شكلّت ثورة 25 جانفي/يناير، وتبعاتها على المجتمع المصري طرح المسرحية الموسومة ب"طقوس الحياة والموت" لمسرح الطليعة التي عرضت على ركح محي الدين بشطارزي بالعاصمة برسم فعاليات المهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته التاسعة المرفوعة لروح الراحل محمد بن قطاف. المسرحية التي أخرجها الفنان الشاب مازن الغرباوي انطلقت من فكرة إمكانية انبعاث الحياة من جديد في نفس الشعب المصري عبر التمسك بالأمل بعد أحداث الثورة التي خلفت وراءها أرامل ويتامى وشهداء، وسط اختلاف الأفكار والرؤية لما وقع. غير أنّها ركزّت على جدلية الفكر والشهادة بناء على أنّ لكل فكر شهيد أيضا، في إشارة موحية إلى أنّ من سقط في ميدان التحرير ومدن أخرى بمصر يعتبر شهيدا سواء من جانب العسكر أو من فئة الثوار أو عامة الشعب. فسجلّ “طقوس الموت والحياة” نص للكاتب عصام عبد العزيز والمقتبس عن مسرحية “المدينة” ل لولا آنا جنوستاكي، دراما مركبة، تم سردها بشكل غير تقليدي، من قبل الممثلين الشابة نهى لطفي بطلة القصة ووفاء الحكيم ومايكل ناجي ومحمود عزّت في دوري “الجندي” و”العريف”، حيث صورّ عواقب الثورة وانتفاضات الشعوب العربية وبالتحديد بمصر من خلال قصة إمرأة توفي زوجها وبقيت ملازمة قبره، قاطعة أي أمل في الحياة بعد رحيله، وفي الوقت ذاته تبرز سيدة أخرى بالمقبرة حاملة في بطنها جنينا، وتلازم القبر نفسه، ليبدأ الصراع بينهما على “أحقية” الزوج الميت، “جندي”، توفي أثناء الثورة، لتكتشفا في النهاية أنّه ليس بزوجهما، وبالتالي تقرر الزوجة الشابة بدء حياة جديدة إثر تعرفها على”عريف”في الجيش نشأت بينهما قصة حب، لكن العريف يقف إلى جانب أحزانها بين مطرقة مشاعره وسندان واجبه العسكري، وازداد موقفه سوءا بعد سرقة جثة ثائر غفل عن حراستها زميله الجندي لتكون النهاية بتأبين الثائر ونصب تذكار له، في ايحاء بأنّ الجيش اختار الشعب في النهاية وهو ما صرّحت به نهى لطفي التي قالت جسدنا العرض بنبرة سياسية توضح بأنّ الجيش الجيش المصري وقع بين طرفين الدفاع عن الوطن والثورة، فلم يعرف ماذا يختار لكن اختار الشعب في النهاية. أما المخرج مازن الغرباوي فأشار بأنّ المسرحية تقرأ بتأويلات متعددة ولا تقصد جوانب معينة بل تركز على دراسة الجندي العسكري بالسيدة أو المرأة وكيف يتفاعل معها رغم التزامه بالقسم وذلك بهدف التوضيح بأنّ الحياة تدبّ فينا مجددا وتنبعث من ثنايا الموت مع التمسك بالأمل دوما. تجدر الإشارة بأنّه تم تكريم الفنان فتوح أحمد رئيس الوفد المصري، فضلا عن وفاء الحكيم ومازن الغرباوي، مخرج العمل.