الجزائر ترفض مخططات إفراغ غزّة من سكانها الأصليين    حج 2025.. بآليات تنظيمية ورقمية متطورة    حل مشكل البطاقات الرمادية للسيارات المستوردة مؤخرا    الفريق أول شنقريحة يستقبل من طرف رئيس أركان الدفاع للقوات المسلحة الهندية    "كنان الجزائر" تبرمج رحلة بحرية نحو نواكشوط    الجزائر تدعو إلى تسريع العمل البرلماني الأورو متوسطي    الجزائر تدعو إلى ضبط النّفس ووقف التصعيد    الانخراط في اتحاد المنظمات الإفريقية لمكافحة السرطان مفتوح    التفجيرات النّووية في الجزائر جريمة ضد الإنسان والبيئة    ديوان الحج والعمرة يدعو إلى أخذ اللقاحات الموصى بها    إنتاج المادة الأولية للعلاجات المضادة للسرطان    أنصار "السياسي" مستاؤون لتقاعس الإدارة    مشروع مركز جديد للدفع والمراقبة    سارق هواتف مطلوب لدى 6 مصالح أمنية    تكريم "نورية" إعتراف بدورها في سطوع المرأة الجزائرية على الخشبة    الرواية البصرية تصنع الهويات    7 شركات كبرى للترويج العقاري بصالون "بويتاك" قسنطينة    ''العميد" لطرد النحس و''السياربي" للتأكيد    الجزائر جاهزة لاحتضان أول نسخة من الألعاب المدرسية    حجز 2.5 كيلوغرام "كيف" و1050 قرص مهلوس    الوزير الأول"نذير العرباوى" يشرف غدا مع نظيره التونسي على إحياء ذكرى ال 67 لأحداث ساقية سيدي يوسف    وزير الاتصال"مزيان ومحمد " يسلم رسالة خطية من رئيس الجمهورية إلى نظيره الغاني    المغرب يلجأ إلى الأساليب الخبيثة ل"شرعنة" احتلاله للصحراء الغربية    جبهة القوى الاشتراكية تعقد دورة استثنائية لمجلسها الوطني    ألعاب القوى (تجمع فزاع الدولي بالإمارات): مشاركة ثلاثة رياضيين جزائريين في الموعد    كرة القدم/الكأس الجزائرية الممتازة-2024 (مولودية الجزائر- شباب بلوزداد): مرشحان في رحلة البحث عن أول لقب للموسم    المغرب : هيئة تجدد موقفها المناهض للاختراق الصهيوني وتجريم التضامن مع القضية الفلسطينية    الدراجات/ طواف الجزائر2025: الطبعة ال25 عبر ولايات شرق و جنوب الوطن    "الأونروا" تحذر من مخاطر تعرض مئات آلاف الفلسطينيين في غزة للبرد القارس    عطاف يجري محادثات مع المبعوث الخاص للرئيس الموريتاني    تنظيم الطبعة ال 19 للصالون الوطني للتشغيل والتكوين المتواصل والمقاولاتية من 8 الى 10 فبراير بالعاصمة    المواطنون الراغبون في أداء مناسك العمرة مدعوون لأخذ اللقاحات الموصى بها من طرف وزارة الصحة    صيدال: الاطلاق المقبل لمشروع انتاج المادة الأولية للعلاجات المضادة للسرطان    مهرجان الصورة المؤسساتية: تتويج 14 فيلما مؤسساتيا بجائزة أفضل الإبداعات السمعية البصرية في مجال الأفلام المؤسساتية    تجارة: مراجعة شاملة للإطار التشريعي وتوسيع الاستثمار في المساحات الكبرى    التدابير الواردة في قانون المالية لسنة 2025 تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال في الجزائر    وفاة المجاهد و الخطاط عبد الحميد اسكندر عن عمر ناهز 86 عاما    مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 27 : تسليم محور قسنطينة خلال الثلاثي الرابع من 2025    خط سكة الحديد الرابط بين العبادلة وبشار يوضع حيز الخدمة قريباً    شاهد حي على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    ترامب يفتح جبهة صراع جديدة    إبراز التراث الأدبي والديني للأمير عبد القادر    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    إبراهيموفيتش يكشف سبب رحيل بن ناصر    صوت المريض    تنفيذ تمارين افتراضية بالجلفة    بذرة خير تجمع الجزائريين    مسلوق يتعهّد باحترام رزنامة المباريات    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات جنوب البلاد ابتداء من يوم الخميس    مناجم: تنصيب مدير عام جديد للشركة الوطنية للأملاح    اليمين المتطرّف الفرنسي في مرمى النّيران    "أباو ن الظل".. بين التمسّك والتأثّر    المبدعون من ذوي الاحتياجات الخاصة يعرضون أعمالهم بالجزائر العاصمة    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    الإذاعة الثقافية تبلغ الثلاثين    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما معنى اسمي الله "الظاهر" و"الباطن"؟
حكمة عطائية
نشر في الفجر يوم 09 - 07 - 2014

يقول ابن عطاء الله السكندري: ”لولا ظهوره في المكوَّنات، ما وقع عليها وجودُ إبصار، ولو ظهرت صفاته اضمحلّت مكَّوناته”
تأمل في المكونات التي تراها عيناك، من السماء وما فيها من نجوم وأفلاك، وفي الأرض وما فيها من جبال ووهاد وأشجار ونباتات، وما قد بُثَّ فيها من سائر الحيوانات، وفي البحار وشأنها وما فيها من غرائب المخلوقات، ثم قل لي: مالذي تنطق به هذه المخلوقات كلها، وما الحديث الذي تردده على سمع كل عاقل؟
إنها تتحدث عن علم الله وحكمته ودقيق تدبيره، وباهر قدرته، فهي ألسنة شتى ناطقة بوجود الله ووحدانيته، بل إنها مرآة ساطعة لوجود الله عز وجل لا يتيه عن رؤيته فيها متبصر عاقل، وصدق من قال:
تأمل في رياض الأرض وانظر إلى أثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاهدات بأن الله ليس له شرييك فماذا لو غاب وجود الذات العلية عن صفحة هذه المكوانات ومرآتها، فلم تتبين فيها آثار علمه وحكمته وتدبيره، ومظاهر قدرته؟
إذن لغابت هذه المكونات أيضاً فما رآها مبصر، ولما وقع منها على أيّ أثر، ذلك لأنها تقررت بعلم الله وتخصصت بإرادته، ثم وجدت بقدرته، فلو لم تتجلّ فيها هذه الأسرار التي بها ظهر الله في خلقه وتجّلى لعباده، إذن لغاب السبب الذي به تخصص نظامها ثم تحقق وجودها، ولبقيت عندئذ في ظلمات الغيب والعدم..
