سكان الحاسي يعانون البطالة في العلن والموت في الخفاء 400 حفيد لمالك أرضية الحاسي في دوامة البطالة ساهمت التصرفات المشبوهة لمؤسسات أجنبية ناشطة بحاسي مسعود، خاصة تلك المحسوبة على عائلات الرئيس السوري وحرم شكيب خليل المشرقية الأصل بدفع ولاية ورقلة إلى انفجار اجتماعي وشيك بعاصمة شريان الاقتصاد الجزائري، حاسي مسعود، التي يعاني سكانها البطالة في العلن والأمراض والسموم القاتلة في الخفاء، كما تعاني عائلة روابح مسعود مكتشف الذهب الأسود بالمنطقة آفة البطالة على غرار عامة السكان... هي صور وأخرى عايشتها ”الفجر” وتنقلها إليكم من محيط حاسي مسعود في حلقتها الأولى. تبعد بلدية حاسي مسعود أو العاصمة البترولية عن مقر ولاية ورڤلة التي تعرف موجة احتجاجات البطالين بأزيد من 75 كلم جنوب الولاية، والوصول إلى البلدية لا يستغرق أكثر من 40 دقيقة على متن حافلات النقل العمومي، وصلنا محيط المنشآت النفطية فقط الذي يحوي بين جنباته أزيد من 1600 شركة، ولأن الوصول إلى العمق يتطلب رخصة مسبقة من طرف مؤسسة سوناطراك والمصالح المعنية. كان المكان تحت حراسة أمنية مشددة وهي الحالة العادية، لكن ارتفعت درجتها بعد الاعتداء الذي استهدف مركب الغاز بتيغنتورين الشهر ما قبل الماضي، حيث عززت وحدات الدرك الوطني وقوات الأمن وجودها ببلدية حاسي مسعود، خاصة الطرق المؤدية إلى المنشآت النفطية تحسبا لأي طارئ، وامتثالا للتدابير الأمنية الجديدة، كما رصدنا من هناك حراسة أمنية مشددة لعربات رباعية تقل إطارات أجنبية تشتغل في جنة الجزائر. مشاكل بالجملة ومطالب الشغل غطت على الأمراض الفتاكة وصلنا إلى بلدية حاسي مسعود في حدود الساعة الثالثة مساء، ولحسن الحظ تزامنت الرحلة مع أول أمسالجمعة، وهو اليوم التي تكثر فيه الحركية ما بين مقر ورڤلة وحاسي مسعود، خاصة من قبل العمال الوافدين من مختلف ولايات الوطن لقضاء حوائجهم، وهو اليوم الذي تكثر فيه أيضا عائدات سكان البلدية المادية من تجار وحرفيين وناقلين. لم يكن الشغل وحده هاجس المواطن بحاسي مسعود، حيث هناك مشاكل أخرى بالجملة، في مقدمتها الأمراض المزمنة كالربو والحساسية الجلدية والعصبية الناجمة عن إفرازات المحيط البترولي، وفي هذا الصدد نقل سكان المنطقة ل”الفجر” أن الأمراض أصبحت تفتك بهم في صمت، حيث تسجل مصالح الصحة سنويا عشرات الوفيات جراء فتك الأمراض المزمنة ذات العلاقة بالغازات الطاقوية، منها حالة وفاة ابن لحسن قدور السنة الماضية متأثرا بأزمة تنفسية، كما يعاني الشاب بن خولات أكرم من حساسية مفرطة، حسب تأكيد هذا الأخير ل”الفجر”، إلى جانب معاناة العديد من أزمة سكن على غرار معظم مناطق الوطن، وغياب المرافق الترفيهية، باستثناء تلك المتوفرة لعمال النفط وعائلاتهم. مكتب وعلاقة بحاشية خليل كافية لإنشاء شركات المناولة بدأت أزمة الشغل في قطاع البترول بحاسي مسعود، حسب العارفين بالملف، في حديثهم ل”الفجر”، على مرمى حجر من حقول النفط بالفوضى في فتح شركات مناولة، مهامها التوسط لدى المؤسسات الأم الأجنبية المستثمرة هناك لسد حاجياتها من مناصب الشغل، وهي الشركات التي انتشرت فيما بعد كالفطريات، فيكفي مثلا أن تحوز على مكتب مساحته 8 أمتار مربعة، كرسي، وعلاقة بحاشية وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، لمزاولة مثل هذا النشاط