعليمية التي تعتبر حاليا نقطة انتقاد واسعة بسبب ما يحدث يوميا في المدارس بمختلف أطوارها والراجع أساسا لعدم احترام قوانين هذه المؤسسات والعبث بها. وهيبة. ع
وجوه تربوية بوعلي صباح.. رمز النجاح والمهارة بمتوسطة زواغي إبراهيم بجيجل قليلون هم الأساتذة الذين يبادرون داخل المؤسسات التربوية للقيام بأعمال تربوية إضافية خارج إطار الدروس الروتينية التي يقدمونها لفائدة التلاميذ، ولعل من بين هؤلاء الأستاذة القديرة بوعلي صباح، التي تشتغل بمتوسطة زواغي إبراهيم الواقعة ببلدية أولاد رابح 80 كلم شرقي الولاية جيجل. تتنقل الأستاذة من بيتها الواقع ببلدية الميلية إلى المؤسسة المذكورة يوميا قاطعة 60 كلم ذهابا وإيابا، منذ تعيينها لأول مرة في سلك التدريس بموجب قرار رقم: 2669 الصادر بتاريخ: 25/10/2009، بصفة الاستخلاف في مادة اللغة العربية إلى أن ترسمت خلال السنة الفارطة ورغم حداثتها في سلك التعليم وبعدها عن المؤسسة، ومعاناتها باعتبارها تعمل في منطقة نائية ومرتفعة تتميز بشدة البرودة وتساقط الثلوج شتاء، إلا أن عطاءاتها البيداغوجية والتربوية تجاوزت كل ما هو مطلوب منها، وصارت نموذجا لزملائها بما فيهم الأساتذة القدماء حيث يشهد لها كل أفراد الأسرة التربوية في المؤسسة من تلاميذ وإداريين وأساتذة بالكفاءة والانضباط والمواظبة، ناهيك عن حسن تعاملها مع الجميع. وانطلاقا من مقولة في علم التربية فحواها أن أحسن من يقيم الأستاذ هو التلميذ، ارتأينا أن نستجوب تلميذين يدرسان في أحد الأفواج المسندة للأستاذة المعنية لكشف رأيهما في مردود أستاذة اللغة العربية، حيث أبرز التلميذ ”أعبكة شاكر” المتمدرس في السنة الأولى المتوسط وصاحب المعدل الفصلي:17.01 بأن الأستاذة تعد متفوقة جدا وفي قمة عطائها مع الفوج، وقال بهذا الخصوص ”تدرسنا بطريقة تربوية سهلة ومنهجية مرنة تجعلنا نفهم الدرس بسرعة، وتتعامل معنا بليونة إذ نحس وكأنها أم في البيت”، أما التلميذة ”سيباري ريمة” المتحصلة على المعدل الفصلي الأول: 16.45 فتركز على معاملتها مع التلاميذ، حيث أوضحت بأن الابتسامة لا تفارق الأستاذة طيلة الحصة، كما فرضت احترامنا لها بسبب كفاءتها إلى درجة أن كل فوج يتمنى أن يدرس عندها في بداية كل موسم دراسي. ونظرا لتفوق الأستاذة بوعلي صباح صاحبة 26 سنة، في مهمتها البيداغوجية والتربوية وإلحاح تلاميذ السنة الرابعة متوسط، ورضوخا لرغبتهم فقد أسند لها مدير المؤسسة أفواج الأقسام النهائية المقبلة على امتحانات شهادة التعليم المتوسط بهدف تحقيق نتائج حسنة في مادة اللغة العربية. وفي سياق ذي صلة، ثمّن مدير المؤسسة في تصريحه ل ”الفجر”، مبادرة الجريدة التي فتحت صدرها لأفراد الأسرة التربوية قصد نفض الغبار عن الموظفين في القطاع الذين يكافحون في صمت من أجل إيصال رسالتهم التربوية للنشء الصاعد بما يحقق الغايات التربوية للدولة الجزائرية، أما بخصوص رأيه في الأستاذة انطلاقا من موقعه كمسؤول للمؤسسة فقد أوضح بدون مبالغة بأنها تتوفر فيها جميع صفات المدرس الناجح من انضباط ومواظبة وعطاء، معترفا بقدراتها وكفاءاتها معرفيا ومنهجيا، و”الأكثر من هذا -كما أضاف لنا مدير المؤسسة- أن أهمية هذه الموظفة لا تكمن في مردودها داخل القسم، وفي النتائج التي حققتها في شهادة التعليم المتوسط خلال موسم 2011/2012، بحيث تحصل 112 تلميذ من بين 119 على معدل 10 وأكثر، وإنما في مساهمتها الفعالة في تنشيط المسابقات الفكرية وإنجاز المجلة الحائطية وكذا الإشراف على إعداد وإخراج مجلة ”النجاح” التي تصدر سنويا عن إدارة المؤسسة، ناهيك عن تأطير التلاميذ في الرحلات الترفيهية والخرجات التربوية، إنها بحق مثال للموظف الجاد، إذ كشفت لنا بأنها تريد أن تكون ”نبراسا ينير طريق جميع التلاميذ الذين تدرسهم”، مبرزة بكل تواضع بأن ”جهدها لايساوي ذرة من جهد الرجل النموذج الوفي لوطنه العلامة عبد الحميد بن باديس”.