سطيف: 35 عارضا في الصالون الوطني للفلاحة والإنتاج النباتي    الرابطة الثانية هواة/الجولة 5: مستقبل رويسات ونجم بن عكنون يحافظان على الصدارة رغم تعادلهما    كينيا: الحزب الشيوعي يشيد بقرار محكمة العدل الأوروبية ويجدد موقفه الثابت والداعم للشعب الصحراوي    أكثر من 4ر1 مليون مغربي يعيشون في فقر مدقع وتردي خطير للحق في العيش الكريم بالمملكة    المخزن يواصل طرد المغاربة من منازلهم و أراضيهم لتسليمها للصهاينة    الدورة 149 للاتحاد البرلماني الدولي "فرصة رافعت خلالها الجزائر عن القضيتين الفلسطينية والصحراوية"    السيد بوغالي يشارك بجنيف في الاجتماع الثاني للجنة التحضيرية للمؤتمر ال 6 لرؤساء البرلمانات    غليزان: إصابة أربعة أشخاص بجروح في حادث مرور ببلدية سيدي سعادة    أمطار رعدية مرتقبة على ولايات شرق البلاد بداية من ظهيرة اليوم الجمعة    وزير الصحة يشرف على افتتاح أشغال المؤتمر الدولي لأمراض القلب    الجمعية العامة للأمم المتحدة: اللجنة الرابعة تتبنى قرارا يجدد التأكيد على الإطار القانوني لقضية الصحراء الغربية    حماس تعلن إستشهاد رئيسها يحيى السنوار    باتنة..مشاركة أزيد من 500 مختص في الملتقى التاسع لأمراض الكلى    معرض المؤتمر الدولي للعلوم الغذائية بقسنطينة: المزرعة الذكية والمنتجات الغذائية غير الكيميائية أبرز الابتكارات المعروضة    ممثلو 90 شركة ناشئة جزائرية يتوجهون الى الصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الاسبوع المقبل    الخطوط الجوية الجزائرية تلغي وتغير أوقات عدة رحلات مبرمجة    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين الجزائر وموريتانيا    رئيس الاوروغواي يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    بنك الجزائر: طالب يستقبل وفدا عن البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد "أفريكسيم بنك"    ربط أكثر من 40700 مستثمرة فلاحية بالكهرباء منذ 2020    حيداوي يبرز دور الشباب في الحفاظ على الذاكرة الوطنية ونقلها إلى الأجيال القادمة    الرئيس الأرجنتيني يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    وزارة الخارجية تُحيي اليوم الوطني للهجرة    وزيرا الثقافة والتجارة يفتتحان المعارض الفنية والإبداعية الخاصة بتظاهرة "كانكس ويكاند 2024"    اليوم الوطني للهجرة: تظاهرات متنوعة وإطلاق مشاريع تنموية بولايات الجنوب    حوادث المرور: وفاة 12 شخصا وإصابة 505 آخرين في المناطق الحضرية خلال أسبوع    جيدو/ بطولة العالم العسكرية: المنتخب الوطني يتوج بثلاث ميداليات    تنس الطاولة/بطولة افريقيا: تأهل الثنائي جلولي وكساسي لنهائي الزوجي المختلط    إحباط محاولات إدخال 5 قناطير من الكيف    42 ألفا و409 شهيدا في غزّة    مجازر أكتوبر فضحت وحشية الاستعمار    150 مؤسسة تشارك في معرض بالدوحة    والي بومرداس تعد بالتّكفل بانشغالات السكّان    إقبال كبير للنسوة على تخليل الزيتون    684 مليار.. ديون سونلغاز الجلفة لدى زبائنها    إمكانية طرح مشاريع للاستكشاف عن المحروقات في البحر    لا حلّ في ليبيا إلا بالانتخابات    فرنسا تسمم زعماء إمارة أولاد سيدي الشيخ    الابتلاء من الله تعالى    8 منتخبات تضمن رسميا تأهلها    رئيسة الهند تزور تيبازة    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية: مسرحية "تيرا مادري" للفرقة الإيطالية "تياترو بلو" أو نداء نجدة الطبيعة    النعامة.. وفاة سبعة أشخاص وجرح 19 آخرين في حادث مرور ببلدية مغرار    فتح باب الترشح للانضمام إلى قائمة الوسطاء    هذا سجل مشاركات الجزائر في كأس إفريقيا    هذا ما قالته أديداس عن قمصان الخضر ..    