ماذا يريد الرئيس الجديد لحركة حمس، وشريك رئيسها السابق في التجارة والمغامرة؟ وما الذي يرمي مقري للوصول إليه بهذا الخطاب العدائي الذي يذكرنا بخطابات علي بلحاج وعباسي مدني بداية تسعينيات القرن الماضي؟! من حق مقري أن يغسل الحركة من دنس سياسة أبو جرة، ومن إرث نحناح الذي قبل المتاجرة بالمواقف والمبادئ مع السلطة، لكن ليس بمناصبة العداء للغير. خطاب مقري الذي ينفث سموما وحقدا لن يوصله إلى شيء، فقط سيفتح باب جهنم على صاحبه. وليس بهذه الطريقة يمكنه تطهير الحركة من الفساد الذي أغرقت فيه، عندما قبلت رشوة السلطة بالمناصب والامتيازات لما شاركت في الحكم، وأيدت خيارات السلطة وعقدت معها التحالفات. ماذا لو سألت السلطة مقري الذي يشارك أبو جرة في استثمارات في المسيلة، من أين لك هذا؟ فهل سيرد الرجل بالدعوة إلى الجهاد، مثلما هي متورطة الحركة فيه سرا هذه الأيام، بدعم تنقل شباب جزائريين للجهاد في سوريا؟! ليس بهذه الطريقة يمكنه تخليص الحركة من ”زنوة” التقرب من السلطة والثراء على حساب مناضليها، إن كان هو نسي، السلطة أذكى منه بكثير وبإمكانها إخراج الورقة الرابحة في أي وقت، فاللعبة صعبة، والرجل أخرج أوراقه مبكرا، وليس مستبعدا أن تحرق في يده، قبل إلقائها على طاولة القمار السياسي. هل هو أذكى من الغنوشي، الذي رغم أنه جاء للتوسط بين الأحزاب الإسلامية لتوحيد صفوفه، عرف من أين تؤكل الكتف، فهو يعرف مدى قدرة السلطة في الجزائر على حرق الأوراق والأغنام الشاردة، ولذلك حاول إرسال رسائل مشفرة إلى المسؤولين الجزائريين ليس فقط بتمنيه الشفاء العاجل للرئيس، أو باعترافه بجميل الجزائر معه سنوات التيه السياسي والمنفى، وإنما تدارك حتى تصريحات نسبت إليه وسحب دعمه لترشيح مقري لرئاسيات 2014، وقال إن للجزائر رئيسا وهو بوتفليقة، ربما لأن التصريحات التي نسبت إليه عن حق أو باطل سدت في وجهه أبواب المسؤولين، وهو الذي جاء مرفوقا بوفد من أصهاره وأقاربه يبحث عن مكاسب اقتصادية واستثمارات تماما مثلما هي عادة الإخوان المسلمين الذين لا يهمهم إلا التجارة ولو بالمبادئ والمواقف؟ كنت أظن أن مقري أذكى من هذا، وأنه يشكل الاعتدال في الحركة التي أكلت أبناءها في عملية تقربها من السلطة بحثا عن حماية لها من شر السلفيين وحقد مناضلي الفيس الذين حاربوها مثلما حاربوا السلطة في الجزائر، لكن بدا متسرعا حتى لا أقول متهورا من خلال رغبته الجامحة لملء الفراغ الذي تركته الحركة منذ رحيل نحناح. لكن...