قمة اقتصادية عربية إفريقية في الكويت، الثالثة من نوعها في هذا الفضاء الجغرافي الكبير والذي تلتقي فيه إفريقيا بالعالم العربي عبر جملة من البلدان العربية من مصر إلى المغرب، مرورا بالجزائر التي تعد الآن أكبر البلدان الإفريقية مساحة، وبتونس ولن ننسى الصومال وجيبوتي في القرن الإفريقي. القمة اتخذت لها شعار “التنمية والاستثمار”، وهو شعار لا شك أنه يسيل الكثير من اللعاب في إفريقيا تحديدا، هذه القارة التي ما زالت تنتظر فرصتها في تنمية حقيقية، وترنو إلى استثمارات تتدفق وبقوة لمساعدة شعوبها على التغلب على ما تعانيه من فقر ومرض ومجاعات. نعم ما زالت الصورة المرسومة في مخيلة شعوب المنطقة وكل شعوب الأرض، مرادفة لصورة طفل إفريقي أسود منتفخ البطن، لا يحمل على جسده إلا جلدا وكومة عظام تتحرك ببطء أو تلتصق بثديين ناشفين، بحثا عن رمق للحياة، ومازال الآباء في أوروبا وأمريكا المصابة بالتخمة يعطون أبناءهم مثل الطفل الإفريقي الجائع في إثيوبيا عندما يرفضون أكلة ما “احمدوا الله على النعمة وتذكروا أطفال إفريقيا الذين لم يجدوا صحن أرز”؟ في هذه القمة التي تستضيفها دولة الكويت، طرفان، طرف إفريقي جاء يحمل الكثير من الأمل بحثا عن استثمارات وتمويل يساعده على تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية، وطرف عربي، خليجي تحديدا، يملك المال، الكثير من المال ويبحث عن فضاء للاستثمار وتحقيق المزيد من الربح. فدول الخليج التي تعتمد في أغلبها على مداخيل النفط والغاز - باستثناء الإمارات التي لا تشكل المحروقات بها سوى نسبة 5 في المائة من الناتج القومي - بدأت تتفطن لحقيقة وهي أن النفط زائل ولابد لها من البحث عن بدائل تحقق لها استمرار حياة الرفاه التي تتمتع بها شعوبها، وإلا فإنها سترجع لا محالة لنمط العيش الذي كان سائدا قبل اكتشاف الذهب الأسود. ولكن ألم تأت الاستفاقة الخليجية العربية واهتمامها بإفريقيا متأخرة نوعا ما؟ وإفريقيا لم تعد فريسة للفقر فقط، إنما صارت أيضا فريسة للإرهاب والفوضى، وفريسة لسباق محموم بين قوى أخرى، على رأسها أمريكاوفرنسا، وأيضا الصين وروسيا وإسرائيل، فهل بلدان الخليج العربي مستعدة لمواجهة كسر العظم مع هذه القوى؟ فالمال وحده غير كاف لدخول إفريقيا حيث ما زالت فرنسا تدير الانقلابات وتخلع من تشاء وتضع من تشاء في الحكم؟ الخطوة العربية نحو إفريقيا يجب أن تكون محسوبة، ولا يجب أن يغيب عن الأذهان أن الأفارقة ما زالوا ينظرون إلينا كعرب بعين الريبة، أليس العرب من كانوا سببا في مآسي الرق، وكانت تجارة الرق ناشطة في المنطقة العربية، بل كان العرب هم من يبيعون العبيد إلى أوروبا وأمريكا. فهل سيكفّر الاستثمار العربي عن هذا الماضي المرير؟ وهل ستنجح بلدان الخليج في ما فشلنا فيه نحن كعرب وكافارقة؟