احتفل مسيحيّو العالم ليلة ال 25 ديسمبر، بعيد ميلاد يسوع المسيح عليه السلام، الذي يعتبر ثاني أهم الأعياد المسيحية بعد عيد القيامة. وترافق الاحتفال بهذه المناسبة طقوس خاصة، أبرزها نصب شجرة الميلاد بالمنازل، وتبادل الهدايا، وتناول عشاء الميلاد بين الأسر والعائلات في منازلهم. وبعيدا عن الدّلالات المعنوية لاحتفالات بيوم ميلاد المسيح أو ”الكريسماس” في نفوس الطائفتين المسيحية والمسلمة على السواء، يفيق أطفال الجالية المسلمة في المهجر صباح 25 ديسمبر من كل سنة على واقع صادم مفاده أنّ الأب نويل، ذلك الرّجل البشوش الضحوك ذي اللّحية الطّويلة البيضاء الناصعة والبزة الحمراء والبيضاء الأنيقة، الذي يأتي خصيصا من القطب الشمالي رفقة زوجته السيدة كلوز، وأقزام يصنعون له هدايا الميلاد، والأيائل التي تجرّ له مزلجته العجيبة ليوزّع الهدايا والألعاب ليلاً على الصغار والكبار، والتي يضعها في جواربهم الحمر المعلقة على النوافذ أو على شجرة الميلاد خلال مروره بمداخن ونوافذ منازلهم المفتوحة وصدوع الأبواب الصغيرة.. لم يُعر مداخنهم ونوافذهم أي اهتمام بل فضّل مداخن ونوافذ المسيحيين دون سواهم.. وتنتهي احتفالات عيد الميلاد، ويعود هؤلاء الأطفال مجدّدا إلى مقاعد الدّراسة مكسوري الخاطر، وتزيد معلّمتهم في صدمتهم حينما تسألهم كيف قضّوا هذه الاحتفالات، وعن نوع الهدية التي منحهم إياها الأب نويل، صابّة جمّ اهتمامها على الفئة المحظوظة من التلاميذ التي تملك الإجابة دون غيرها. ويبقى أطفال الجالية المسلمة مشدوهين منبوذين يتساءلون عن نوع الجرم الذي ارتكبوه في حق هذا ”الملعون” نويل، لينالوا منه أقصى الحرمان والإقصاء والتهميش. وما أكثر أولئك الأطفال الذين راسلوه في السرّ والعلن متهمين إياه بالعنصرية والتفرقة بين الأطفال!. ولمعرفة كيف يعيش أطفالنا في الغربة هذه الاحتفاليات، اقتربنا من بعضهم في نواحي ”فيل جويف” و”ارجنتوي” الفرنسية، فوجدناهم ساخطين متذمرين إلى حد البكاء، لذا يفضّل العديد من الآباء والأمهات مجاراة أطفالهم وإحياء المناسبة بنفس الطقوس (شجرة الميلاد والهدايا) بشيء من العقلانية، وعدم الانسياق وراء المنع المطلق الخالي من الليونة لتفادي الوقوع في المحظور، لاسيما أنّ بعض الشيوخ قد أصدروا فتاو تحرّم على أطفال المسلمين في المهجر وفي كل مكان الاحتفال بعيد الميلاد وبالبابا نويل، باعتبارهما من الأعياد البدعية الدخيلة التي لا أصل لها في الشرع، مرجئين توضيح الأمور مع مرور الأيام كي يجنّبوا أطفالهم الآثار السلبية التي تتركها هذه الأمور في نفسيتهم، كالشعور بالنقص والتهميش والكآبة جراء الإحساس بالفرق والتمييز، ويعيشوا فترة دراستهم دون نقص أو خذلان.