تلجأ ربات البيوت في أيام البارد القارس بدون تفكير لطبخ أطباق تساعد على تدفئة الجسم ومده بالطاقة، حتى أنك لا تكاد تمر من منزل إلا وتسمع صوت صفير ”الكوكوت” وهي تدور وتعرف من خلالها أن ما يطهى في ذلك البيت هو إما ”لوبيا” أو ”دوارة”. تغمر بعض الأطباق الساخنة بيوت الجزائريين بنكهة شتوية ”تتصبّب” معها النوافذ عرقا، ومن هذه الأطباق اللوبيا الحارة والبركوكس والدوارة والدوبارة، حيث لا تفارق موائد الجزائريين طوال أيام البرد القارس. وفور استيقاظ أفراد الأسرة وتفقدهم لحال الجو يصيح كل واحد من جهته ”اليوم تاع اللوبيا” أو ”اليوم تاع دوارة” بشكل يوحي أنه لا غنى لهم عن هذا الطبق الحار في ذاك اليوم البارد. وحتى في المطاعم الشعبية يكثر الطلب على الأطباق الساخنة التي تزيح طبق ”الفريت أوملات” محبوب الملايين من الموائد، لتستخلفه أطباق اللوبيا والعدس وشربة الخضار، فهي ما ينفع مع برودة الطقس، فهي زيادة على فائدتها الصحية فإنها غير مكلفة وهي في متناول جميع الشرائح. وبدخولك لأحد المطاعم الشعبية في الفترة الممتدة من الحادية عشرة إلى الواحدة بعد الزوال لا تسمع في طلبات الزبائن إلا ”واحد لوبيا” وهو الطبق الأكثر طلبا وشعبية ليأتي بعده طبق الدوارة والعدس والحمص. ولا يبحث الجزائريون بعد عودتهم إلى بيوتهم في الأيام الممطرة إلا عن أحد الأطباق الشتوية ومنها ”البركوكس” أو ”لوبية بالبقري”. في هذا الشأن يقول علي، موظف في شركة خاصة، أنه يحب كثيرا طبق البركوكس الذي تعده والدته، حيث يجد فيه نكهة خاصة لا يجدها في طبخ زوجته. كما عبر عن حبه لطبق ”الدوارة بالحار”. وقال أن الأطباق الشتوية لها ميزتها الخاصة تتناسب مع الأجواء الباردة خاصة مع اضافة الهريسة أو الفلفل الحار. من المعروف عن الأطباق الشتوية الجزائرية أنها تعد بأبسط المكونات وهي لا تتطلب حضور اللحوم الحمراء أو البيضاء ولا تدخل في مكوناتها إلا الخضر، ومنها الطماطم والبصل وفلفل الحار وبعض التوابل، باستثناء طبق ”اللوبية بالكرعين” التي تتطلب شراء أرجل البقر من عند الجزّار مقطعة إلى أجزاء صغيرة، لتطهى مع اللوبية البيضاء أو الحمراء، وتجعل الأكلة عند استوائها لزجة ومغذية وتزيدها لذتها قطع الفلفل الحار المضاف إليها. أما ”البركوكس” فهو عجين تفتله النسوة في البيوت وتقتنيه جاهزا في الأسواق، يطهى في مرق غني بالخضروات والبقول الجافة مثل الجلبانة والفول اليابس. ومعروف عن البقول الجافة مثل العدس والفول المجفف والبازلاء والحمص واللوبيا غناها بالبروتين والحديد، وتعتبر بديلاً اقتصادياً عن اللحوم وتعطي الجسم حرارة، ما يجعلها تناسب الأيام الممطرة.