استحداث مدارس عليا للأساتذة في مختلف المدن الجامعية    وزارة التربية تصدر بيانا يخص مشاركة الموظفين    بنك الجزائر ينشر تعليمتين تتعلقان باعتماد البنوك الرقمية    حل الدولتين يعد الطريق الوحيد لتحقيق السلام في فلسطين    ممارسة التعذيب على الجزائريين إبان الحقبة الاستعمارية    قد تفلت منا صناعة التاريخ..؟!    الطلبة يحسّسون بأخطار المخدرات    حرب ضد مؤثّري العار والفضائح    عرائس في القفص الذهبي قيد التجربة    قناة "فرانس 2″تبث توليفة إعلامية تخدم أجندة سياسية محددة    قناة "فرانس 2" تستعين بالخونة لمهاجمة الجزائر    ترامب يلقي أول خطاب أمام الكونغرس    فضيحة اعتقال طفلة في المغرب تؤجّج غضب الحقوقيين    مشكلة جديدة لبلايلي مع الترجي والإدارة تتدخل    قمتان في وهران وقسنطينة ومهمة صعبة لبلوزداد بالبيّض    استقرار في أسعار الخضر والفواكه    الفهم الخاطئ لعبادة الصيام يغذّي "النرفزة"    محرز: جاهزون لمباراة بوتسوانا وهذه رسالتي للجزائريين    حين يلتقي الفن بروحانية الشهر الفضيل    شهر الجود    معرض الجزائر للسكك الحديدية في جوان القادم    "قسيمتك".. منصة لاقتناء قسيمة السيارات عن بُعد    إنهاء مهام المدير العام ل"بريد الجزائر"    سفارة اليابان تتبرّع لجمعية أولياء الأطفال المعاقين    تحييد 4 إرهابيين واسترجاع أسلحة وذخيرة    32 سؤالا ل7 وزراء بالمجلس الشعبي الوطني    التعاون مع الصومال وموزمبيق في مجال الاتصالات    هذه تفاصيل خطّة العرب لإعمار غزّة    80 ألفاً يُصلّون بالأقصى    هذه توضيحات وزارة التربية..    توزيع مزيد من السكنات في جويلية    الجزائر تعزّز شراكاتها    توقيف مروّجي سموم بالبُرج    الرابطة الثانية – هواة /الجولة 22/ : نجم بن عكنون ومستقبل الرويسات في مهمة صعبة خارج الديار    كرة اليد/القسم الممتاز/سيدات/ تسوية الرزنامة : فوز نادي فتيات بومرداس على نادي باش جراح    الأغواط: حرم الخليفة العام للطريقة التجانية بعين ماضي في ذمة الله    مدارس عُليا جديدة للأساتذة..    رمضان شهر العتق من النيران    اجتماع تنسيقي لتطويرآليات العمل المشترك لخدمة الحجاج والمعتمرين    معسكر..فتح أزيد من 40 مطعما تضامنيا للإفطار في رمضان    المغرب: فضيحة اعتقال الطفلة ملاك تؤجج غضب الحقوقيين    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): تعثر فريق وكالة الأنباء الجزائرية أمام المركز الدولي للصحافة في أول مباراة له    فرحتان للصائم    حنان ميزول أخبار اليوم : تستهويني المرأة المُكافِحة التي ترفع التحدي وتواجه الصعوبات    أوبك تحيي الذكرى ال50 لقمة الجزائر التاريخية لقادة المنظمة    تصفيات كأس العالم 2026 (الجولة الخامسة): رياض محرز يؤكد جاهزية "الخضر" للعودة بالفوز من بوتسوانا    تصفيات كأس العالم 2025 (أقل من 17 سنة):المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته لمواجهة بوتسوانا    وزير الطاقة يعرض مشروع قانون ينظم النشاطات المنجمية    وحدة المضادات الحيوية ستشرع في الإنتاج جوان المقبل    لجنة خاصة للتكفّل الأمثل بالحجّاج في المطارات    "بنات المحروسة" و"اللي فات مات" على منصة "شاهد"    "آثار تخترق الزمن" يفتتح موسم رمضان    صلاة التراويح تحمي من الأمراض    المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة بميلة: انتقاء 14 فرقة وجمعية للمشاركة في الطبعة ال14    التلفزيون الجزائري يحيي السهرات الغنائية "ليالي التلفزيون" بالعاصمة    سعيود يترأس اجتماعا ليرى مدى تقدم تجسيد الترتيبات    رمضان فرصة لإزالة الأحقاد من النفوس    المدية: وحدة المضادات الحيوية لمجمع "صيدال" تشرع في الإنتاج يونيو المقبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة معالجة النزاعات العربية
نشر في الفجر يوم 22 - 03 - 2014

أي جدول أعمال ستناقشه القمة العربية في اجتماع الكويت؟ هل هي الأوضاع التعيسة التي آل إليها ما سمي بالربيع العربي؟ أم هي العلاقات المتردية بين بعض الدول العربية؟ أم هي التحولات في السياسة الدولية التي تنذر بحرب باردة جديدة بين الشرق والغرب؟ أم هي العلاقات الدولية المستجدة من جراء تقليص الولايات المتحدة لتدخلها في الشرق الأوسط وانتهاز القيصر الروسي الجديد لهذا التخلي الأميركي والدخول بقوة إلى هذه المنطقة من العالم؟ أم أن هذه المواضيع الكبيرة ربما لن تناقش خشية الانزلاق نحو نزاعات إضافية؟
لا داعي للدخول في تفاصيل ما يجري في سوريا والعراق واليمن ومصر وليبيا من نزاعات وتمزقات وطنية وسياسية. أو من خلافات عميقة بين الدول العربية. أو من نشوء صراع حقيقي بين التيار السياسي الديني والتيار الديمقراطي الليبرالي. أو من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها معظم الدول العربية. ولا عن أسباب إغراق لبنان - هذا البلد العربي الصغير شبه الديمقراطي - في أزمة حكم متمادية.
