وظيفة البيت الأولى الحفاظ على الإيمان والعبادة والخُلق الشريف والمسلك القويم والتقاليد الراشدة والمثل العالية! والأبوان شركاء في أداء هذه الوظيفة ونصيب الأم منه ضخم ثقيل.. وعلى الرجل وهو يفكر في الزواج أن يعرف هذه الحقيقة، ومن المجون أن يكون الزواج انحصارا في إدراك الشهوات وطلب المتاع.. إن هناك من يعيش ليأكل! أشرف منه بداهة من يأكل ليعيش! ونحن نعرف عرام الغريزة وحدة صوتها! إن التنفيس عنها مطلوب وسوف يتم على عجل أو على مهل، وتجيء آثاره المحتومة ذرية بعد ذرية فإن لم نحسن التربية والعناية فلن نحرر من الكمال البشري سهما، وسنعقب أولادا كثيرين يكونون علفًا لمدافع الأعداء أو هشيما تحت دباباتهم وطائراتهم المهم إنشاء أجيال زاكية ذكية ناشطة قوية تقود، تهوى الصلاح وتكره الفساد. وأول اللبنات في هذا البناء انتقاء الأمهات، فإن ذلك أدنى إلى ارتقاب ثمر ناضج طيب قال تعالى:{والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا}. وارتقاب الخير من البيوت الشريفة معروف من قديم، وهو سر دهشة الناس عندما رأوا مريم حملت من غير زواج فقالوا: {يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا}، ولم يُعرف أن هناك خارق للعادات حتى نطق الطفل المعجزة، قال:{إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا}. وفي الحديث “الناس معادن”، والشعور بهذه الحقيقة جعلنا نقبل حديثين ضعيفين في الموضع نشرحهما “تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس”، “إياكم وخضراء الدمن قالو: وما خضراء الدمن؟ قال المرأة الجميلة في المنبت السوء”. وقديما قال الشاعر: على وجه مي مسحة من ملاحة وتحت الثياب الخزي لو كان باديا ألم تر أن الماء يكدر طعمه وإن كان لون الماء أبيض صافيا وجاء في الحديث: “تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك”. والناس اليوم يتطلعون إلى ذات الغنى، ويتنافسون على الجمال وحسب لكن ما قيمة بيت يبنى على هذا الجرف المنهار؟ إن الزواج وسيلة لا غاية!، وسيلة لامتداد النوع الإنساني العالي،وليس مقرا فقط لإشباع النهمة،وتحصيل المتعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة”. أترى هذه الزوجة تنبت في المجتمع من غير إعداد وعناية؟ أيمكن أن يكون نبتا يطلع من تلقاء نفسه في بيئة يسود فيها الجهل والتخلف؟ وتحرم عليها الثقافة الواسعة؟.