لا شيء حرك صفحات التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع مثلما فعلت مأساة قسنطينة، عدد كبير من الفاعلين الفايسبوكيين ظلوا لساعات طوال يعلنون عن وجعهم العميق، وعن عدم تقبلهم الظاهرة؟؟ ما الذي يحدث في الجزائر..؟؟ هل هان أطفالنا على المسؤولين في هذه البلاد..؟؟ من ”الفجر الثقافي” جمعنا لكم كلمة المثقف الجزائري حول قضية اختطاف الأطفال.. هي محاولة جادة من أجل تصعيد حقيقي للظاهرة التي نرفض أن تندس داخل مجتمعنا وتصير مثل الصفحة الأخيرة للجرائد اليومية التي تحمل أخبار الذبح والتنكيل. يقول جبران خليل جبران: أبناؤكم ليسوا أبناءكم/ هم أبناء الحياة. فهل تستحيل الحياة في هذا الوطن؟
نرفض الاستثمارات الإعلامية الرديئة لأوجاعنا وأطفالنا ”ظاهرة اختطاف الأطفال واغتصابهم والتنكيل بأجسادهم وقتلهم هي جريمة في كل الأعراف الإنسانية جريمة كبرى لا يمكن السكوت عنها، والذي حدث عندنا في الأسابيع القليلة الماضية لم يأت من عدم، إنه نتيجة لتراكم أزمات اجتماعية ونفسية وأمنية أدت إلى تحويل هذه المآسي إلى استثمارات إعلامية رديئة تزيد الطين بلة أكثر ما تداوي الحالة، أو حتى في أحسن الأحوال الكشف عن أسبابها الحقيقية.. وقد أتاحت لي المتابعة البسيطة للتناول الإعلامي عندنا حول هذه الظاهرة المعالجة الإعلامية التي تسعى للإثارة لا غير، واستغلال الموضوع بطريقة بدائية، لأن أخطر ما تواجهه الجزائر هو الغياب التام للعلوم الإنسانية من علم نفس وتفرعاته وعلم اجتماع وتخصصاته عن الحياة العامة.. فظاهرة خطيرة مثل هذه الوحيدون الذين يحق لهم الحديث حولها هم أهل العلم والمعرفة وليس الصحافة الصفراء. الأخطر من كل هذا أن الدولة ممثلة في مؤسساتها تنسحب من الموضوع تماما وتترك للشارع وللصحافة الصفراء الحق في الحديث والتقييم والتنديد.. هذه الظاهرة الخطيرة مسؤولية الدولة لأنها المتسبب الرئيسي في هذا من خلال الإهمال الكلي للطفل في كل استراتيجياتها المزعومة.. أطفال البوادي والقرى مازالوا يقطعون المسافات الطويلة للوصول إلى مدارسهم في قرّ الشتاء، والأمراض المنقرضة من جرب وما شابه تنتشر في مدارس البوادي بأرقام مهولة.. الدولة مطالبة بالتوقف لحظة عن كل مشاريعها الدونكيشوتية والالتفات إلى هذا الخطر والالتفات إلى أطفال الجزائر في البوادي والقرى وفي مدن الصفيح على أطراف المدن وفي أحياء ”الأوبيجيي” التي تشبه محتشدات اللاجئين في الغرب . الدولة مسؤولة مسؤولية كاملة عن حياة مواطنيها، فما بالك بحياة الأطفال؟؟. الشاعر: عبد الله الهامل
