أفصحت السهرة الختامية لفعاليات مهرجان الجزائر الدولي للسينما الخاص بأيام الفيلم الملتزم، في طبعته الرابعة، التي أسدل الستار عليها أول أمس، عن المتوجين بجوائزها المختلفة، حيث انتزع الفيلم الروائي الطويل ”دوائر” للمخرج الصربي سردجان غولوبوفيتش، الجائزة الكبرى في صنف الروائي الطويل، وافتك وثائقي ”سينما كومينستو” لذات الجائزة في فئة الوثائقي. بينما اكتفت الجزائر بجائزة الجمهور في الوثائقي، التي نالها مالك آيت عودية عن فيلمه ”عذاب رهبان تبحيرين السبعة”. عرف حفل الختام بقاعة الموڤار في العاصمة، التي شهدت حضور جمهور غفير ووجوه تاريخية وسينمائية جزائرية وعالمية كبيرة، على غرار المجاهدة زهرة ظريف بيطاط، والمناضلة أني ستينر صديقة الجزائر، الممثل أحمد بن عيسى، والمخرج الأمريكي شارل بورنت وغيرهم.. الإعلان عن نتائج الدورة الرابعة التي عرفت مشاركة 8 أفلام طويلة خيالية و11 فيلما وثائقيا، تنافست على جوائز المهرجان طوال 8 أيام الماضية. وعادت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الروائي الطويل الشيلي ”لا” للمخرج بابلو لاران، ونال جائزة الجمهور المستحدثة في هذه الفئة، العمل الموزمبيقي الموسوم ب”مارغاريدا العذراء” للمخرج البرازيلي لتشينيو أزفادو.. علما أن الجائزة تنافس عليها ”أومبلين” لمخرجه الفرنسي ستيفان كازاس و”لا” لبابلو لاران، و”مارغاريدا العذراء” للبرازيلي ليتشينيو أزفادو. بينما منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة في صنف الأفلام الوثائقية للفيلم الوثائقي المنتج بين فرنسا والولايات المتحدة تحت عنوان ”حرروا أنجيلا وكل المعتقلين السياسيين”، للمخرجة شولا لينتش. وقد نافسه على المرتبة الأولى ”روح45” من بريطانيا والوثائقي الفلسطيني ”المتسللون” لخالد جرار. فيما ذهبت الجائزة الكبرى في الفئة ذاتها إلى وثائقي ”سينما كومينيستو” لميلا كورتلجيتش. بعدما ترشح لها فيلم ”حرروا أنجيلا” مرة أخرى. أمّا الفيلم الجزائري الوثائقي ”عذاب رهبان تبحيرين السبعة” لمالك آيت عودية، فحصل على جائزة الجمهور التي استحدثت في الطبعة الرابعة للمهرجان الجزائري السينمائي ضمن صنف الوثائقيات. وقد نوهت لجنة التحكيم، التي ترأسها العربي بن شيحة، بعدة أفلام وثائقية رشحت لنيلها مثل ”الجهة الأخرى من الجدار” للفرنسي دونيس فريسال و”شوغر مان” للسويدي الجزائري مالك بن جلول، حيث افتك التقدير الوثائقي ”المتسللون” للمخرج الفلسطيني خالد جرار وفيلم المقاومة اليوناني”لن نعيش بعد اليوم كالعبيد”، لصاحبه يانيس يولونتاس. وتخلل حفل السهرة الختامية تقديم لقطات من الأفلام المتوجة بجوائز الدورة الرابعة، كما تلاها إلقاء محافظة المهرجان، زهيرة ياحي، لكلمة أكدّت فيها على غاية المهرجان الرامي إلى احتضان السينما العالمية الخاصة بالفيلم الملتزم الهادف، باعتباره فضاء للحوار بين كافة المخرجين والمنتجين من دول العالم من أجل تبليغ رسالة النبل التي يحملها الفيلم الملتزم الذي يسلط الضوء على موضوع الالتزام بمختلف أشكاله، التي تسعى لإماطة اللثام عن القضايا العادلة والإنسانية في بقاع العالم.. حيث بات إنسانيا أكثر من أي شيء آخر بدليل الأفلام المشاركة ال19. يذكر أنّ الفيلم الصربي ”دوائر” يطرح إشكالية سؤال.. هل بإمكان الكراهية أن تتغلب في النهاية على سلطة الضمير أم أنّ هذا الأخير يمكنه تقديم اعترافات صريحة حول الفعل المرتكب، وهي ثنائية جدلية تكون دوائر في الخير أو الشر يمكن أن تتسع مع الزمن. وعالج المخرج سردجان غولوبوفيتش ثلاث قصص متوازية رائعة تجرى أحداثها في بلغراد وألمانيا وتريبينيه، تعكس الوقت الراهن، غير أنّها لا تخلو من الماضي الذي يلاحق ذاكرة أبطال العمل، من خلال أحداثه المختلفة التي تطورت بسرعة فائقة، وتوظيفها كدافع قوي لاتخاذ القرارات في حياتهم دون فصلها عن وقائع ما حدث في السابق. حيث تبدأ القصة المستوحاة من أحداث حقيقة في ساحة عامة بالبوسنة أيام حرب البوسنة والهرسك سنة 1993، حيث كان يجلس العسكري سردجان الكتيش أو ”ماركو” مع صديقة الطبيب في مقهى، في الجهة الأخرى من الساحة ثلاثة عساكر يتحرشون ببائع سجائر ”هاريز” ويضربونه ظلما بحجة أنّه لم يرفض بيعهم التبغ الذي انتهى في متجره، يقوم ”سردجان” حينها بالتدخل لحل القضية والوقوف إلى جانب البوسني المسلم، حيث منعهم من قتله، لكن مع توالي الأحداث بعد مرور 12 سنة، رافقتها وقائع كثيرة ومتشعبة جسدت في ثلاث قصص متوازية بالمدن السابقة، كشفت النهاية أنّ ”ماركو” قتل على أيدي الجنود الذين قادهم ”تودور” إلى ارتكاب جريمة في حق زميلهم في التجنيد. وكان الطبيب ”نيبوشا” شاهدا على الجريمة التي راح ضحيتها أعز صديق لديه، غير أنّه في المستشفى يصادف أن يداوي ”تودور” قاتل صديقه، حيث يؤنبه ضميره في أن يعالجه أم لا، لكن يستطيع تجاوز ”عقبة” الضمير ويفعل ما يمليه واجبه تجاه المرضى. أمّا ”هاريس” الذي عاش مدينا بحياته ل”ماركو” فيضحي بحياته من أجله، فحافظ على خطيبته سابقا وأنقذها من زوجها الجديد الذي يحاول استرجاع ابنه الذي هرّبه ”هاريس رفقة أمه” إلى البوسنة. فيما لعب القدر دوره وجمع من جديد ابن القاتل ”راتيك” مع والد ”ماركو” وعاشا وجها لوجه مع استرجاع ذكريات الماضي التعيس..