الذي أصبح فيما بعد ضاربا عرض الحائط بقوانين الوكالة الوطنية للتشغيل، إذ تؤكد آخر الإحصائيات الرسمية أن 700 شركة نفطية أجنبية لا تتعامل مع الوكالة الوطنية للتشغيل في فتح مناصب شغل، فتأسست شركات المناولة، منها ”نور التقوى” ومؤسسة ”أرسبي ”، وأخرى، وهي مؤسسات تدفع لها الشركات الأجنبية مبالغ بين 6 و8 ملايين سنتيم عن أبسط منصب، وهي تمنح بدورها في حدود 25 ألف دينار للعامل، حسب تصريحات بعض عمال المنطقة من أبنائها ل”الفجر” ككوتني عمار، كزاز سليمان، بن خولات أكرم وغيرهم. ومن خروقات هذه الشركات أو المقاولات التي أسسها فيما بعد حسب بعض العارفين بالملف إطارات من داخل المؤسسات الطاقوية، سواء عمومية أو خاصة أجنبية، حيث امتهن بعض السوريين الذين يشتغلون في مؤسسات مصرية وسورية يديرها أفراد ذوو قرابة بعائلة الرئيس السوري بشار الأسد. وهو نشاط بأسماء جزائرية مستعارة حسب شهادة الكثيرين ل”الفجر”، ومع تفريخ هذه الشركات قل فتح مناصب الشغل، حيث تمنح هذه الشركات منصبي شغل لفرد واحد، وتستلم هي مستحقات منصبين، إلى جانب إدارة ظهرها لأبناء المنطقة، والاستعانة باليد العاملة من الولايات الأخرى بطرق ملتوية ورشاوى، حتى أنه كانت تسند بعض الأعمال البسيطة سابقا قبل سنوات لمهاجرين أفارقة غير شرعيين حسب العديد من محدثينا. وواصلت هذه الشركات هيمنتها حسب نفس الشهادات بوضع شروط تعجيزية أمام أبناء المنطقة لمنح مناصب شغل، منها شرط التمكن من إتقان اللغات الأجنبية، والخبرة في مناصب بسيطة كعون أمن، أو عامل نظافة، وحتى أشغال الحلاقة والصيانة. مكاتب المناولة للتشغيل هي إحدى القنابل الذي دفعت بالشباب إلى الانفجار والخروج عن الصمت علها تلقى آذانا صاغية، لكن ومع الإجراءات الجديدة التي أقرتها الحكومة، أصبح الحديث عن كواليس التشغيل في الأيام القليلة الماضية بحاسي مسعود من الطابوهات، حيث سارعت العديد من هذه شركات المناولة إلى الاختفاء، خاصة تلك التي كانت تنشط في الخفاء أو السوق السوداء من خلال المساعدة في الحصول على منصب لكن بمقابل، خاصة بالنسبة للوظائف الفنية العالية التي تتطلب وساطات متينة، وحرمت بعض الوساطات أيضا شباب الجنوب من الحصول على القوت من خلال حل عقود خطوط النقل والنظافة التي كانت تربطهم بمؤسسات أجنبية لصالح مؤسسات خاصة يديرها أشخاص لهم صلة بمسؤولي شركات نفطية. عائلة مسعود تعاني البطالة في الحاسي لم يحرم بارونات التوظيف من العيش الكريم في جزائر الاستقلال شباب حاسي مسعود وبلديات ورڤلة فقط، بل طال سيف البطالة حتى أحفاد روابح مسعود الراعي الجزائري مكتشف آبار النفط بما تسمى اليوم منطقة حاسي مسعود خلال الفترة الاستعمارية، وبالضبط في نهاية الخمسينيات، حيث تعتبر العائلة من أفقر عائلات حاسي مسعود حسب شهادة ابنها ”روابح لخضر” 32 سنة الذي قال في لقاء مقتضب مع ”الفجر” إن عائلة روابح حفيدة سي مسعود هي الأخرى تعاني البطالة، وفي مقدمتها المتحدث الذي أوقفت مؤسسة ”إينافور” عقد عمله لمدة 6 أشهر منذ نهاية 2012، وهو الأمر نفسه بالنسبة لروابح العربي الذي قال إن عائلة مكتشف النفط تعاني البطالة ولم يمنح لها سوى أمراض الربو والحساسية. وحسب شهادة هذا الأخير فإن أكثر من 400 شاب بين 25 إلى 45 سنة من عرش العائلة يعاني دوامة البطالة، باستثناء فردين يعملان تقنيين