الخارجية الجزائرية تستدعي السفير الفرنسي للاحتجاج    العنصرية الفرنسية الرسمية..!؟    العاب القوى لأقل من 18 و20 سنة    تنافس شرس حول عرض أجْوَد التوابل    الآلية تبرز مدى التكامل بين الدولة وبين جميع مؤسساتها    الجزائر تحت قيادة رئيس الجمهورية سيدة في اتخاذ قرارتها    الصحف الوطنية تندد بالمعاملة السيئة للجزائريين بالمطارات الفرنسية    المركزية النقابية تنظم وقفة ترحم على روح أمينها العام السابق    اتفاقية بين البنك الوطني الجزائري والشركة الجزائرية للتامين    تساقط أمطار وثلوج على عدة مناطق بالوطن    خنشلة : الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية توقيف شخصين وحجز 1950 كبسولة مهلوسات    تعزيز التعاون في التدريب والتكوني المهني..اتفاقيتان بين سوناطراك و"أبراج" العمانية    الجزائر/إيطاليا : بلدية بولونيا تكرم المتعامل الاقتصادي توفيق هوام لمساهماته الإنسانية خلال أزمة كوفيد-19    الجزائر تدعو الى تحقيق مستقل في ادعاءات الكيان الصهيوني بحق الوكالة    لتمهيد الطريق للعملية السياسية..الجزائر تدعو لوقف فوري لإطلاق النار في السودان    قمة رؤساء الدول الإفريقية حول الطاقة تختتم "بالتوقيع على "إعلان دار السلام للطاقة"    شركة محروقات نرويجية تسعى لتوسيع أنشطتها بالجزائر    حيداوي: رفع منحة الطلبة الجامعيين: انطلاق العمل لإعداد مقترح "لائق وقوي"    توطيد التعاون الثنائي في المجالات ذات الأولوية    وزير الثقافة والفنون ووالي ولاية لجزائر يشرفان على جلسة عمل حول المخطط الأبيض ضمن النظرة الاستراتيجية لتطوير وعصرنة العاصمة    وزارة الثقافة والفنون تعلن عن فتح باب الترشح للطبعة الثالثة لجائزة "أشبال الثقافة"    تسريع وتيرة المشاريع المشتركة وفق رؤية استراتيجية    وزارة الصحة: إنشاء لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية على مستوى الوزارة    "مجلس الأمن : الجزائر تدعو الى تحقيق مستقل ومعمق في ادعاءات الاحتلال الصهيوني بحق "الأونروا    تطوير شعبة اللحوم الحمراء لتلبية حاجيات السوق    إرسال أسئلة النواب إلى الحكومة    الخارجية الفلسطينية تحمّل المجتمع الدولي مسؤولية صمته    أبواق المخزن تطعن في انتصار المقاومة الفلسطينية    مستعدون لإنجاح إحصاء المنتوج الوطني واستقبال رمضان    60 عملية جراحية لاستئصال سرطان الكلى بوهران    المكتتبون يطالبون بإنهاء حالة الترقب    تحيين المعطيات للتكفل الأمثل بالكوارث    كرة اليد/مونديال2025 (أقل من 21 سنة)/قرعة : المنتخب الجزائري في المجموعة الرابعة    مجلس الأمة: رئيس لجنة الشؤون الخارجية يستقبل وفدا برلمانيا تركيا    الذكرى ال 68 لإضراب الثمانية أيام: معارض ومحاضرات ومعاينة مشاريع تنموية بغرب البلاد    صحة: أيام تكوينية حول رقم التعريف الوطني الصحي    وزارة الداخلية: تنصب اللجنة الوطنية لتحضير موسم الاصطياف لسنة2025    غريب يدشن وحدة جديدة لإنتاج الأدوية المضادة لداء السرطان    اختتام تربص كاف أ    ريال مدريد عملاق يتسيد عالم المال في كرة القدم!    قِطاف من بساتين الشعر العربي    اختتام مسابقة جائزة الجزائر للقرآن الكريم    عبادات مستحبة في شهر شعبان    تعليمات رئاسية صارمة    تعزيز قدرات الصوامع    شرطة المدية تطيح بمروّجين للسموم    نصر الله: يامال يُذكّرني بمحرز    تدشين وحدة لإنتاج أدوية السرطان بالجزائر    بطولة البراعم انطلاقة جديدة لتطوير السباحة في الجزائر    دهيلي يعتبر الخسارة أمام الكويت منطقية    محرز يتألق في السعودية ويستعيد بريق "البريميرليغ"    تدشين المتحف الوطني العمومي لشرشال    ترويج لأغنية الراي الجزائرية في قلب العاصمة الفرنسية    التزام بالتراث والطبيعة بالبلد القارة    أحكام خاصة بالمسنين    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



39 سنة من الحروب اللبنانية
نشر في الفجر يوم 12 - 04 - 2014

ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية هذه السنة ليست كسابقاتها. الشهور الأخيرة بدت مخيفة ومظلمة. الانزلاق من جديد كان ممكنا في أي لحظة. البؤر التي اشتعلت بقاعا وشمالا، وصلت إلى بيروت، وهي تنذر بشر مستطير.
