تعتبر سنة 2013 بمثابة المنعرج في مختلف القطاعات الاقتصادية، ليس بحكم المشاريع والبرامج التي جسدت أو التي تنتظر التجسيد فحسب، ولكن كونها السنة التي تشرف على نهاية أهم برامج خماسية راهنت عليه الحكومة للقضاء أو التخفيف على الأقل من وطأة أبرز الإشكالات التي تمتد اقتصاديا لتجد أثرها على الصعيد الاجتماعي، لنجد في مقدمة ذلك ملف السكن المرتبط بقطاع الصناعة والتمويل عبر إيجاد بدائل عن المحروقات، بالإضافة إلى ثورة الاتصالات التي كانت شاهدة على بقاء الجزائر في مؤخرة الدول، في وقت يشكل تقاطع البرامج السنوية وبرنامج المخطط الخماسي مشهد غير مطمئن يتمثل في بقاء نسبة كبيرة من المشاريع غير منجزة وإحالتها، تبعا لذلك، إلى البرامج اللاحقة تؤكد على وجود الجزائر اقتصاديا في نفق مظلم لا سبيل للتعرف على معالم الخروج منه. 100 وفد أجنبي زار الجزائر خلال 2013 تهافت أوروبي خليجي لم يوقظ الصناعة من غيبوبتها صنع القطاع الصناعي الحدث منذ بداية 2013 بعد أن اعتلى الترتيب ضمن قائمة أكثر القطاعات الاقتصادية المستقطبة لمختلف الوفود الأجنبية بتنوع جنسياتهم للظفر بحصص من مشاريع الاستثمار في السوق الجزائرية، والتي تجاوز عددها إلى غاية ديسمبر أكثر من 100 وفد، طلبات تصدرت عناوين انتقادات متتبعي الشأن وسط غياب أو انعدام في غالبية الأحيان مفهوم الشفافية في تكيف المشاريع التي باتت ”الخطر القادم” بالنسبة للسوق الوطنية المرشحة أن تنتقل هي الأخرى إلى فضاء استهلاكي أكثر منه إنتاجيا. لقاءات تركية، فرنسية، ألمانية، إيطالية، بريطانية، قطرية، وبرتغالية، سجلت حضورها لأكثر من مرة وكانت ضمن الطلبات البارزة التي شهد عليها قطاع الاستثمار الجزائري، غير أن مفهومها انحصر في تحويل السوق الوطنية إلى أكبر فضاء إفريقي مستهلك للسلع الخارجية، والتي ترجمها رقم الأعمال المسجل خلال نفس الفترة لم تتجاوز فيه المشاريع المنجزة أصابع اليد، على غرار المصنع الجزائري - التركي لإنتاج الفولاذ بمنطقة وهران، التعاون القطري لإنشاء مصنع مارسيدس والحديد بجيجل، والشراكة الفرنسية المجسدة في ”رونو” لإنتاج السيارات و” أوراس سولار”للألواح الضوئية بباتنة، عقب دخول أكبر مخبر لإنتاج الأدوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ”سانوفي” حيز الخدمة بداية ماي المنصرم في إطار اتفاقية العمل الموقعة بين مخبر ”صيدال” الجزائري ومجمع ”سانوفي أفانتيس” الفرنسي لإنتاج 100 علبة دواء سنويا. سنة كانت شاهدة على الفصل في ملف ”ميشلان” و”أرسيلورميتال عنابة” بعدما تحدد مصير الشريك الفرنسي لصناعة الإطارات المطاطية بالجزائر بالانسحاب بشكل رسمي من السوق المحلية مقابل 1.7 مليار دينار في إطار قرارات الحكومة الرامية لتطبيق ”حق الشفعة”، إلى جانب استرجاع 5 مؤسسات وطنية، في وقت عادت فيه 51 بالمائة من أسهم مركب الحجار لإنتاج الحديد إلى مجمع ”سيدار”، بعد قرار الوزارة الأولى القاضي بتجميد نشاط الشريك الهندي ”أرسيلورميتال” من جهة، وعلى إعلانات انسحاب أكثر من 6 شركات عالمية من السوق الجزائرية بين ما أسمته ”بالضغوطات الممارسة” و”تردي مناخ الاستثمار”، مقابل ظفر أزيد من 5 آلاف مؤسسة أجنبية متوسطة وصغيرة بتأشيرة الاستثمار في مجال البناء، صناعة الورق والزجاج، التجهيزات الصناعية، الخشب، الطاقة الشمسية، الصناعة الصيدلانية وغيرها من الشعب. إنجازات وزارة التنمية الصناعية وترقية الاستثمار انصبت على مدار 12 شهرا في إعادة بعث وعصرنة المنطقة الصناعية الرويبة - الرغاية بميزانية عمل تجاوزت 500 ألف دولار الممتدة على 1000 هكتار يصل إلى 500 ألف دولار، ليصل بذلك مؤشر المعاملات الدولية لهذه الأخيرة حدود 300 ألف دولار والتي تضم بدورها 200 مؤسسة و30 ألف عامل، بتمثيل يقارب 70 بالمائة بالنسبة للقطاع الخاص، إضافة إلى 7 ملايير دينار لتهيئة 7 مناطق نشاطات صناعية تضم أزيد من 50 مؤسسة ومشاريع عدة على غرار مشروع صناعة السيارات ”رونو الجزائر”، وانطلاقة مصنع الرويبة لإنتاج المواد الصيدلانية، ليتعزز بذلك رصيد الاقتصاد الجزائري، فيما يخص طلبات الاستثمار الأجنبي ب38 مشروعا مقابل تحقيق ما يزيد عن 9.4 مليار دولار وحتى نهاية سبتمبر الماضي. ياسمين صغير بين خيبة أمل وتفاؤل بفتح فضاء جديد للاتصال المواطن يتعرف على الجيل الثالث بعد مخاض عسير أضطر المواطنون الجزائريون الانتظار إلى غاية الأيام القليلة قبل نهاية السنة ل”التعرف” على خدمة الجيل الثالث، الأمر الذي يبرر لهفة المواطنين على الحصول على هذه الخدمة والطوابير اللامنتهية لدى الوكالات ونقاط البيع التابعة للمتعاملين، وإن كانت غالبية الزبائن لم يتعرفوا على ”حقيقة” على ماهية الجيل الثالث، إلا أنّ إطلاق السلطات العمومية ”3 جي” بعد مخاض عسير قد صنع الحدث في سنة 2013. وعلى الرغم من الإجراءات المارطونية التي صاحبت إطلاق خدمة الجيل الثالث، إلا أن هذه الأخيرة كانت وراء تفاؤل المواطن الجزائري في فتح فضاء كثيرا ما انتظره، إذ أنه إلى جانب التدابير المتضمنة في دفاتر الشروط، والتي شددت السلطات ممثلة في سلطة ضبط البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية على ضرورة احترامها من قبل جميع المتعاملين على حد سواء، فقد فرضت الهيئة ذاتها شروطا أخرى بعد الحصول على الرخصة النهائية، أكدت من خلالها أنها تهدف إلى وضع مناخ لتنافس نزيه بين المتعاملين وحماية المواطنين والزبائن المستعملين لهذه الخدمة. وشددت سلطة الضبط على أهمية التزام المتعاملين باتخاذ الإجراءات التي من شأنها أن تضمن سرية المعلومات التي يحوزها عن مرتفقي شبكة الجيل الثالث أو الزبائن، بينما شدّد على مراعاة التعليمات التي يقتضيها الدفاع الوطني والأمن العمومي وكذا مراعاة السلطة القضائية والتشريع المعمول به، الأمر الذي يؤكد أن السلطات العمومية متخوفة من استعمال تكنولوجية الجيل الثالث الحديثة في العمليات الإرهابية أو التخريبية. وألزم القانون المتعاملين بإطلاع أعوانه على الالتزامات التي يخضعون لها، وعلى العقوبات التي قد يتعرضون لها في حالة عدم احترام سرية المكالمات السرية والمعطيات، كما يتخذ صاحب الرخصة أيضا الإجراءات الكفيلة بضمان حماية وسرية المعلومات الإسمية التي يحصل عليها والتي يدرجها في وحدة التعرف على المشتركين أو زبائنه الحائزين على بطاقة الدفع المسبق وذلك مع احترام التنظيم المعمول به. وتواصل سلطة الضبط بالمقابل في ضمان احترام المنافسة الشريفة بين المتعاملين وتسويق العروض في حدود ما يسمح به القانون الساري العمل به، والتصدي لجميع المخالفات الممكنة حيث تعكف هذه الهيئة منذ بضعة أيام على معالجة الإخطارات والشكاوى المقدمة من طرف متعاملي الهاتف المتحصلين على الرخصة النهائية، لتقوم بدراستها على ضوء تحقيقاتها الخاصة، بعد تسجيلها عددا من الإخطارات والشكاوى على أن ”القرارات المتعلقة بهذه الشكاوى والإخطارات ستبلغ للمتعاملين فور انتهاء التحقيق”. سعيد بشار من تيڤنتورين إلى ”سوناطراك 2”، وصولا إلى تراجع الصادرات 2013 ”فأل سيئ” على البقرة الحلوب عاشت شركة ”سوناطراك” عدة أحداث خلال السنة 2013، حيث كانت البداية مع الهجوم الإرهابي الذي استهدف مطلع السنة منشأة الغاز بعين اميناس، مرورا بارتباط اسم الشركة التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الوطني بقضايا الفساد، من خلال ما أطلق عليه فضيحة ”سوناطراك 2”، وصولا إلى مغادرة شركات طاقوية أجنبية كانت تمتلك أصولا في الصحراء الجزائرية، في مقابل ذلك لم تبخل السنة عن الشركة بمراحل انفراج حيث تم تحقيق أكبر اكتشاف نفطي منذ عقدين. وانطلقت سنة 2013 انطلاقة سيئة حيث قامت مجموعة إرهابية شهر جانفي المنصرم بتفجير منشأة الغاز بعين اميناس، التي راح ضحيتها 40 شخصا منهم جزائري، وانجر عن الحادث غلق المشاريع التي تديرها شركة ”سوناطراك” بمشاركة شركة ”بريتيش بتروليوم” البريطانية و”شتات