يتناول عدد من الباحثين في الموسوعة الفلسفية التي صدرت حديثا عن منشورات الاختلاف في الجزائر ومنشورات ضفاف ببيروت، تحت عنوان ”الفلسفة الغربية المعاصرة - صناعة العقل الغربي من مركزية الحداثة إلى التشفير المزدوج”، وعبر جزءي العمل، الذي حرره الباحث العراقي علي عبود المحمداوي، وقدّم له المفكر اللبناني علي حرب، دراسات عن أكثر من خمسين اسما من فلاسفة العصر الحديث في حقول فلسفية متعددة ومنهم وليم جيمس، أنطونيو غرامشي، إدموند هسرل، هنري برغسون، نيقولا برديائيف، لودفيك فتغنتشاين، جون ديوي، بندتو كروتشه، جورج إدوارد مور، موريس ميرلو بونتي، غاستون باشلار، وغيرهم. ويؤكد المحرر ومقدم العمل على أن الفلسفة الغربية المعاصرة تعود في أساسها إلى القرن التاسع عشر، حددت الموسوعة القرن العشرين كمنطلق لها، فهذا القرن الذي تنحصر فيه أبحاث الموسوعة، يختزل قرونا من التاريخ القديم والمعاصر. فهو عصر كل شيء، من التطور الفلسفي الذي شهد مدارس عدة على يد فلاسفة من مختلف بلدان العالم. وفي القرن العشرين نعثر على مختلف أنواع التطور البشري في تقدمه وانحداره. فالحداثة وصلت إلى ذروتها وأوصلت الفلسفة إلى أعلى ذراها. لكنّ فلسفة الحداثة نفسها لم تمنع تفجر العنف على أعلى المستويات، خصوصاً عبر الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما شهدتاه من تدمير وقتل وصولاً إلى استخدام القنبلة الذرية. وشهد القرن العشرون صعود الإيديولوجيات الشمولية إلى أقصاها، من خلال الفلسفات الشيوعية والنازية والفاشية، وما تسببت به هذه الإيديولوجيات من إبادة للإنسان. وفي مقابل فلسفات الديكتاتورية، صعدت فلسفة حقوق الإنسان والمواطن، فكان لها مفكّروها ونتاجها الذي لا يزال حياً يتطور في كل مكان. إذا كان من الصعوبة الإحاطة بالخمسين مفكراً وفيلسوفاً الذين تضمهم الموسوعة، إلا أنه يمكن تقديم بعض النماذج عن نتاجهم واتجاهاتهم الفكرية. تفتتح الموسوعة صفحاتها بدراسة عن فيلسوف مخضرم هو وليم جايمس احتلت الفلسفة الماركسية موقعا أساسيا في الفكر والسياسة خلال القرن العشرين واعتنقها ملايين من البشر، وشهدت تطورات ونقاشات ومحاولات تجديد عما قدّمه ماركس وأنجلز ولينين.