منصّة رقمية لتسيير مصالح الاستعجالات    اللجنة الوطنية للأطباء المقيمين في إضراب وطني لمدة 3 أيام    صحة: منصة رقمية لتسيير وتنظيم جميع مصالح الاستعجالات الطبية    حملة تلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    المنتخب الجزائري لتنس الطاولة في مواجه ساخنة مع النيجيري    الخضر يتاهلون إلى كأس أفريقيا للأمم 2025    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية : رقصة السماء.. مزيج ساحر بين المسرح، السينما والفيديو    تنظمه جامعة باتنة.. ملتقى وطني حول التعددية اللغوية في المنظومة التربوية والجامعية    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم الأرض يتجدد: بإفشال مشروع برافر
نشر في الفجر يوم 01 - 04 - 2014

في الثلاثين من مارس من كل عام يحتفل شعب فلسطين في كل أماكن تواجده في فلسطين التاريخية بأجزائها الثلاثة:المحتل منذ عام 1948، الضفة الغربية، وقطاع غزة، وكافة بلدان اللجوء والشتات، يحتفلون بيوم الأرض الذي بات يشكّل في شريط الذاكرة الجمعوية الفلسطينية محطّة مفصلية في النضال الوطني والديمقراطي، إنّه يوم الدفاع عن الأرض، لتجديد الوفاء لها، في 30/3/1976 انتفض أصحاب الأرض الحقيقيون في: الجليل، المثلث، والنقب.. فلسطينيو 48 الجزء العزيز من مجمل تعداد الفلسطينيين في وجه دولة الاحتلال الاستعماري الإجلائي، رفضاً لقراراتها بمصادرة ما تبقى من أرض الأجداد، ورفضاً للإجراءات اليومية التمييزية والعنصرية، في كل عام يتحول هذا اليوم إلى يوم كفاحي ضد المحتلين، إنه يوم المقاومة الشعبية في عموم فلسطين التاريخية.
يوم 15/2 من عام 1976 أبلغت سلطات الاحتلال الإجلائي المجالس المحلية لبلدات: ديرحنا، عرابة، سخنين، دير الأسد.. بقرارات مصادرة الجزء الرئيسي من أرضهم المزروعة والمشجرة والبالغة 20 ألف دونم، بالترافق مع إغلاق تلك المناطق ومنع دخولها من قبل أصحابها، تلك الأراضي التي يقتات من محصولها أهالي المنطقة، أصحاب الأرض منذ مئات السنين، وليس أولئك الوافدين لها من مختلف صقاع المعمورة والغرباء منها ضمن حملات الهجرة العدوانية الإستعمارية، هكذا دخل أبناء فلسطين في مواجهات مع الاحتلال دفاعاً عن الأرض، حيث استشهد العديد من شبابها وجرح المئات منهم، ثم اتبعت قوات الاحتلال هذه الموجة الدموية بحملة اعتقالات واسعة..، هذا وقد استمرت هبّة الأرض الشعبية إلى أن وصلت ذروتها بإعلان الإضراب الشامل يوم 30/3/1976 تجسيداً وترجمة نوعية لتراكم نضالي على مدار عقود كانت طويلة وثقيلة بكل ما تخللها من عذاب واضطهاد وقهر قومي وطبقي عنصري ممنهج، إنه أيضا انعكاس لمستوى الوعي لدى أهلنا خلف الخط الأخضر الذين يرسمون مع باقي الأجزاء مستقبل القضية الوطنية لشعب فلسطين، إن هذه المحطة قد شكلت نقلة لمرحلة جديدة تكون أكثر بلورة لعناوين نضالية جمعت بين ما هو وطني ومطلبي، ثم أسقطت محاولات الدمج والأسرلة، بالتالي تم المحافظة على الهوية الوطنية، وفي ذات الوقت سطرّت موضوعياً خطوط التكيف مع الوضع القانوني ضمن معادلة صعبة في دولة استعمارية استيطانية تخوض حروباً عدوانية متواصلة ضد شعبهم وأمتهم، دولة ليست لكل مواطنيها.
