في صفقة مقترحة محتشمة مابين مصر وروسيا للتزود بسلاح قيمته مليارا دولار تمولها السعودية، وصفقة أخرى قيمتها خمسة مليارات تمولها الإمارات، أو لعلها نفس الصفقة وهذا يذكرا بانتفاضة عبد الناصر في الستينات عندما عقد صفقة تسلح مع تشيكوسلوفاكيا، وكان لتلك الصفقة في حينه مؤشرات سياسية تنبي بأن مصر استعادت قرارها وأعلنت استقلاليتها في اتخاذ القرارات المناسبة والمنسجمة مع حريتها في اتخاذ القار الإستراتيجي والسياسي، فقامت قيامة الغرب في حينه ولم تقعد حتى انتهت بعدوانين الأول عام 56 وشاركت فيه بريطانيا وفرنسا إلى جانب إسرائيل، أما الثاني فقامت به إسرائيل بالتحالف مع جواسيس مصريين من داخل النظام، وكانت النتيجة استشهاد عبد الناصر والاعتراف بإسرائيل، ذلك الاعتراف الذي فصل مصر عن عالمها العربي وجعل إسرائيل تتفرد في موازين القوى بعدما اعترفت بها دول عربية كثيرة بتدبير خليجي أمريكي، واليوم يبدو أن السيسي قد عقد العزم على استعادة مصر لدورها الطليعي، ولكن باحتشام وعبر طريق محفوف بالمخاطر، فالصفقة المقترحة لا تتجاوز في مجملها السبعة مليارات من الدولارات تكفلت على مايبدو السعودية باثنين منها أما دولة الإمارات فقد تكفلت بالباقي ولكن على مدى خمس سنوات، فماذا تعني تلك الصفقة ؟ يقول الخبراء والمراقبون أنه لا قيمة لها تذكر لسببين : السبب الأول أنها حددت مدتها الزمنية بخمس سنوات وهذا مايمكن له أن يفقدها قيمتها من الجوانب التقنية فضلا عن أن موازين السباق على التسلح لا تجعل مصر متوازنة في مواجهة العدو التقليدي للعرب وهو إسرائيل رغما عن أنف أمريكا، أما الثاني فإن أمريكا تكون أعطت الضوء الأخضر للممول الذي لا يقوم بالتمويل ما لم ينسق مع حليفه الأكبر، وهذه الأمور معروفة ! ومن جهة ثانية فإن المراقبين يقارنون بين ماعقدته كل من السعودية والإمارات من صفقات للتسلح بلغت قيمتها 160 مليار دولار دون أن يكون لهما حدود مع الصهاينة ودون أن يكون لهما من التقنيين ما يمكنهم من التعامل مع هذه الأسلحة بحيث أن معظم هؤلاء أجانب وأوروبيون على وجد التحديد وربما أمريكيون !.... وبنظرة فاحصة نرى أن التوجه الغربي من جهة، والخليجي غير المستقل بقراراته من جهة أخرى، يؤكد على أن “البغلة لابد وأن يتم إدخالها في الإبريق أو من عنق الزجاجة” لإقناع العالم العربي بأن إيران هي العدو الرئيسي للعرب وليس إسرائيل ! وهنا تعقد المقارنة بين ما سمح لمصر أن تتسلح به وباحتشام لمواجهة العدو التقليدي للأمة العربية وبين ما سمح ”حلفاء” أمريكا بالتسلح به في مواجهة العدو المقترح أمريكيا وصهيونيا وهو إيران.. وهكذا نقرأ ويقرأ الخبراء والمراقبون الآخرون الحدث بكل أبعاده وحيثياته..