حسنا فعل الوزيران، أشرف ريفي، ونهاد المشنوق، حين شرحا للرأي العام سرّ التبدل المفاجئ الذي نقل لبنان في غضون أيام قلائل من بلد على شفير حرب أهلية جديدة، تتوالد فيه البؤر المسلحة ويتسع نطاقها، إلى آخر له حكومة تسهر على سلامته، وجيش فولاذي يدافع عنه، ومجلس تشريعي لا ينام حتى يكاد يدخل موسوعة ”غينيس” لكثرة ما يسن من قوانين وما يحل من أزمات اجتماعية ومعيشية.
صار الجيش اللبناني، الآن، ومع إعلان تنفيذ الخطة الأمنية، يعرف كل شيء؛ بات بمقدوره، في لحظات محدودات، أن يحدد اسم ومكان وجود كل من يرمي قنبلة أو تسوِّل له نفسه التسلي برشق رصاص. عشر دقائق كافية للقبض على أي عابث بالأمن. يتساقط المسلحون كأوراق شجر خريفي، بعد أن حولوا حياة البشر إلى جحيم مقيم، فيوم يقبض على خاطف، وبعدها على مفخخ للسيارات، ثم على مجرم من طراز رفيع مطلوب دوليا. ”لم يعد للإرهابيين مكان بيننا”، يقول المسؤولون، بعد أن تركوهم ثلاث سنوات يصولون ويجولون ويهددون.
تستعيد الدولة، منذ إطلاق الخطة، الأطراف اللبنانية شمالا وبقاعا، بعد أن كادت تفلت نهائيا من قبضتها، لصالح دويلات صغيرة متخمة بالمسلحين والعصابات من كل لون واختصاص، فمن تزوير العملات النقدية إلى طباعة جوازات سفر، وسرقة سيارات وتفخيخها، والاتجار بخطف البشر.. كل شيء كان مباحا ومتاحا في الأجزاء التي اقتطعت بفعل متفلتين باحثين عن أسباب رزق رخيصة، غطاهم سياسيون نافذون، وأتاحت لهم الحدود المفتوحة مع سوريا، التنقل بحرية في الاتجاهين. كان لمذاق الذكرى ال39 للحرب الأهلية أن تكون علقمية، لولا ”الخطة السحرية” التي رأى فيها المواطنون عجبا عجابا، وسألوا تكرارا: ما دام الحل سهلا، والاتفاق بسيطا، والجيش عفيا، لماذا لم تنفذ قبلا، لتنقذ مئات الأرواح، وآلافا؟! الإجابة جاءت موجعة وصادمة. لم يخفِ وزير الداخلية نهاد المشنوق، أن ”هناك قرارا دوليا كبيرا يقضي بأنه لا يجوز للأزمة السورية أن تمتد لتحرق لبنان. ونحن نسير ضمن هذا القرار”. كلام وزير العدل أشرف ريفي جاء أكثر وضوحا وإيلاما، حين قال: ”إن هناك معطى إقليميا ودوليا بأن تطفأ بؤر التوتر في محيط سوريا، وهذه فرصة للبنان، قرأنا هذا المعطى وأبلغنا به، وواكبنا هذا الجو الإقليمي الدولي بقرارات سياسية واضحة وحازمة”.