إنّ أكثر ما يتمايز به يوم الأرض في هذا العام 2014 وفي ذات السياق هو إفشال مشروع برافر الاستيطاني الذي يتساوى في خطورته ومضمونه العنصري مع تلك القرارات بمصادرة الأرض في شمال فلسطين، والتي سبقت انتفاضة يوم الأرض، بل إن مشروع برافر أكثر عنصرية، إنه القانون الذي أقره الكنيست الإسرائيلي يوم 24/6/2013 بناء على توصية كانت مرفوعة من وزير التخطيط في حينها، الصهيوني إيهود برافر عام 2011 من أجل تهجير سكان العشرات من القرى الفلسطينية في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة. ومن ثم محاولة تجميعهم في شيء سمّاه هؤلاء الصهاينة مغتصبي الأرض”بلديات التركيز”.
لقد اعتبر الكثير من الفلسطينيون أن هذا المشروع الإجلائي وجه جديد للنكبة، لأنه وفي حالة تنفيذه سوف يتيح لدولة الاحتلال، الاستيلاء على ما يقارب من 700 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية في تلك المنطقة، بالترافق مع تهجير 70 ألف من بدو النقب التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 250 ألف عربي فلسطيني، وكان الجانب الآخر من هذا المخطط الصهيوني يتمثل في توطين 300 ألف صهيوني في إحدى عشر مستوطنة، ونقل مقرات للجيش الإسرائيلي إلى تلك المنطقة.
لقد تصدى الفلسطينيون داخل الخط الأخضر في موقف موحد ،من الجليل إلى النقب مرورا بالمثلث، لهذا المخطط: بالتظاهرات، المسيرات، الاضرابات، ومختلف أشكال النضال الشعبي السلمي، بالتلازم مع وقفات مؤازرة وتضامن في مناطق الضفة والقطاع والخارج..
لقد كانت نتيجة هذا الموقف النضالي الموحد والمتواصل لفترة زمنية محددة، مسنوداً بالتحرك السياسي الخارجي ..هو إعلان رئيس حكومة الاحتلال الاستيطاني نتنياهو عن إلغاء مخطط برافر يوم 12/12/2013، لكن الجميع يدرك إن محاولات التهويد والمصادرة لما تبقى من أراضي باسم فلسطينيي داخل الخط الأخضر لن تتوقف أو تلغى بشكل نهائي، وما إلحاح الحكومة الإسرائيلية في مطالبتها للطرف الفلسطيني في المفاوضات الثنائية بالاعتراف بيهودية الدولة الصهيونية، ومن ثم اشتراط توقيعها عبر أي اتفاق هو الإقرار بذلك إضافة إلى التخلي عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين..إلخ، إلا دليلاً على استمرارها في مخطط التهويد والدمج أو التهجير، لكنها تحاول الحصول على الغطاء الفلسطيني العربي، وبدرجة محددة فإن المفاوضات الحالية توفر لها هذا الغطاء..يأتي إحياء هذه المحطة بفترة صعبة تمر بها القضية الوطنية التحررية بل إنّ المنطقة العربية عموماً تعيش مرحلة مخاض عسير:
يشهد الوضع الفلسطيني طورا جديدا من المخطط الصهيوني الأمريكي الامبريالي مع ملاحظة أن إدارة أوباما هي التي تقود وتدير مخطط تصفية القضية الفلسطينية بشكل مباشر ودون مواربة، بهذه الفترة، دون أن تخشى من أحد على مصالحها في المنطقة، بل نراها تجند أدواتها وكامل نفوذها في الإطار العربي الرسمي من أجل تمرير هذا المخطط، إن وظيفة هؤلاء الأدوات هو المساهمة الفاعلة في محاولة ترويض الموقف الفلسطيني حتى ينصاع لعنوان التحرك الأمريكي الذي يتلخص في مشروع ”اتفاق الإطار” التصفوي.
