قال مدير مركز جنيف للسياسة العربية، والمختص في النظام السياسي السويسري والأنظمة السياسية العربية، الدكتور سامي الجلولي، إن استعادة الدولة للأموال المهربة إلى بنوك سويسرية لمخالفتها الإجراءات المعتادة أو لوجود شبهة حول مصدرها أمر ”شائك جدا”، وذلك بعد فضيحة ”سويسليكس” التي كشفت عن تخزين أموال 590 جزائري في بنك سويسري. وأوضح الجلولي، أمس، في اتصال مع ”الفجر” من جنيف، ردا على سؤال حول فرص استعادة الحكومة الجزائرية للأموال المهربة خلال السنوات الاخيرة إلى بنوك سويسرية، أن ”الأمر يحتاج إلى إثباتات دامغة لا تقبل الدحض، إلى جانب تعقيدات الإجراءات القانونية التي قد تستمر لسنوات إخرى”، موضحا أن ”الادعاء لوحده بمخالفة أي مواطن لقوانين بلده المانعة لفتح حساب بالخارج دون ترخيص، غير كاف، ”بل على الحكومة تقديم دلائل واضحة”. وبين مؤلف كتاب ”تسويق الديمقراطية السويسرية”، أن على الدولة أن تثبت أن تلك الأموال متأتية من أعمال غير مشروعة، كتبييض الأموال أو السرقة أو التحايل أو تجارة المخدرات أو السلاح أو الآثار إلى غير ذلك، وذكر بطبيعة عمل البنك إذ أنه ”ليس محققا حتى يجمع الأدلة ويطرح الأسئلة المحرجة على الزبون للوقوف على سلامة الأموال من الشبهات، وإنما يتعاطى مع ما يقدم إليه من وثائق وأوراق، وفي الأخير ليس من مصلحته رفض فتح حسابات لإيداع أموال”، حسب قوله. وتابع بأن البنك يطرح بعض الأسئلة الروتينية الشفوية على المتعامل من قبيل: هل لك عقود في تلك الأموال؟ وهل تعرف من قام بتحويل المبلغ لحسابك الخاص؟ وبخصوص إجراء أي تحريات حول الأموال القادمة من الخارج، أبرز الجلولي أن البنوك السويسرية تتشدد في التعامل مع التحويلات المالية من دول إفريقية أو آسيوية، خاصة التي تعاني من نزاعات. وفيما يتعلق بشروط فتح حساب بنكي في سويسرا، أكد الباحث السياسي أن أي شخص بإمكانه فتح حساب بنكي خاص، إذ يتم ذلك سواء عبر أحد فروع البنك السويسري بالخارج، أو عن طريق وسيط بنكي معترف به، أو عن طريق الحضور الشخصي، أو إرسال مطلب مرفوق بنسخة مطابقة للأصل من بطاقة هوية، مشيرا إلى عدم اشتراط القانون البنكي السويسري لوثيقة محددة مثل بطاقة تعريف وطنية أو جواز سفر، شريطة ألا يخالف التشريعات المنظمة للقطاع البنكي بدولته. وأوضح المتحدث أن أكبر الدول كفرنسا والولايات المتحدةالأمريكية وحتى سويسرا، لم تتوصل إلى معرفة حسابات رعاياها خارج البلاد، مشيرا إلى وجود شركات من هذه الدول لها حسابات دون علم السلطات الوطنية، ”وهنا يتم اتهام في الغالب شركات إدارة الأموال”. وكان محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، في ندوة صحفية وفي رده على فضيحة سويسليكس، قال إن ”الحكومة تراقب فقط البنوك المتواجدة في الجزائر”، مطمئنا بوضع كافة البنوك الناشطة في الجزائر تحت مجهر مفتشي البنك، وأن كل الأموال التي تخرج أو تدخل إلى البنوك مراقبة بدقة. وفجر تحقيق ”سويس ليكس” العالمي، مسلسل فضائح قبل أسابيع، حيث تم إحصاء 590 حساب ذي صلة بالجزائر في بنك ”أش. أس. بي. سي بريفايت بانك” بجنيف، برصيد إجمالي بلغ 671 مليون أورو، تعود ل440 جزائري، دون أن يذكر المصدر أسماء معينة. وقال التحقيق إن حسابات الجزائريين فتحت في البنك البريطاني عبر فرعه بجنيف السويسرية بين 1970 و2006، كما جاء في التحقيق أن من بين أصحاب هذه الحسابات هناك 10 بالمائة ثبت قطعا أنهم يحملون جواز سفر جزائري.