استقلال الجزائر ناقص إذا كان هناك طفل واحد مهدد في أمنه وسلامته ”استقلال الجزائر ناقص وثورتنا لم تحقق أهدافها إذا كان هناك طفل جزائري واحد مهدد في أمنه وسلامته في أي بقعة من الجزائر”. أنا جزائرية أو جزائري مطحون فقير لا أملك سيارة لنقل أطفالي للمدرسة وإلى البيت، ولا أملك مالا كافيا لتامين تأجير سيارة لهم في الصباح والمساء، وأنا أقيم في مدينة بعيدة عن عائلتي الكبيرة فلا أحد هنا يستطيع مساعدتي في حماية أطفالي أثناء ذهابهم أو عودتهم من المدرسة.. طيب ما هو الحل؟؟ هل يتوقف أولادي عن الذهاب إلى المدرسة لأن حياتهم أهم من تعليمهم؟؟ هذا ما يفكر فيه كثيرون الآن وهناك من قد اختار هذا وفعل.. هل أتوقف أنا الأم أو الأب عن العمل لحمايتهم، وفي حال كان هذا هو الخيار من سيعيلني ويعيلهم بعد يوم أو يومين من انقطاع الراتب، ومن سيأويهم بعد التوقف عن دفع إيجار البيت بعد حين؟؟ هنا تظهر للعيان مسؤولية كيان اسمه الدولة، وإن اختارت هذه الغياب هناك كيان آخر اسمه ”الجماعة”. أعتقد أنه وبعد الله لم يبق لأطفال الجزائريين سوى ما تبقى من روح الجماعة والشهامة التي أؤمن يقينا أنها لن تموت في الكيان الجزائري، احموا أطفالكم بأنفسكم لأنهم أطفالنا أولا وثانيا لأنهم المستقبل الأمة.. والأمة التي لا يكون فيها الأطفال آمنين أمة ستشيخ باكرا وباكرا جدا. لن نكون أمة جديرة بالحياة ما لم نجعل من أطفالنا كل شيء في حياتنا، لن نكون أمة جديرة بالحياة إذا كان أطفالنا غير آمنين في مدارسهم وبيوتهم وساحات لعبهم، إننا أمة تكذب على نفسها وعلى بقية العالم عندما تقول أنها بخير، ماذا ستقول كل أم لطفلها هذا المساء بعد مقتل الطفلين هارون وإبراهيم في قسنطينة، وبتلك البشاعة المسيئة إلى الكرامة الآدمية، ماذا سيقول كل أب لخوفه المقيم في قلبه وبأي وجه سينظر في عيون أطفاله، في الحياة ما هو أهم من جمع المال يا أبناء وطني العزيز، مقتل طفل واحد في جريمة اختطاف واغتصاب هو قتل لأمة كاملة.. وعينا ذلك أو تجاهلناه.. ومقتل طفلين في جريمة اختطاف واغتصاب واحدة هو فقدان أمة كاملة لوعيها أعلنت ذلك أو غطته بالكذب عن الذات والآخر.. عذرا لكم أطفال ”قسنطينة” لا نعرف كيف نحمي براءتكم من الاغتصاب ولا حريتكم في الفرح واللعب.. كلكم مهددون اليوم بحالة اختطاف ما، ”ابراهيم” و”هارون”.. عصفوران جميلان هما قطعا في رضوان الله الآن ولقسنطينة وكافة مدن الجزائر من بعدها.. حيرة سؤال الطفولة الملح على مدار الساعة.. لماذا ؟؟ولماذا؟؟. الإعلامي والروائي: رابح فيلالي
مرثية من جمهور الفايس بوك خطفوك يا وليدي خطفوك قطعوك وطيشوك ميت لحجري جابوك صبري لربي لكبير.. يا وليدي قولي واش ذنبك حتى هكا يديرولك يديوك و يحرموني منك خلاو الكبدة شاعلة.. يا آخر مرة مرة شفتك وانت تلعب مع صاحبك لو دريت هكا تصرا لك نخبيك في قلبي الداخل.. واش من قلب عطاهم طفل صغير ما غاضهم اداوه و دارو فيه رايهم ما خافوش من ربي.. الموت قليل في عقابهم غدوا كي يجي حسابهم نطلب ربي يحرقهم كيما حرقولي قلبي ربي يرحمهم او يعطي صبر لولديهم
