يبدو العالم العربي برغم حراكه ومطالب التغيير والإصلاح الذي تتعالى أصواته هنا وهناك، مقهورا تعيسا بعيدا عن قلب العالم النابض بالتفتح والحرية والتحرر. العالم العربي مقهور لأن المواطن تحول فيه إلى مجرد رقم في طابور التحية للزعيم أو القائد والرئيس والملك. العالم العربي مقهور لأن أنظمته لا تريد شريكا لظاهرة الوحدانية والقدم غير الزعيم الوحيد الملهم. العالم العربي تعيس، لأنه متخلف بواسطة أنظمة سياسية بالية متخلفة، ديكتاتورية مرتشية. العالم العربي تعيس لأنه آخر أرقام التنمية والتقدم والرقيّ في هذا العالم. العالم العربي تعيس لأن شعوبه تعيش الفقر وهي الغنية بثراوتها، وتعيش التخلف وهي الغنية بإمكانياتها البشرية. العالم العربي بحاجة إلى عملية تجديد شاملة في السياسة والاقتصاد والثقافة والاتصال. العالم العربي بحاجة إلى نهضة شاملة تعيد له توازنه وقوته وتنمّي قدراته. لقد ظل هذا العالم المقهور يئن تحت الاستعمار طيلة القرنين الماضيين ومع منتصف القرن الماضي أشرقت شمس التحرر على معظم البلاد العربية، تلك البلاد التي خرجت من عقود الاستعمار الغربي لكنها دخلت منظومة حكم لا تختلف في قساوتها عن استعمار الأمس. أنظمة خانت شعوبها، حوّلت الدولة إلى مزرعة يتصرف فيها القادة والزعماء وفق رغباتهم ونزوات أبنائهم ومحيطهم وزوجاتهم في بعض الأحيان. أنظمة حولت تلك البلاد إلى سجن كبير، منعت فيه حرية التعبير والتفكير والإبداع، اختزلت فيه الثراء والتاريخ لصالح نزوات القائد أو الرئيس والزعيم، لا يمكن لبلاد مترامية الأطراف من إفريقيا إلى آسيا وعلى مدار شريط حدود الدول العربية إلا أن تكون عالما قائما بحد ذاته .. لكنه عالم مقهور.