لسوء الحظ، علينا أن نعترف بأن الأمة العربية باتت ”الرجل المريض” الجديد في عالم القرن الحادي والعشرين، كما كانت السلطنة العثمانية توصف في أواخر القرن التاسع عشر. إنها أمة تتمزق من الداخل وضائعة بين الأمم. لقد جرب معظم حكام دولها كل أنواع الحكم وكل الآيديولوجيات والعقائد السياسية لإخراجها من المأزق التاريخي المصيري الذي علقت في شباكه وفشلوا في تجاربهم. وها هي الأجيال العربية الجديدة ترتمي في حضن آيديولوجيا سياسية - دينية عنفية معادية للشرق وللغرب، كخشبة خلاص، غير مدركة لخطورة استعداء الدول المالكة للقوة والقابضة على مفاتيح الحضارة والتكنولوجيا والقوة العسكرية في العالم.
كلا، إن طريق النهضة والتقدم والحرية والعدالة، لا يمر حكما بإعلان الحرب على الدول الكبرى ولا بتفجير السيارات المفخخة أو الاغتيالات، بل باكتشاف مكامن الضعف في المجتمعات العربية والإسلامية والعمل الجدي على إزالتها. أي بثورة فكرية ثقافية حقيقية على الذات، أولا، ثم على رواسب التقهقر الفكري والاجتماعي والاقتصادي الذي مر به العرب والمسلمون منذ القرن الخامس عشر. فمن هنا نبدأ - كما قيل يوما - وإلا فلن نبدأ.
منذ ربع قرن أقرت إحدى القمم العربية تنفيذ ما سمي بمشروع ”الاكتفاء الذاتي الغذائي العربي”. قدرت تكاليف تنفيذه يومذاك بعشرة مليارات دولار. وكان من شأن هذا المشروع وقف استيراد المواد الغذائية الأساسية كالقمح والأرز والسكر من الخارج. المشروع بقي حبرا على ورق بينما هدرت مئات المليارات على شراء أسلحة استعمل معظمها في حروب داخلية وما تبقى اهترأ في المخازن.
كلا، ليست الحالة التعيسة التي تغرق فيها الدول والشعوب العربية والإسلامية نتيجة مؤامرة غربية صهيونية متمادية. صحيح أن الدول الأوروبية عملت على تفكيك السلطنة العثمانية واستعمرت معظم الشعوب العربية والإسلامية واستفادت من خيرات الدول التي استعمرتها، وأنها عوضت على اليهود الذين اضطهدتهم بمساعدتهم على إقامة دولة إسرائيل في قلب العالم العربي.. ولكن هل يحتم هذا الماضي العدائي اللجوء إلى العنف والإرهاب سبيلا وحيدا للخروج من المستنقع المصيري الذي نغرق في مياهه يوما بعد يوم؟ أوليس هناك من خشبة خلاص أخرى؟
إن نهضة الشعوب لا تتحقق في أشهر أو سنوات ولا بقفزات - كما حاول ماو تسي تونغ يوما بثورته الثقافية المرتجلة! بل طريق النهضة طويل وشاق ومكلف. ولكن أيا كان اتجاهه وكانت عناوينه، فإنه يبدأ بتشخيص الداء وأسبابه تشخيصا صحيحا وعميقا، لا التهرب منه واللجوء إلى أدوية سطحية أو علاجات جانبية أو إلى التمسك بأهداب الآيديولوجيات، مهما كان عنوانها جذابا وشعاراتها مغرية.
لا أحد ينتظر من القمة العربية التوصل إلى اكتشاف مكامن العلة الحقيقية التي يشكو منها الجسم أو العقل السياسي العربي. ولئن اكتشف بعضهم هذه المكامن فمن الأرجح أنه لن يجري إعلانها أو إعلان العلاج الشافي لها. ومن هنا فإن أقصى ما يمكن أن تتوصل إليه هذه القمة وربما القمم القادمة هو وقف الحرب الأهلية القاضية على الشعب السوري، ومساعدة مصر على استعادة قوتها ودورها القومي العربي، والعمل على إطفاء ما يمكن إطفاؤه من حرائق صغيرة أو كبيرة في الدول التي مرت عليها رياح الربيع العربي.
إسرائيل ليست بريئة من الدماء العربية التي سالت ولا من تعطيل المحاولات الجدية لتوحيد كلمة العرب. ولا الدول الكبرى، غربية كانت أم شرقية، تتحمل وحدها مسؤولية الضياع المصيري العربي. وهذه النزاعات بين ضفتي البحر المتوسط ليست فريدة من نوعها في العالم أو التاريخ. ولئن أصر البعض على اعتبارها ”مؤامرة غربية - صهيونية” مستمرة، فالجواب هو: إن هذه المؤامرة ما كانت لتمر ولتحقق أهدافها لو لم يكن هناك تربة عربية خصبة لانزراعها واستعداد بشري وثقافي للوقوع في حبالها والتحول إلى ضحية لها، على حد قول المفكر مالك بن نبي.
إن عودة العرب والمسلمين إلى الصف الأمامي من الأمم - وهذا حقهم بل وواجبهم - لا تتحقق بالعنف والقتال والإرهاب، في عصر العولمة والحضارة الإلكترونية - الفضائية - الافتراضية. بل بثورة ثقافية تحررهم من القيود التي تمنعهم من النهوض والتقدم، وبالبناء الذاتي والمجتمعي المركز على القيم الإنسانية وفي طليعتها الحرية والعدالة والعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.