فإن قال لك قائل: ولكن ها أنا أنظر إلى المشاهد الكونية على اختلافها، فلا أجد مظهراً لأحد فيها، ولا أبصر فيها إلا ذاتها وطبيعتها، فاعلم أنه كالذي ينظر في المرآة الصافية، ثم يقول: إني لا أجد مظهراً لأحد فيها ولا أبصر فيها إلا ذاتها وطبيعتها!..
إنه يعاني من أحد شيئين: إما من عين لا يبصر بها، أو من كبر قد زجه في سجن العناد.
ليس في العقلاء من يسمع كلاماً ثم لا يؤمن بوجود متكلم، أو شم عبقاً يفوح ثمَّ لا يؤمن بوجود ورد أو زهر، أو يقرأ خطاً نقش على ورق ثم لا يؤمن بوجود كاتب.
فإن قال لك هذا القائل: فهلاَّ بصرتني بالله ذاته في هذا الذي تنسبه إليه من جميل صنعه/أو بصرتني بصفاته ذاتها، من العلم والحكمة أوالقدرة بدلاً من آثارها التي تزعم أنها بارزة في صنعه، فقل له: لو ظهر لك في ذاته أو في شيء من صفاته، لاضمحلّت منك كينونتك الضعيفة هذه، ولغبت عن وجودك الذي هو أثر من آثار وجوده!..
لقد قضى الله أن يكون وجوده في هذه الحياة الدنيا خفياً باطناً عن الأعين من حيث ذاته وصفاته، وأن يكون جلياً وظاهراً من حيث آثاره الدالة بالبداهة على كل من ذاته وصفاته وأنت تعلم أن من أسمائه الحسنى الظاهروالباطن.
وفي القرآن الآيات التي تدل عل كلا الإسمين:
اقرأ مثلا هذه الآية التي تدلك على اسمه الظاهر: ”واللهُ أنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الأَرضَ بَعْدَ موتِها إنَّ فِي ذَلِكَ لآيةٌ لِقومٍ يسمعونَ”(النحل)وانظر كيف يبرز الله لك من خلالها أثار صفاته الكثيرة من العلم والرحمة والحكمة والتدبير والقدرة..الخ.
فهذه الآية وأمثالها يتجلى فيها مصداق اسمه”الظاهر”، وإنما ظهوره فيها، من حيث الآثار التي تتبدىَّ للعقول والألباب، لصفاته التي هي مضمون أسمائه الحسنى.
وأما بيان القرآن لمعنى كونه باطناً وللحكمة من ذلك، فنقرؤه في سائر الآيات التي يدعو فيها عباده إلى الإيمان بالغيب، أي إلى أن يؤمنوا بوجود ذاته العلية وكل ما أخبر به مما لم يولد من غيبه بعد، على الرغم من أنه سبحانه وتعالى غائب عن أعينهم وحواسهم.
يقول الإمام أبو حامد الغزالي(ت505ه): ”والله سبحانه وتعالى باطن إن طُلِبَ من إدراك الحواس وخزانة الخيال، ظاهر إن طُلِبَ من خزانة العقل بطريق الاستدلال”
إن حواسك هذه أضعف من أن تصمد أمام ما هو خارج عن دائرة معايشك الصغيرة المحيطة بك، فكيف تصمد بالرؤية أو الإحساس والاستيعاب أمام مبدع الكون ومنشئه من ظلمات العدم؟ !..
لكن كيف يصح أن يتجلى الله على عباده الصالحين في الدار الآخرة، حتى أنهم ليرونه كما يرون القمر ليلة البدر، ليس دونه حجاب؟
والجواب:
أن الله يخلق عباده والعالم كله يوم القيامة خلقاً آخر، وأنه عز وجل يهيئ كلاً، من حيث الخلق والإمكانات، لما قد أعدَّ له، فأما الصالحون فيخلقهم الله مجهزون بالإمكانات اللازمة لرؤيته وهي إمكانات لا تخضع لمقاييس المنطق والعلوم التي نتعامل بها ونحتكم إليها اليوم..وأما المجرمون والجاحدون فيخلقهم الله مجهزين بأجساد لا تذيبها أو تمحقها النيران بل تجدد كلما اهْتَرِأَ نسيجها أو كاد، مصداقُ ذلك قوله سبحانه وتعالى: ”كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَهاَ”(النساء) وهي الأخرى إمكانات لا تخضع لمقاييس المنطق والعلوم التي نتعامل بها ونحتكم إليها في دنيانا اليوم.
المرحوم الدكتور سعيد رمضان البوطي بتصرف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.