إعادة النظر في الأسئلة المطروحة أخذت فضيحة ”الغش الجماعي” التي عرفها امتحان شهادة البكالوريا لدورة جوان 2013 في مادة الفلسفة، أبعادا خطيرة حركت مختلف الشركاء الاجتماعيين لدق ناقوس الخطر، واقتراح سبل من شأنها إعادة النظر في كيفية تسيير هذا الامتحان الكفيلة بإعادة المصداقية لشهادة البكالوريا، عبر اعتماد أجهزة تشويش على الهواتف النقالة أثناء الامتحانات، وإعادة النظر في الأسئلة المطروحة مع نقل المترشحين الأحرار للاجتياز خارج الولاية. وجاءت المقترحات التي رفعها الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية إلى المسؤول الأول عن وزارة التربية، في ظل التسيب والفوضى التي عرفها امتحان شهادة البكالوريا هذا الموسم دون غيرها، وما شهدته مراكزها من غش جماعي وعدم تحكم في التأطير، والتي قال عقبها بوجناح عبد الكريم إن ”أياد خفية تقف وراء محاولة زعزعة القطاع”. وأكد بوجناح في تقرير حول موضوع ”الامتحانات المدرسية” تسلمت ”الفجر” نسخة منه أنه ”في الوقت الذي يتطلع فيه المربون بمختلف الأطوار التعليمية إلى ضرورة توفير الحماية الكافية لما يتعرضون له من ضغوطات نفسية، واستفزازات معنوية تخدش مشاعرهم، لا تزال الوزارة عاجزة عن إيجاد التدابير اللازمة لحماية المعلمين الحراس والحفاظ على مصداقية الامتحانات المدرسية”. ونددت النقابة الوطنية لعمال التربية على لسان أمينها العام بتلك ”المحاولات اليائسة الصادرة عن بعض الأطراف لإفساد امتحان شهادة البكالوريا”، مثنيا على ”جميع المربين الذين أفشلوا تلك المخططات”، وداعيا الوصاية إلى ”التطبيق الصارم للنصوص، واستبعاد كل من أسهم أو حاول تمييع الامتحان الوطني، وفي مقدمتهم التلاميذ الذين شاركوا في الغش الجماعي واعتدوا على المعلمين والأساتذة الحراس”. وأكد المتحدث أن النقابة الوطنية لعمال التربية تطالب الوزارة ب”وقف التنازلات المجانية على حساب مصداقية المدرسة الجزائرية كما تلح على ضرورة معالجة الخلل وفق تصور يضمن تكافىء الفرص بين مختلف المترشحين” ، مبينا أن نقابته من خلال أمانتها الوطنية ”وبغية إخماد الظاهرة في مهدها تدعو وزير التربية شخصيا إلى التعجيل بمقاضاة كل المترشحين الذين اعتدوا لفظيا وجسديا على أساتذتنا ومعلمينا الحراس، وتطالبه بالاعتذار رسميا للمعلمين والأساتذة الذين تعرضوا للاعتداء السافر”. وفي ظل ”التجاوزات” التي حصلت، أشار بوجناح إلى جملة من الاقتراحات التي من شأنها إعادة المصداقية للبكالوريا، منها دعوات إلى ”الاستفادة من التقنيات الحديثة وتجهيز المراكز بوسائل التشويش على الهواتف النقالة أثناء الامتحانات، وتثمين ورفع قيمة منحة الحضور للحراسة التي يخصصها الديوان للمشاركين في عملية التأطير، فالحراسة لا تقل أهمية عن المهام الأخرى وهذا بالنظر لما يتعرض له الحراس”. واقترح بوجناح كذلك ”تعيين رؤساء المراكز ونوابهم وأعضاء أمانتهم من خارج الولاية عوض اللجوء لخيار تنقل الآلآف من الملاحظين على حساب تأطير الحراسة، وسن قوانين ردعية تحافظ على مصداقية الامتحانات المدرسية وتكون كفيلة بردع المفسدين المتاجرين بمستقبل الطلبة”، قائلا في هذا السياق إنه ”ولضمان السير الحسن بمراكز الامتحان الخاصة بالمترشحين الأحرار نقترح تنظيمها خارج الولاية ورفع حقوق الترشح”. وشدد الأمين العام لنقابة عمال التربية على إعادة النظر في عمل لجان إعداد أسئلة الامتحانات المدرسية والاستفادة من تجارب خبراء وأكادميي التعليم العالي، ومطالبة واضعي الأسئلة بالابتعاد عن الأسئلة التعجيزية، مع التشديد على إلغاء العتبة، وتحديد الدروس للحصول على ملمح التخرج متوافقا مع أهداف وغايات نهاية مرحلة التعليم الثانوي. و”من أهم العوامل التي جعلت مستوى الشهادة تعرف تراجعا هو انتشار الدروس الخصوصية”، على حد قول بوجناح الذي دعا إلى مكافحة ظاهرة انتشار ما سماه ب”مستودعات الدروس الخصوصية والتوقعات خاصة وأنها تعمل بعيدا عن أعين الرقابة وتقوم بجمع الأموال مقابل توقعات الأسئلة”، مع التركيز على تفعيل دور خلايا الإعلام على مستوى الوازرة وفتح قنوات تواصل مع الأولياء والتلاميذ لتفويت الفرصة على العابثين بمستقبل الأجيال في صفحات التواصل الاجتماعي، مؤكدا في الأخير أن ”هذه المقترحات التي ستكون حتما كفيلة بعودة المصداقية للامتحانات المدرسية”، وهذا قبل أن ينوه بعمال قطاع التربية الذين تحملوا مسؤولياتهم وأسهموا في ”تفويت الفرصة على المندسين المأجورين، الراغبين في إثارة البلبلة والعبث بمستقبل الطلبة”.