أويل” النرويجية، وتجاوزت فاتورة الاعتداء الإرهابي 44 مليون دولار. وبسبب توقف الإنتاج في منشأة الغاز تراجعت الصادرات النفطية للجزائر حيث كشف بنك الجزائر أنها تقلصت بنسبة 14.31 بالمائة خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية مقارنة بذات الفترة من السنة الماضية، حيث تراجعت إلى 32.14 مليار دولار مقابل 37.50 مليار دولار خلال السداسي الأول من 2012، حيث تراجع سعر البترول انخفاضا خلال السداسي الأول للسنة الجارية إلى حدود 108.6 دولار للبرميل، بعدما كان السنة الماضية خلال نفس الفترة 113 دولار، وكان متبوعا بانخفاض السعر المتوسط بنسبة 7.03 بالمائة في وضع يتميز بتراجع في كميات المحروقات المصدرة بصفة عامة. ولم تنته المشاكل التي واجهتها شركة ”سوناطراك” خلال سنة 2013 بل تبعها مغادرة العديد من الشركات العالمية التي كانت تنشط في الجزائر كشركة ”كونو كو فليبس” الأمريكية المتخصصة في إنتاج ونقل ومعالجة النفايات التي أعلنت عن إنهاء عملها في الجزائر وبيع فرعها في الجزائر لشركة ”برتامينا” الأندونيسية التابعة للدولة مقابل 1،75 مليار دولار، وكذا تراجع شركة بريتيش بتروليوم عن قراراتها بخصوص عودة عمالها لاستئناف نشاطهم في الجزائر في عدة مناسبات، حيث قالت ”بي. بي” البريطانية أنه ”في أعقاب الهجوم الإرهابي شهر جانفي المنصرم في موقع عين أميناس نتوقع الآن ألا تكون مشاريع رئيسية في عين أميناس بعين صالح جاهزة لبدء التشغيل في 2014”، وأكدت الشركة أنها لن تتخلى عن نشاطها في الجزائر، أما شركة ”ستات أويل” النرويجية التي تلعب هي الأخرى على الحبل الأمني للضغط على الحكومة تحت ذريعة المخاطر الأمنية التي تترصد بعمالها في الجزائر، حيث طالبت بتوفير الحماية لرعاياها في الجزائر عن طريق تعيين شركات أمنية أجنبية خاصة، وهو الأمر الذي رفضته الحكومة الجزائرية جملة وتفصيلا، في حين اتخذت على عاتقها مسؤولية توفير الأمن حيث طبقت هذه الأخيرة إجراءات أمنية مشدّدة ملبية لمتطلبات الشركات الأجنبية. سارة نوي إلغاء قانون المالية التكميلي وتراجع قيمة الدينار 2013 سنة الاستثناءات في قطاع المالية صنعت سنة 2013 على الصعيد المالي الاستثناء من خلال عدم اللجوء إلى إجراء داومت السلطات العمومية على الاستنجاد به لتعديل وتصحيح الميزانية ومنح البرامج تمويلات إضافية، ويتعلق الأمر بقانون المالية التكميلي وإن كان البعض قد ربطه بظروف غير عادية صاحبت مرض الرئيس، كونه المخول الوحيد للتوقيع على إجراء مماثل. وعلى هذا الأساس، اضطرت الحكومة إلى تحويل مشاريع القوانين التي كان من المقرر أن تدرج ضمنه إلى قانون المالية العادي لسنة 2014، بينما اعتبرت وزارة المالية أن هذا التأخر لن تكون له آثار سلبية على المشاريع المقررة، في وقت كانت السلطات العمومية تؤكد في العديد من المناسبات أن اللجوء إلى قانون المالية التكميلي ضروري من أجل استكمال المشاريع المقررة ومد البرامج بالتكاليف الإضافية، من منطلق أن إعداد الميزانية يقوم على مبدأ الوسائل وليس بالبرامج المنتهية بالنتائج. وعلى صعيد آخر، كشف تراجع قيمة الدينار الجزائري نسبة الخلل والوضعية المالية الصعبة التي توجد فيها الجزائر، وعلى الرغم من ذلك فقد اعتبر بنك الجزائر أن نسبة الصرف الحقيقية لقيمة الدينار تبقى مع ذلك مرتفعة مقارنة بمستوى توازنها الذي يحسب على أساسيات منها الفارق في نسبة التضخم والذي كان وراء التهاب أسعار أهم المنتجات واسعة الاستهلاك. وكشف وفد صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن قيمة الدينار الجزائري لا تزال أكثر من قيمتها الحقيقية على الرغم من الإجراء الذي لجأت إليه السلطات العمومية والبنك المركزي، عن طريق تخفيض العملة الوطنية والذي برره بنك الجزائر بالتضخم المسجل وعلاقة الدينار بالعملة الصعبة لاسيما الدولار والأورو، ولم يستبعد أن يعرف الدينار الجزائري في المرحلة اللاحقة تخفيضات إضافية.