قالت المخرجة المغربية دليلة النادر، إنّ فيلمها الوثائقي الموسوم ب”جدران ورجال” قد لا يحمل رسائل أمل من خلال رصد كم هائل للأوضاع المزرية التي يعيشها سكان مدينة الدار البيضاء بالمغرب، معتقدة أنّ إبراز يوميات الناس فيها وطريقتهم في الحياة تعكس بحق حجم السعادة والأمل لديهم. وأكدت المخرجة الناظر أنه لا يهمّها عرض أوضاع البؤس والفقر والبطالة والحرمان التي تعيشها المدينة، بقدر ما اشتغلت على إظهار مشاهد حية لسعادة الأطفال وهم يرقصون إلى جانب فتيات وفتيان، رغم الفقر المدقع والظروف المعيشية المنعدمة. وعبرّت المخرجة، عقب عرض فيلمها أول أمس بقاعة سينماتيك الجزائر، عن سعادتها لأنّ الجمهور استشعر بنية الفيلم من الناحية النفسية، حيث شعر بأنّ الحيز المكاني لمجريات الفيلم يجري في شكل مغلق أشبه بالسجن، موضحة أنه من الصعب فهم هذا الإطار السينمائي. وترصد المخرجة دليلة الناظر في زمن قدره 83 دقيقة، تحركات أهل المدينة العتيقة التي تناستها السلطات وفرطّ فيها سكانها، بسبب ضياع أحلامهم على عتبات البيروقراطية والوعود الكاذبة للسلطة التي لا تتذكرهم سوى في فترة الانتخابات، حيث غاصت في مشاكلها وهموم الشباب الباحث عن ”الحرڤة” نحو الضفة الأخرى بعد أن سدّت جميع الأبواب في وجهه، ما دفعه إلى اختيار سبل حياة أخرى لنسيان همومه كتناوله للمخدرات واعتماده السرقة كأسلوب لكسب قوت وإعانة أهله. لكن ما أرادت تصويره المخرجة بالمقابل هي الصورة القاسية والمأساة التي تعيشها اليوم المدينة القديمة للدار البيضاء من خلال حالة الإهمال وشبح الأوساخ الذي يطاردها في كل زاوية من زوايا بيوتها الشاعرية التي تمنحك الدفء ومتعة النظر إلى هندستها وجمال أزقتها. كما قدمت في فيلمها شهادات حية لشبان وكهول ونساء قست عليهم الظروف، لكن تتسم دواخلهم وبيوتهم بالجمال وحبّ الحياة والسعادة والطاقة المبهرة التي يمتلكونها رغم الوجع. يذكر أنّ وثائقي ”جدران ورجال” قدّم في إطار فعاليات مهرجان الجزائر للسينما المغاربية في دورته الثانية التي يسدل الستار عليها سهرة الأربعاء المقبل. أنتج بشراكة كل من ”تيلي بوكال” و”لابل فيديو” بالتعاون مع فرانس تليفزيون.