ستضع اللجان الخمسة التي خرجت بها الثلاثية الماضية تقاريرها النهائية، خلال الأسبوع المقبل، على طاولة الوزير الأول، حيث كان عبد المالك سلال قد أمهل أعضاء حكومته من الوزراء المترئسين للجان العمل ثلاثة أشهر كأقصى تقدير لظهور أول المؤشرات الواقعية لتوصيات الثلاثية على مستوى مختلف القطاعات الاقتصادية، بالتنسيق مع الشركاء من أرباب العمل وممثلي الجبهة الاجتماعية في الاتحاد العام للعمال الجزائريين. ويتعلق الأمر بتشكيل خمسة فرق عمل مهمتها الأساسية إعطاء نفس جديد للاقتصاد الوطني عبر تبني توجه جديد، حيث يكلف فريق العمل الأول بإعداد العقد الاقتصادي والاجتماعي حول النمو، يعمل تحت إشراف وزير التنمية الصناعية وترقية الاستثمار، وفريق العمل الثاني الذي يترأسه وزير المالية باقتراح كيفيات مساهمة صندوق الوطني للاستثمار في تمويل النشاط الاقتصادي الوطني العمومي والخاص على حد سواء، أما فوج العمل الثالث الذي يشرف عليه وزير البناء والتعمير والمدينة، فيكلف بتشجيع الإنتاج الوطني، بما فيه القرض الاستهلاكي بالنسبة للمنتجات المحلية، وتشير التوصيات إلى تكليف فوج العمل الرابع بتأطير عمليات التسيير يشرف عليها مدير الديوان لدى الوزير الأول، وفريق العمل الأخير مكلف باقتراح كيفيات تسهيل مشاركة المؤسسات الوطنية للبناء والأشغال العمومية والمياه لإنجاز البرنامج الوطني للتجهيز تحت إشراف وزير التجارة. وقال رئيس الكونفدرالية الوطنية لأرباب العمل بوعلام مراكشي تصريح ل”الفجر” أن جميع اللجان تقريبا أتمت عملها على غرار لجنة السكن والمالية، في انتظار فراغ اللجنة المكلفة بإعداد العقد الاقتصادي والاجتماعي حول النمو، والتي يشرف عليها وزير التنمية الصناعية وترقية الاستثمار من عملها وتسليم تقريرها النهائي، وسط تشاؤم العديد من المتتبعين الذين يرون أن النتائج الاقتصادية المطروحة صعبة التحقيق، مبررين هذا الموقف بالمعطيات الاقتصادية التي تنتهي إلى نتيجة واحدة تتمثل في التهاب الأسعار وارتفاع مستوى التضخم وتدني بالمقابل قيمة العملة الوطنية. ومن جهته اعتبر الخبير في الشؤون الاقتصادية، فارس مسدور، لقاء الثلاثية بالصيغة الحالية مجرد اجتماع شكلي بين الحكومة وشريكيها في الباترونا والاتحاد العام للعمال الجزائريين، مستبعدا أن يتم تجسيد ما تم الاتفاق عليه من توصيات فيما اصطلح على تسميته بلقاء الثلاثية المخصص للجانب الاقتصادي وبعث الانتاج الصناعي الوطني من خلال تأهيل المؤسسات المحلية وتحسين مستواها. وقال المتحدث في اتصال مع ”الفجر” إن رجال الأعمال وأرباب المؤسسات المشاركون في الثلاثية يؤكدون أنهم لم يساهموا في في طرح الاقتراحات التي تم تبنيها من طرف الحكومة على أساس توصيات، في وقت أضاف أن أطراف الباترونا يعتمدون على بعض الممارسات المضرة بالاقتصاد الوطني، وأشار في سياق التعليل إلى أن حجم التهرب الجبائي المرتكب من طرف المؤسسات الوطنية يقدر ب200 مليار دينار سنويا، بالإضافة إلى ظاهرة تضخيم الفواتير في عمليات الإستيراد على وجه الخصوص التي تؤدي إلى تهريب العملة للخارج بطريقة غير مباشرة. وتساءل الخبير الاقتصادي حول إصرار السلطات العمومية على التعامل مع المركزية النقابية فقط وتمثيلها لكل الجبهة الاجتماعية، وإقصاء بالمقابل كل النقابات المستقلة، لاسيما في ظل المواقف التي يتخذها الاتحاد العام للعمال الجزائريين عبر موافقته على جميع القرارات التي تسطرها الحكومة في تعاملها مع المطالب المرفوعة من طرف الطبقة العمالية على الصعيدين المهني والاجتماعي.