بالدوام، وحسبه دائما فإن العديد من شباب العائلة طرد شر طردة من منصبه لدى مؤسسات أجنبية بالمنطقة دون تحريك أي ساكن. هكذا ينهب الأجانب خيرات الجزائر في حاسي مسعود لم تكن مؤسسات المناولة للتشغيل وحدها العامل الذي دفع شباب الجنوب للخروج عن صمتهم في وقفة احتجاجية سلمية، فشل أعداء الجزائر في تحوير مطالبها، بل أيضا ممارسات مؤسسات أجنبية نهبت واحتالت على نهب خيرات الجزائر بكثير من الثغرات القانونية سابقا، وقليل من الوساطات بحاشية وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل، وفي مقدمة هذه المؤسسات حسب الروايات المتداولة بكثرة مؤسسة ”ليد” السورية التي تملك العديد من الفروع، ويديرها ”رامي مخلوف” ابن أخت الرئيس السوري بشار الأسد، إلى جانب جاسم الإبراهيم من نفس العائلة، وهي الأسماء التي قيل إنها تملك علاقات قوية مع زوجة الوزير الأسبق للطاقة والمناجم شكيب خليل المشرقية الأصل، وهي المؤسسة السورية التي ارتكبت الكثير من التجاوزات القانونية، حسب شهادات كثيرين ل”الفجر”، حيث أصبحت لها شهرة في حاسي مسعود بصفة خاصة وولاية ورڤلة بصفة عامة، منها التجاوزات التي تضر بالاقتصاد الوطني أولا، وبالشعب الجزائري بأكلمه، كإعلان حالات الإفلاس كل فترة زمنية معينة للتهرب من الضرائب والحقوق التي تقع عليها تجاه الموظفين والسلطات، ومن الأمثلة على ذلك، حسب شهادة عمالها السابقين ل”الفجر”، إعلان فرع ”ليد” ثم ”مجمع عويس” أي مؤسسة ”جوجاك” الإفلاس وتهربها من دفع مستحقات العمال، كما أدلى به ل”الفجر” كزاز سليمان، 37 سنة، عامل تلحيم سابقا في المؤسسة ذاتها، حيث لم تقم بواجبها الاجتماعي للعمال بعد إعلان إفلاسها، كدفع العطل والعلاوات في مثل هذه الحالات، كما أسست ”ليد” السورية شركة مناولة للتوظيف بأسماء جزائرية مستعارة، منها ”جيسكو”، ومن ثم تعددت أرزاقها منها ما هو في العلن، وآخر في الخفاء على حساب متاعب الجزائريين. حقوق مهضومة وسواح أجانب ب40 مليون شهريا ولم تكن مؤسسة ”ليد” السورية وحدها التي تثقل كاهل الاقتصاد الجزائري وشباب ورڤلة والولايات المجاورة من الجنوب، بل معها العشرات من المؤسسات الإيطالية والأمريكية كمؤسسات ”أفا”، وشركة ”بوناتي”، حيث توظف هذه المؤسسات دون وجه حق موظفين أجانب خاصة من أوروبا بأجور تفوق 20 مليون سنتيم في أشغال تتفوق خبرة الجزائريين فيها بكثير، كأشغال الالتحاق ومراقبة التدفقات وغيرها، وهي المناصب التي تفتح لأبناء الجنوب بصفة مؤقتة خلال موسم الصيف لارتفاع درجة الحرارة، وعدم قدرة الأجانب على التكيف مع الطبيعية الصحراوية الحارة بأجور زهيدة، دون 5 ملايين سنتيم، بلا احتساب العطلة وباقي العلاوات. كما قامت الشركة بتوقيف كل من يمارس العمل النقابي، وهو حال ”كويتني رشيد” الذي طردته ”أفا” الإيطالية حسب تصريحه ل”الفجر”، بمجرد قيامه بمساع قانونية لتأسيس نقابة منضوية تحت راية الاتحاد العام للعمال الجزائريين، ومن خروقات الشركة أيضا، يضيف المتحدث، إلزام العمال بضمان 36 ساعة عمل أسبوعيا دون احتساب الساعات الإضافية، إلى جانب المعاملة السيئة والتلاعب في احتساب الأجر القاعدي للعمال، وعدم دفع علاوات الأمراض المهنية، وكل هذه التجاوزات تم إبلاغها إلى الأمين العام للمركزية النقابية، لكن دون أن تحرك هذه الأخيرة ساكنا يختم كويني عمار.