يا للرعب الذي يستوطن كيان كل أب وكل أم جزائرية! أحاول، على مغص شديد قاضم لأحشائي، أن أكتب هذه الكلمات عما صار يسمى، ببالغ الأسف، ظاهرة: ظاهرة اختطاف الأطفال واغتصابهم والتنكيل بهم؛ فلذات أكبادنا: أبناء وإخوة وأهلا ومواطنين صغارا قادمين إلى جزائرهم الجميلة، التي الآن أحس ترابها يبكيهم قبل أهليهم. وها وطنهم يخسر فيهم قيمة الله وحده يعلم درجتها. كان لذويهم أن لا يبكوا عجزا لو أن الله أخذهم إليه بغير ما أنهيت به حياتهم على يد جلادين بأقسى درجات الظلم والبربرية. بعض الحيوانات قد تفترس طفلا لأنه كان في مجالها. ولكن أشرس تلك الحيوانات لا تختطف، لا تغتصب، لا تنكل. كل صورة للطفلين وقبلهما للطفلة، في أي صحيفة على أي واسطة إعلامية أخرى، كانت تسبب لي دوارا حد الغثيان. لا أستطيع ذكر أسمائهم. لايزال قلبي يتفطر إذ أتصورهم أبنائي شخصيا، يا لنار الحزن التي تآكل قلوب ذويهم، يا للرعب الذي يستوطن الآن كيان كل أب وكل أم جزائرية! ما الذي يحل بنا؟ أي لعنة أخرى هذه التي تصيبنا؟ الآن، وأكثر مما سبق لنا في توهاننا خلال العشرين سنة الماضية، يشعر الجزائريون أنهم متروكون لقدرهم مثل منبوذين؛ بلا أم هي الدولة الحامية الحاضنة، بلا أب هو الرئيس الذي يتمثلون فيه سيادتهم. أي قوة هذه التي تريد لنا أن نعيش خارج العائلة؟ أي صمت مذنب هذا الذي تلتزمه مؤسسات رسمية، من وظيفتها وواجبها أن تشعر المواطنين، بفعالية أجهزتها، أنهم في مأمن على أرواحهم وأملاكهم وحرياته؟ لا، لن يرى الجزائريون اغتصاب أطفالهم وذبحهم عملا معزولا، أبدا؛ مهما تكن التبريرات الرسمية. ولن تكون آثار المحنة الوطنية أحد التفسيرات لذلك، لا أبدا. يستطيع الجزائريون أن يتفهموا الأمر كذلك لو أنهم كانوا يشعرون بحضور دولة تحميهم وبوقوف رئيس، مثل أب حقيقي، كما هم رؤساء الدول الذين يحترمون مواطنيهم، إلى جانبهم يتحسس جراحهم ويواسيهم في أحزانهم. تعازي الحارة لعائلات الأطفال المذبوحين، ومواساتي لأصدقائهم الصغار، الذين سيظلون لسنين لا يصدقون أن من كانوا يجلسون جنبهم على مقعد الدراسة، أو يقاسمونهم هذه اللعبة أو تلك، لن يعودوا أبدا، لن يلتقوهم أبدا. يا الله، ما أشدها قسوة على قلوبهم؛ هم الأطفال، هم البراءة! الروائي: لحبيب السايح مؤسف أن تدفع البراءة ثمن جنون المجتمع وانهيار قيمه..! ظاهرة اختطاف الأطفال ظاهرة طارئة، استفحلت في الآونة الأخيرة في الجزائر، وأصبحت هاجسا يؤرق الأولياء. وجريمة خطيرة يدق لها المسؤولون والمختصون النواقيس، من الانتقام إلى الابتزاز إلى الاغتصاب، تتعدد الأهداف والهم واحد، طفولة مستباحة لنزوات الكبار. مؤسف أن تدفع الطفولة الجزائرية البريئة، المحرومة من بعض حقوقها، ثمن جنون مجتمع وأمراضه وعقده، وانهيار قيمه. أن يصبح الأطفال،هدفا لتصفية حسابات الكبار، من الأقارب والجيران والعصابات الإجرامية المنظمة، يعني هذا أن