تخوفات من انزلاق يعيد البلاد إلى نقطة الصفر أخيرا، الباجي السبسي، رئيسا للجمهورية التونسية بعد جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، واجه خلالها الرئيس المؤقت منصف المرزوقي، الذي كان منافسا قويا، ولا يزال كذلك بعد رفضه للنتائج الأولية المتقاربة التي تؤكد قوة المترشحين، غير أن تزامن ظهور النتائج مع احتجاجات شعبية لأنصار المرزوقي في بعض مناطق نفوذه، واستعمال القنابل المسيلة للدموع واعتقال عدد من المواطنين المحتجين، دفع الشعب التونسي إلى إبداء تخوفات من تحول الفرحة بالديمقراطية وبانتهاء المرحلة الانتقالية، إلى حالة طوارئ تعيدهم إلى نقطة الصفر. أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، عن فوز المترشح الباجي قائد السبسي، بكرسي قصر قرطاج، بنسبة 55.68 بالمائة من الأصوات، أي 1.731.529 صوت، أمام منافسه الشرس الرئيس المنتهية ”عهدته”، محمد المنصف المرزوقي، الذي تحصل على نسبة 44.32 بالمائة، ما يعادل 1.378.513 صوت، في مشاركة قاربت نسبتها 60 بالمائة. وبالرغم من أن النتائج كانت مرتقبة ليس بعيدا عن عنصر المفاجأة والتي دفعت إلى تأخير إعلان عن النتائج، إلا أن الأمور تتجه إلى التشنج أو التصادم خاصة بمناطق جنوب ووسط البلاد، بعد خروج أنصار ”المنهزم” إلى الشارع بمنطقتي الحامة وقابس، رافعين شعارات تعبر عن رفضهم لعودة ما أسموه الأزلام، ما أدى بقوات الشرطة إلى استعمال قنابل الغاز، لتفريق مئات المحتجين الذين أقدموا على إشعال إطارات العجلات في شوارع المدينة، وهو المشهد ذاته في بعض مناطق البلاد خاصة بالأحياء المعروفة بتضامنها مع الإسلاميين، ما ينذر بغد عصيب قد يعرقل الانتقال الديمقراطي ويفسد العرس ويعيد عقارب الساعة إلى الوراء وربما بقساوة. وفي خضم هذا المشهد المتوتر، خرج رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، يدعو الجميع إلى الاحتفال بالأجواء التي جرت فيها الانتخابات بدلا من التظاهر والاشتباك مع قوات الأمن، مضيفا أن الثورة التونسية هي الوحيدة التي مكنت من الوصول إلى انتخابات ديمقراطية على عكس باقي الثورات العربية الأخرى التي هدمت كل شيء، في إشارة إلى اليمن، ليبيا وسوريا، وطالب بضرورة احترام النتائج حتى يتسنى السير إلى الأمام في مسيرة البناء والتشييد والاهتمام بانشغالات المواطن. من جهة أخرى، أعلن عضو بالحملة الانتخابية للمترشح منصف المرزوقي، في تصريح للصحافة، أنه تم تسجيل عدد كبير من التجاوزات، من بينها تهديد الناخبين، وتشويه صورة المرزوقي والتهجم على مراقبيه، وأردف أنه سيتم التعامل مع هذه الخروقات المسجلة بعيدا عن منطق التشكيك في الانتخابات، وأن قرار الذهاب إلى المحكمة وتقديم طعون لن يكون قرارا سياسيا وإنما هدفه حماية منظومة مستقبلية، وفق تعبيره، داعيا إلى ضرورة التزام الهدوء في كل الحالات لأن المسار طويل والجميع مسؤول على إنجاحه وعلى تأسيس منظومة سليمة مستقبلا. من جانبه، أوضح القيادي بحزب المؤتمر، صلاح حسب، أن فوز الباجي قائد السبسي، جاء كرد فعل للممارسات الإقصائية التي تبنتها التيارات الإسلامية بعد نجاح الثورة، مضيفا أن فوز السبسي، قضى على ما تبقى من طموحات التيارات الإسلامية في تونس، وغيرها من الدول العربية.