الحكومة مطالبة بتسطير استراتيجية محكمة لكي لا تقع في الفخ تقترب الجزائر اليوم بخطوات ثابتة من الانضمام للمنظمة العالمية للتجارة ”أومسي” على أمل توقيع الاتفاقية معها قريبا، بعد أن خاضت 11 جولة من المفاوضات في انتظار نتائج الدورة 12 المنعقدة هذا الأسبوع بسويسرا، والتي استوفت فيها كامل الشروط في الوقت الذي يطالب الخبراء بعودة وزير التجارة فورا وقطع المفاوضات ويتوقعون زيادات تصل 41 بالمائة في الأسعار في حال نيل تأشيرة ”أومسي”. بين مؤيّد لهذا الانضمام ومعارض له، حذر خبراء الاقتصاد من ”الأومسي” مخافة تحول الجزائر إلى بلد مستهلك للمنتوجات الأجنبية في ظل انخفاض الناتج الخام المحصل من النشاط الصناعي فمن المرتقب أن تشهد أسعار المواد الغذائية ارتفاعا محسوسا فور انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية، كون المنتجات الزراعية لن تخضع إلى أي نوع من الحماية ماعدا الرسوم الجمركية، الأمر الذي لن يسمح للجزائر بضمان حماية كافية للمنتجات الزراعية من المنافسة الأجنبية، كما أن أغلب وارداتنا هي سلع استهلاكية، والجزائر تستورد ما مقداره 3 مليار دولار سنويا من المواد الغذائية، ونظرا لقوانين المنظمة العالمية للتجارة الصارمة المتعلقة بالمواد الغذائية، فإنه يرتقب أن ترتفع أسعار المواد الغذائية بمعدل 9 بالمئة للحبوب، 12بالمئة بالنسبة للخضر والفواكه، 17 بالمائة للقمح، 18 بالمائة اللحوم،41 بالمئة الألبان و4 بالمائة للسكر،حسب ما كشفته مصادر اقتصادية ل”الفجر”. من جهة أخرى، يتوقع مصدرنا أن يحول الانضمام الجزائر إلى بلد مستهلك لسلع الدول الأعضاء لا مصدرا لها، مبررا ذلك أن القطاع الصناعي خارج المحروقات يمثل 10 بالمئة فقط من الناتج الداخلي الخام، وصادرات الجزائر خارج المحروقات لاتزال منخفضة ولم تنتعش بالقدر الكافي، ما يعني أنها ستهمش تماما من منظمة تبني معاملاتها على تجارة متعددة الأطراف حيث أنه لا يمكن للجزائر أن تكون متعاملا تجاريا فعالا في إطار هذه المنظمة لأنها لن تجد ما تصدره فتصبح بلدا مستهلكا للسلع الأجنبية فقط. وحذر محدثنا من الدفع بالمؤسسات الصناعية الوطنية غير القادرة على المنافسة إلى الإفلاس وبالتالي الغلق، خاصة أنّ الدولة لن تدعّمها قانونيا، بل بالعكس قانون السوق يفرض عليها أن تدافع عن نفسها بنفسها، والشيء الوحيد الذي يضمن استمرارها هو ضمان موقع تنافسي قوي ودائم، وهذه النتيجة حتمية سترفع من معدل البطالة بقرابة 30في المائة. من جهة أخرى، وحسب ذات المصدر، فإن انضمام الجزائر إلى منظمة ”أو أم سي” هو حتمي لا محالة ولا مجال لتأجيله واصفا الانضمام ب ”الشرّ الذي لابد منه”، محمّلا الحكومة مسؤولية نجاح الانضمام من عدمه، رغم المخاوف الكبيرة من انعكاسات الانضمام على الإقتصاد الوطني، مؤكّدا أنّ بلادنا مجبرة على اتّخاذ هذه الخطوة لكي لا تبقى معزولة عن العالم من حيث المبادلات التجارية بين الدول، في حين تتقدّم العديد من الدول الغير عضوة في المنظمة بطلبات للانضمام لكي تواكب المتغيرات الاقتصادية في العالم، قائلا ”لو كان أمامنا خيار الانضمام إلى منظمة أخرى موازية ل”أو أم سي” لفتحنا نقاشا واسعا حوله، لكن المتغيرات الراهنة تفرض علينا إجبارية الانضمام، كونها المنظمة الوحيدة على المستوى العالمي التي تتحكم في التجارة الخارجية”. مضيفا في ذات الصدد أنّه لو اعتمدت الجزائر سياسة تشجيع الصادرات لحققت انعكاسات جد إيجابية، من خلال تسويق منتوجاتها في الأسواق الأوروبية بشكل سلس ومدروس،فعلى الدولة تبني سياسة اقتصادية مبنية على تعزيز المنتوج المحلي من خلال التقليل من الاستيراد، كما يرتقب محدّثنا بأن الجزائر عند الانضمام ستواجه ضرورة تكييف منظومتها القانونية مع هذا التحوّل مما يستوجب إعادة تأهيل المؤسسات الاقتصادية لتتنافس من خلال تحسين منتجاتها وتنويعها. لمياء حرزلاوي مصدر من وزارة الصناعة: ”نصّبنا لجنة خاصة لمتابعة انضمام الجزائر إلى أو أم سي” كشف مصدر حسن الإطّلاع من وزارة التنمية الصناعية وترقية الإستثمار ل”الفجر”،عن تنصيب لجنة خاصة تضمّ إطارات ومسؤولين متخصّصين في المجال الاقتصادي لمتابعة انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة، وذلك مرافقة لوزارة التجارة التي سخّرت كافة الإمكانيات والكفاءات لتخطو خطوة ناجحة من خلال الالتحاق بالمنظمة. ل. ح الناطق باسم حزب العمال: ”انضمامنا خطر على اقتصادنا ومصر خير دليل” حذّر الناطق باسم حزب العمال جلول جودي في حديث سابق ل”الفجر” من الانعكاسات السلبية التي تتأتّى عن انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة، مؤكّدا أنّ الجزائر ملزمة بالإمتناع عن الالتحاق في الوقت الراهن كون ذلك سيضرّ باقتصادها،ضاربا المثل بمصر التي تدفع ثمن الالتحاق ب”أو أم سي” من خلال هشاشة اقتصادها وتدمير مؤسساتها الوطنية من خلال تعزيز الإستيراد والقضاء على المنتوج المحلي.