المجتمع فقد كثيرا من إنسانيته وأخلاقه وحكمته وتوازنه. كان يمكن أن تصفى كل الحسابات والانتقامات، بين الكبار ولا تطال هذه الفئة البريئة التي تتطلع إلى الحياة ببراءة. إن الطفولة الجزائرية البريئة تواجه اليوم تحديا كبيرا بانتهاك أحد حقوق مواطنتها وهو الحق في الحياة، ولهذا لابد أن يتكاتف الجميع من إعلاميين ومثقفين وقانونيين ومختصين لتفعيل مخطط وطني لرعاية الطفولة، وذلك بتوعية المجتمع بخطورة ما يحدث لطفل اليوم مواطن الغد، ويتوج ذلك بإعادة النظر في بعض مواد قانون العقوبات التي تردع كل من تسول لهم أنفسهم المساس بحقوق الأطفال وكرامتهم، داخل الأسرة وخارجها. الروائي: كمال قرور نفسيات أطفالنا الأبرياء انكسرت بشكل غير مسبوق أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض، وهم نقطة ضعفنا، صرنا نتحسّس وجودهم بين الحين والحين، نرافقهم في ذهابهم إلى المدارس وعودتهم منها، أنا مصدوم الإحساس عاجز عن تصوّر هذه القسوة والوحشيّة لا احتمل فعلا أن أطيل التفكير في ما حدث من جرائم في حقّ أطفالنا الأبرياء، كان آخر حلقاتها الجريمة التي ارتكبت في حقّ الطفلين إبراهيم وهارون .. نستطيع أن نجد مبرّرات لكل أنواع العنف الأخرى التي ابتكرتها النزعة التدميرية في الإنسان، تحت أغطية ومسمّيات مختلفة، بعضها سياسي وبعضها عقائدي، وبعضها اجتماعي المنطلقات لكن هذا العنف الممارس ضد الأطفال لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال ، إلا انه سلوك غير سويّ بالإطلاق مناف للروح الإنسانية .. يذكّرنا بتلك السلوكيات الجاهليّة التي أدانها القرآن الكريم إدانة بالغة وبليغة في قول الله تعالى:{وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت}.. كذلك حال ضحايانا من الأطفال اليوم، بأي ذنب يقتلون؟. أجدني في حالة هشاشة وضعف كبيرين أمام ذلك الرّهاب والخوف الذي أصبح يسكن عيون أطفالي و الأطفال الذين ألتقيهم في المدرسة والشارع، هناك أسئلة إدانة بليغة في عيونهم لا يستطيع طفل الشارع اليوم أن يبادلك الابتسامة كما في السابق، لأنه يتوجّس من كل شخص غريب يبتسم له أو يربّت على كتفه أو يتحدث إليه أو يقترب منه، لأنه صار يرى فيه قاتلا محتملا. نفسيات أطفالنا الأبرياء انكسرت بشكل غير مسبوق في التاريخ، لم يعد معه هذا النوع من الجرائم حالات معزولة، بل صار موضة جزائرية الطابع، إذا لم تستح فاخطف طفلا واقتله وضعه في كيس وارمه في أي مكان لجمع النفايات.. مجتمعنا ورأينا العام اليوم مطالب بإلحاح بتحمّل مسؤوليته دون أي تأجيل أو تبرير، بما يضع حدّا لهذا المسلسل الهتشكوكي المرعب. ومن جهة أخرى نحن مطالبون بالتكفل النفسي الكفيل بترميم هذه الأرواح البريئة التي انكسرت مثل البلوّر، بما يعيد لها طمأنينتها وبراءتها، ويبعد عنها كوابيس الاختطاف والقتل؟ الشاعر: أحمد عبد الكريم