ركز المشاركون في ملتقى راهن الأدب الجزائريبالجلفة، على دور النقد في الاقتراب من النص الجزائري، ومدى الحاجة إلى توحيد المصطلح والمفاهيم النقدية، واعتبر الباحث الزيواني الحاج صديق أن صناعة المصطلح النقدي ترجع بالأساس إلى ”طواعية اللغة”، مستشهدا بدراسته للمنجز النقدي للناقد عبد الحفيظ جلولي، الذي قدم ”اجتهادات في المصطلح النقدي”. وأكد الناقد قلولي بن ساعد الأمر ذاته من خلال حديثه عن المفاهيم النقدية التي يواجهها النقاد والاختلافات التي تشوبها، مشيرا إلى أن ”هناك مصطلحات يجب أن يتم الاتفاق على تداولها ومعناها”. ومن جهتها، دافعت حفيظة طعام من جامعة المسيلة على دور الناقد رغم أنها اعترفت بأن ”آلة النقد معطلة في الوقت الحالي”، بينما أشاد لونيس بن علي من جامعة بجاية ب”النقد الصحفي”. وقال أنه ”أسس لمناهج النقد وأنه مهم على الدوام”، واعتبر المتدخلون من الحضور أن النقد الذي يفترض فيه تسهيل الوصول إلى معنى النص أصبح يعمق من صعوبة النصوص بسبب ”اللغة الغامضة التي يستخدمها النقاد والتي تحتاج إلى شرح وتأويل”. وقدم الباحث والشاعر محمد الأمين سعيدي مداخلة تتبع فيها ”مسار الشعر الجزائري”، اعتبر من خلالها أن ”التراكم هو الذي سمح بمستوى النص الحالي”، مشيرا إلى ان ”الشعر الجزائري عاد إلى جمالياته بعد السبعينيات”. وتساءل الحاضرون عن السبب المباشر في وجود رداءة أدبية في الساحة، معتبرين أن ”الإعلام الثقافي الجزائري يتحمل المسؤولية”، إلى جانب ”صمت وتواطؤ الكتاب والنقاد والمثقفين”، وسمح ملتقى راهن الأدب الجزائري بعودة أسماء كثيرة إلى منصة الشعر بعد انقطاع طويل على غرار الشاعر مصطفى دحية وعبدالله الهامل من خلال أمسية شعرية ختمت أشغال اليوم الأول. وقد تم في مستهل هذه التظاهرة الثقافية التي تحتضنها دار الثقافة ”ابن رشد”، تكريم بعض الأسماء الفاعلة في المشهد الأدبي الجزائري من بينهم الدكتور مخلوف عامر الذي له باع كبير في ميدان النقد الأدبي، وكذا الشاعر عيسى قارف الذي أبدع بنصوصه الشعرية وله تتويجات عديدة في هذا الميدان، كما كرم الروائي إسماعيل يبرير نظير ما قدمه للأدب الجزائري بأعماله الإبداعية في الرواية وفي القصة وهو الحاصل على عديد التتويجات على الصعيدين الوطني والعربي. وحسب المنظمين، فإنه بعودة هذا الملتقى من جديد تكون الجلفة ”جددت العهد مع الأوفياء لها” من كتاب وشعراء شكلت لهم فضاء للإبداع والتفاعل النقدي من منطلق إثارة سؤال المعرفة والنقد لانتشال النص الإبداعي الجزائري من وضعه الراهن، وكان لزاما، حسب منظمي هذا الحدث الثقافي، ”إثارة من جديد صورة بروز بعض ألوان الطيف من الإبداع الأدبي في الجزائر في الخطاب النقدي ليتم رؤية صورة هذا الأدب المتنوع بشكل أكثر إضاءة”. وقد تم اختيار محور الملتقى الذي يعالج موضوعه ”تلقي الأدب الجزائري في الخطاب النقدي المعاصر” ليس بمحض الصدفة أو بالاستعراض بقدر ما هو دعوة صريحة وجريئة للأساتذة المحاضرين في هذا اللقاء، للنظر في مرآة الأدب الجزائري على صعيد النقد. ويرى المختصون أنه يوجد الكثير من المساهمات التي تناولت الأدب الجزائري لكنها ظلت بعيدة عن إعادة التأمل فيها وقراءتها والبحث فيها عما بقي مضيئا منها أو كاشفا للذوات ومن حق الأجيال الجديدة من طلبة وباحثين معرفة هذا الأدب وما كتب عنه في الماضي وفي الراهن.