كانت خيبة أمل الملايين من الجزائريين كبيرة وهم يتابعون بحسرة وألم توديع المنتخب الوطني لنهائيات كأس إفريقيا في وقت مبكر، وهو المنتخب الذي علقت عليه آمال كبيرة على الأقل بتكرار ما فعله المدرب الوطني السابق، الشيخ رابح سعدان، فلا الدولة ولا الاتحادية فرطت في واجبها أو قصرت في مهامها لتوفير كل سبل الراحة للمنتخب. بشهادة اللاعبين وفي مقدمتهم القائد، مهدي لحسن الذي اعترف في إحدى تصريحاته أنه لم يسبق له وأن عاش ظروفا ممتازة ورائعة أكثر من التي عاشها في جنوب إفريقيا، لكن في المقابل النتائج “على ما يجيب ربي”، وهكذا أرادها البوسني “وحيد حليلوزيتش” الذي دخل في صراع مع رجال الإعلام ومبعوثي الصحف إلى جنوب إفريقيا ليجني خسارة تلو الخسارة، ويكون بذلك قلب المناصر المسكين الذي صرف 70 مليون سنتيم من جيبه للتنقل إلى بلاد العم “مانديلا” ليعود خائبا ويبكي على التصرف الذي قام به. لا الطوغو ولا تونس كانوا ندا للجزائر وبالعودة إلى اللقاءين اللذين لعبهما المنتخب سواء المباراة الأولى أمام تونس أو الثانية أمام منتخب الطوغو، لايستطيع أحد أن ينكر بأن اللاعبين قدموا مباريات في القمة، ولكن المشكلة لم تكن فيهم وإنما في النظام التكتيكي الذي اعتمده حليلوزيتش، ففي المباراة الأولى تمادى كثيرا في اللعب الحذر، وهذا باعتماده على ثلاثة مسترجعين أمام المنتخب التونسي، كلفنا في النهاية خسرة قاسية على يد يوسف المساكني في (د89)، لتأتي رصاصة أو طلقة نارية في جسد المنتخب تصيبه في القلب وتدخله دوامة من المشاكل بعد تغلبه على أرمادة من النجوم يمتلكهم حليلوزيتش. الجميع يعترف بقوة الجزائر ولكن التسجيل “على ما يجيب ربي” لا أحد أيضا ينكر المردود والمستوى الرفيع الذي قدمه زملاء سفيان فغولي، ولكن في مقابلها فإن الأهداف أو من يحول سيطرة الجزائر إلى نتائج إيجابية غاب كلية عن “الكان”، فحينما ننظر إلى المحللين، التقنيين، الإعلاميين وأصحاب الاختصاص ونجمع آراءهم نرى أن الجزائر بحق قدمت مستوى جيدا في مباراتي تونس والطوغو، ولكن المشكلة كانت في حليلوزيتش الذي لم يعرف كيف يجد الصيغة اللازمة أو الحل الأنسب لحل مشكلة الهجوم. مليار كراتب شهري ولا يجلب الحلول الغريب في التصريحات التي يطلقها المدرب الوطني، وحيد حليلوزتش هو أنه في كل مرة يبحث عن الحلول بل يطلب من الناس إفادته بها، ولكن كان عليه أن يشتغل ويعمل ويجلب هو شخصيا الحلول، لأن الدولة الجزائرية هي من تدفع له راتبا يقارب المليار سنتيم شهريا، ولكن الحلول في كل مرة مؤجلة، وكأنه جاء ليملأء فراغ العارضة الفنية وفقط. رحلات سياحية، “تقلاش”، و”سفاري” والشعب بالسكر الجدير أيضا بنا ذكره هو أن المنتخب الوطني كان أول منتخب حطت أقدامه بجنوب إفريقيا، وكان ذلك في الثالث من شهر جانفي الفارط، وبعده بيوم واحد التحق به المنتخب المغربي، لكن الجزائر التي قضت أياما جميلة في جنوب إفريقيا ليس من ناحية العمل وإيجاد حلول للهجوم والضعف الذي ميز عناصرنا الوطنية، وإنما من حيث “التقلاش” و”التفشاش” والذي سحبه نزهات ترفيهية إلى “سفاري”، بينما من تنقل وخاض المغامرة إلى جنوب إفريقيا أو من بقي في بيته يتابع أحداث المنتخب فإن الحسرة كادت تقطع قلوبهم ويهم يرون ويتحسرون على المنتخب. ما فائدة البكاء إذا كانت النتائج غائبة؟ عقب نهاية لقاء الطوغو سهرة أول أمس ،لاحظنا درجة تأثر اللاعبين بالهزيمة والإقصاء المبكر للمنتخب، لدرجة بقي عدد كبير من اللاعبين يبكون على ما ضيعوه من فرص، ولكن المتعارف عليه هو أن البكاء أو الوقوف على الأطلال لا يفيد في شيء إذا لم تكن هناك عزيمة وإرادة أو نتائج إيجابية ترضي ملايين الجماهير، وعليه فإن الوقت قد حان ليطل علينا رئيس “الفاف” محمد روراوة بقرار رجولي يكشف فيه ما الذي سيقرره بشأن حليلوزيتش، كما يكشف ما صرفه على المنتخب وما حققه من نتائج، على الأقل يكون الشعب على وعي، وليس ككل مرة الخسائر تبقى تحرق فقط في الشعب المغلوب على أمره والمحاسبة تظل غائبة.