تمكن المخرج المصري الشاب وائل جزولي من كسر جدار الصمت حاجز الصمت بمنطقة نوبا جنوب مصر منذ خمسة عقود كاملة، ليعبر أنّ المواطنين سواسية مثل باقي الشعب المصري من خلال مجالات التعبير عن الآراء، لاسيما أنّ من حقهم العودة إلى ديارهم المعروفة ب”إركي”. ويعد فيلم ”إركي” عملا وثائقيا أنجزه جازورلي بهدف تسليط الضوء على فئة مهمشة ومحظورة بمصر، من خلال منعهم من العودة الى منازلهم بعد النفي والتهجير. انطلق المخرج في تجسيد العمل الذي تم عرضه أول، أمس بقاعة سينماتيك بوهران، ضمن منافسة الأفلام الوثائقية لمهرجان وهران السابع للفيلم العربي، من الشخصية الرئيسية للفيلم الوثائقي شادي فكري الكاشف، في رحلة إلى نوبا، مثيرا قضية النوبيين جنوب مصر والتي تعبر أقلية كانت تعيش في الجنوب قبل أن يتم تهجيرها وتشتيتها بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بضرورة بناء قناة السوويس، ما أدى إلى زوال ”النوبة” بسبب ارتفاع منسوب المياه بالقناة. يضم الفيلم الذي قدم في 45 دقيقة مجموعة من الشهادات الحية لأبناء نوبة، أبرزت في مجملها محاولات التعتيم المتواصلة من الناحية الإعلامية أو فيما يتعلق بعدم السماح بتناولها سينمائيا إعلاميا، غير أنّ هذه الضغوطات والقرارات لم تثن الشاب وائل جزولي عن الدفاع عن القضية التي تعكس هوية النوبيين. وتطرق ”إركي” من خلال الصحفي محمود أبو بكر، إلى معاناة النوبيين بعد تهجيرهم، حيث يحكي هذا الوثائقي الملتزم بالقضية مأساة الجيل الثالث من النوبيين الذين ولدوا وعاشوا في القاهرة بسبب التغريب الذي فرض عليهم بعد تهجيرهم إلى مناطق مختلفة، بدون تأمين لهم فرص الحياة الكريمة. كما يعالج المخرج وائل جزولي إشكالية كيف وجد النوبيون أنفسهم مهجرين في الصحراء أو في مدن الشمال، دون أن يتمكنوا من العودة مجددا لضفاف النيل، كما وعدتهم السلطات المحلية بأن عودته مؤكدة بعد استقرار منسوب المياه. وقد حدث ذلك بعد عام، ولكن لم يحدث شيء حيث مرّت أكثر من خمس عقود. ويشير الفيلم إلى الأزمة السياسية والثقافية والديمغرافية لسكان الجنوب المصري من النوبيين، الذين تم تهجيرهم من مناطقهم لبناء السد العالي في عام 1963. ويسعى الفيلم من خلال تقديم نموذج رئيسي لأحد ضحايا التهجير إمكانية التغلب على الصعوبات القائمة لإعادة بناء الثقافة النوبية وعودة أهالي النوبة إلى مناطقهم، بالإضافة إلى الأبعاد الإنسانية والثقافية والسياسية لتداعيات التهجير الذي شمل مناطق واسعة من أراضي النوبة التي غرقت تحت مياه النيل.