اللافت هنا أن البيت الأبيض يستخدم في التعامل مع القيادة الفلسطينية أسلوب قديم جديد وهو: سياسة العصا والجزرة، حيث يتبوأ العامل الاقتصادي الركيزة الأولى به، تشاركه دولة الاحتلال في تنفيذ حلقات الضغط، تارة باللجوء لتعليق أو إيقاف دفع العائدات المالية من الجمارك الخاصة بالسلطة الفلسطينية ..وتارة أخرى بالضغط الأمني العسكري، والحصار..إلخ إن نقطة الضعف المركزية هنا في الجانب الفلسطيني هي بالضبط بالموضوع المالي والاقتصادي الذي يجعل من رواتب العاملين في السلطة وكافة المؤسسات التابعة لها هي رأس الرمح في تلك الضغوطات وقد يكون مبررا للتراجع، ويمكن تلخيص بعض أسباب هذا الضعف في:
أ. عدم وجود إقتصاد وطني مستقل ومتحرر، يكون بمقدوره توفير عائدات مالية للسلطة لتغطية هذا الجانب أو جزء رئيس منه.وذلك بسبب وجود الإحتلال والتبعية الإقتصادية له، وتحويل الإقتصاد الفلسطيني إلى قطاع خدمات للإقتصاد الإسرائيلي، وبالتالي أصبحت مناطق الضفة والقطاع عبارة عن سوق استهلاكي واسع إلى أسوأ منتوجات اقتصاد الاحتلال، وعمق اتفاق باريس الاقتصادي لعام 1995 مع الجانب الصهيوني هذه التبعية،والجانب الآخر أن هذا الاقتصاد قد اعتمد في مساره قبل السلطة وبعد وجودها على اقتصاد السوق، دون أي وجود مؤثر أو متوازن للقطاع العام، إضافة إلى فقدان الرقابة الوطنية الجادة، وليس غريبا أن نجد مسلكيات اقتصادية استثمارية لدى بعض رجال الأعمال الفلسطينيين يضر ويلحق الأذى بالنضال الوطني التحرري.
ب. عدم التزام النظام العربي بجزئه الرئيس بقرارات القمم العربية المتصلة بدعم الوضع الفلسطيني، وخير مثال على ذلك هو الموقف السلبي الطاغي اتجاه القرار الذي تكرر في القمم العربية وصولاً لقمة الكويت الأخيرة والخاص بتوفير شبكة الأمان للوضع الفلسطيني، وهنا الحديث يطول عن تبديد أموال ثروات شعوبنا العربية في حقول ”متعة” حفنة من الأمراء في أوروبا وغيرها،منهم من يدفع مليون جنيه إسترليني لعارضة أزياء بريطانية مقابل حضورها حفلة عشاء مع السيد الأمير..ومنهم من يدفع ما يقارب مليون دولار مقابل أن تجلس معه إحداهن بعض الساعات في حديقة باريسية، إلى آخر الفضائح في عرضها المستمر..بدلاً من دعم من يقف سداً أمام الأطماع الاستعمارية الصهيونية..، بدلاً من دعم مشاريع: التنمية الاقتصادية الجادة أو محاربة الفقر التي تعاني منه قطاعات واسعة من شعوبنا العربية، بدلاً من الإنفاق على جهود ومشاريع محاربة الأمراض والامية..إلخ إلخ.
إنّ طبيعة الوضع العربي في مجمله بهذه الفترة في شبه الانهيار لمقومات الدولة في بعض بلداننا بسبب شراسة الهجمة الإمبريالية في شكلها الجديد، وانكفاء البعض للداخل الوطني..مما يساهم في استقواء هذه الموجة من المخططات المعادية، لكن دوام الحال من المحال، لن تبقى المنطقة العربية بمكوناتها المختلفة في مربع القرار الأمريكي، بل لن تكون الأرض إلا عربية.
في يوم الأرض: التأكيد على أن شعوبنا عاجلاً أم آجلا سوف تقرر مصيرها بنفسها وسوف تسترد كامل حقوقها في العمل، والحرية، والحق في الحياة. في يوم الأرض:إنَ من أفشل مشروع برافر الخطير في النقب بوحدة الشعب الفلسطيني في كل مواقعه، لقادر بذات الوحدة والإرادة السياسية على إفشال آخر حلقة من مسلسل مشاريع تصفية النضال التحرري الوطني متمثلا بمشروع اتفاق الإطار، ونقطة البداية: مغادرة مسار المفاوضات التي يستخدمها الاحتلال غطاء لتمرير سياسته الاستيطانية، ولتهويد القدس.لقد تجلّت وحدة الشعب الفلسطيني داخل الخط الاخضر وخارجه في يوم الأرض، وفي إفشال مشروع برافر إنّه الدرس الأساسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.