من البقاع، وصولا إلى أقصى الشمال، فعل المعطى الخارجي - الذي تكلم عنه الوزيران، ثم أكده رئيس مجلس النواب نبيه بري - فعلته، حيث تنفذ مداهمات، وتقطع اتصالات، وتحوم طوافات الجيش في سماء المناطق بحثا عن مطلوبين، مع تأكيد أن الخطة ستصل إلى بيروت لتنظيفها أيضا. لم يعد الجيش وحيدا، فجأة بدت قوى الأمن أقوى وأكثر تنظيما بكثير مما كنا نعتقد، بعد أن سخر المواطنون طويلا ممن سموهم الكائنات الفضائية الزرقاء حين كانوا ينتشرون دون فاعلية. الآن صار لرجال الأمن هيبة وقوة ضاربة يعتد بها.
للمرة الأولى، رأينا قطعا للبث التلفزيوني المباشر، لأن المتكلم يتعرض للجيش اللبناني. لم يسمح للشيخ داعي الإسلام الشهال، بأن يتمادى في التحريض على الجيش، مع أن التحريض كان يأتي من نواب ومسؤولين يفتح لهم الهواء على غاربه. صارت الكلمة موحدة، والدعم كاملا لما يقوم به الجنود.
كل ذلك تزامن مع تشكيلة حكومة المصلحة الوطنية، وسيطرة الجيش السوري على غالبية المناطق المحيطة بلبنان مع مقاتلي حزب الله. هكذا عزل لبنان عن حرائق البلد الشقيق جغرافياً وأمنياً.
ليس ذلك فحسب، فبطريرك الكنيسة المارونية بشارة الراعي، قال من جنيف بضرورة إيجاد مكان آمن للنازحين السوريين إلى لبنان بنقلهم إلى داخل الأراضي السورية، بعد أن تجاوز عددهم المليون. وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لاقى البطريرك حين أعلن أن لبنان يستقبل نازحاً سورياً كل دقيقة، أو 50 ألفاً كل شهر، وهو ما يجب أن نجد له حلا.. ”إنها ساعة مواجهة الحقيقة والاتفاق على موقف موحد لأن المسألة خطيرة ولا تحتمل أي نوع من الاختلاف أو المزايدات”. والحل النموذجي الذي يطرحه الوزير درباس مطابق لاقتراح البطريرك، أي ”إقامة مخيمات على الحدود اللبنانية”.
المهم الآن ألا يكون الاستدراك متأخرا، والإشارة الخارجية فيما يتعلق بالأمن الداخلي ووضع النازحين السوريين، أعطيت بعد فوات الأوان. فاللعب بالنار قد يأتي على صاحبه أحيانا. البيئات التي حضنت المسلحين، وشارك أولادها في أعمال خارجة على القانون، بعد أن حماهم سياسيوهم، يشعرون اليوم بالخديعة. ثمة مناطق تغلي حنقا، والمخيمات الفلسطينية التي لجأ إليها مطلوبون تفور هي الأخرى.
بعد قرابة أربعة عقود من ”حرب الآخرين على أرض لبنان”، كما عرفها الراحل غسان تويني، لا تزال المعادلات هي ذاتها، والسياسيون هم عينهم، والانتهازية على حالها، والارتهان لغير لبنان وسيلة وحيدة للوصول إلى السلطة. الفرق الوحيد اليوم، أن عدد القتلى من حينها تجاوز ال150 ألفا بسبب حالة الاستنزاف، وأن العدد مرشح للتصاعد، ما دام ثمة من يبشرنا بأن الحرب والسلم لا يزالان قرارا خارجيا خالصا، لا يملك اللبنانيون منه سوى الطاعة وتنفيذ الأوامر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.