طوّقت قوّات الأمن المغربية أوّل أمس، مدينة تارجيست الواقعة في قلب الرّيف، والتّابعة لإقليم الحسيمة تاونات، لاحتواء مظاهرة حاشدة بعيدة عن السياسة، نظمها شباب المدينة، الذين يعانون التّهميش والحرمان، استجابة لدعوة حركة متابعة الشأن المحلي بتارجيست والنواحي، للمطالبة بالعدالة الاجتماعية. وإثرها، سارع أمن المخزن إلى فرض حظر التجوال في الشوارع الرئيسية للمدينة، وباشر حملات مداهمات وتعنيف واعتقالات بالجملة، في صفوف العائلات لاقتياد الشباب إلى مراكز الأمن لاستنطاقهم، نتجت عنها إصابات متفاوتة الخطورة، مما أدى بعديد الشباب إلى الفرار والاحتماء بمخابئ في الجبال المتاخمة للمدينة خوفا من الاعتقال. وعبّر المحتجون عن جمّ غضبهم من تعاطي أمن المخزن مع الاحتجاجات، التي عبروا خلالها عن مطالب اجتماعية عادلة، لا علاقة لها بالسياسة، مؤكدين في ذات الوقت، أنّ ما دفعهم للتجمهر والتظاهر هو الحيف والتهميش المفروض على المنطقة، وحالة الإقصاء التي يعيشونها، واستفحال غول الفساد الذي أتى على البشر و الشجر والحجر. وتجدر الاشارة، أنّها ليست المرّة الأولى التي يثور فيها الرّيف المغربي على المخزن، بسبب تدنى مستوى الحياة فيه، حيث سبقتها مظاهرات خرجت من بني بوعياش، وهي إحدى قرى إقليم الحسيمة وإمزورن وبوكيدان، نزل خلالها السكّان إلى الشوارع للاحتجاج على تهميش منطقتهم، لكنها قوبلت بالعنف. فوفقا لشهادات متظاهرين وتقارير أصدرتها منظمات غير حكومية محلية تنشط في مجال حقوق الإنسان، فإن قوات المخزن استخدمت القوة المفرطة لقمع المتظاهرين. وأشارت شهادات ناشطين إلى ارتكاب قوات الأمن أعمال نهب وسطو خلال تدخلها، مما دفع عدة أحزاب وجمعيات إلى التنديد بهذه التجاوزات والمطالبة بفتح تحقيق. شهدت منطقة الريف عام 1985 انتفاضة عارمة على السياسة المجحفة للحكم الملكي، قمعتها القوات المسلحة الملكية بعنف. ومنذ تلك الأحداث ظلت منطقة الرّيف خلال فترة حكم الحسن الثاني معزولة عن البلد سواء من ناحية النقل أو من ناحية سياسات التنمية.