على هامش الاحتفال برأس السنة الامازيغية التي احتضنتها تبسة هذه السنة، شهد قصر الثقافة تنظيم مائدة مستديرة حول يناير في التاريخ والطقوس الاجتماعية. المائدة المستديرة تنشطها حميد بيلاك، من المحافظة السامية للأمازيغية، بحضور عدد من أساتذة التاريخ الذين دعوا إلى ضرورة كتابة تاريخ الجزائر بموضوعية ودون إقصاء أي حقبة أوتفضيل حقبة على أخرى. الأستاذ كمال ستيتي عاد خلال تدخله إلى تاريخ تبسة من خلال آثارها وشهودها العمرانية والأثرية، وهو الذي حاول استنطاق أكثر من 1600 قطعة. تبسةالمدينة التي كانت تدعى ”تيفست” واحتضنت الكثير من أسماء ملوك الأمازيغ الذين استوطنوا المدينة وما جاورها. وأضاف أن المؤرخين الذين تناولوا الحقبة الرومانية، وأغلبهم فرنسيون حاولوا إنكار دور الأمازيغ السكان الأصليين للأرض قبل قدوم الرومان. الأستاذ ركز في مداخلته على منطقة بئر العاتر، التي عدها من الشواهد الحضارية التي تشهد على عراقة تاريخ تبسة أو”تفيست” التي كانت بوابة الحضارة في بلاد الأمازيغ التي امتدت - حسب الباحث - من جبل طارق على واحات سيوا. من جهته الأستاذ علادي محمد، من تيميمون، عاد إلى طقوس الاحتفال بيناير في منطقة تيميمون، التي ما زلت شواهد أمازيغيتها ماثلة في اللهجة الزناتية التي يتحدث بها أبناء المنطقة إلى يومنا هذا، وقال إن يناير في تيميمون يحتفل به في شكل وعدات شعبية تجمع ليس العائلات فقط لكن كل أبناء المنطقة. ويمثل يناير مناسبة للتعبير عن التضامن الأسري والعائلي وتوديع السنة الماضية واستقبال السنة القادمة بالتفاؤل والفأل الحسن، حيث أكد عبد الله عبد العزيز، من غرداية، أن العائلة المزابية تجتمع بعد صلاة العشاء كلها يوم سبعة يناير وتضع رزنامة السنة الفلاحية وتقسم الأعمال والمهام بين أبناء العائلة، ثم تفترق بعد عشاء يتم من خلاله تقديم أطباق تقليدية، أبرزها طبق يسمى ”اخلاظ” ويضم ما تبقى من عولة ومؤونة العام المنصرم، يقدم الطبق على فرش أبيض تيمنا ببياض القادم من الأيام، وتفترق العائلة بعد أن يقوم كبير العائلة برفع الدعاء من أجل سنة خصبة وخيرة. الأستاذ خدام محند اوبلقاسم، صال وجال في الحقب التاريخية التي عرفتها تبسة، وكان فيها أبناؤها محافظين دائما على هويتهم ومتكيفين مع الوافد لا ذائبين فيه، حيث قال المتحدث إن الأمازيغ سواء في تبسة أو غيرها لم يذوبوا في الثقافات الوافدة لكنهم تكيفوا معها وأضافوا إليها بصمتهم، ضاربا أمثلة بكراكلا وسبتام سيفر والقديس اغسطين والشيخ العربي التبسي.. وغيرهم من الأبطال الذين مروا من تبسة. أما الأستاذ محمد صالح وتيسي، فقد أكد خلال مداخلته حول طقوس الاحتفالات التي مارسها الأمازيغ على امتداد السنين، أنهم مثل غيرهم من الشعوب لها ما يميزها وما تتشارك فيه مع غيرها، ضاربا عدة أمثلة مثل عيد أنزار وأمغار عاشوراء وامسلان، وهي أعياد نجدها تقام حتى على هامش الاحتفال بالأعياد الدينية، مثل عيد الأضحى، وهو نوع من التكيف والخصوصية التي اعتبرها ثراء وتعددا، داعيا رفقة الأساتذة الذين تعاقبوا على منصة دار الثقافة إلى ضرورة إعادة كتابة تاريخ الجزائر بعيدا عن التناول الإيدلوجي..