يبدو أن محاكمة مرحلة الحكم الحالية قد بدأت بالفعل، من خلال فتح ملف محاكمات قضايا الفساد، الطريق السيار حيث نشر غسيل أسماء في دواليب السلطة، ومن خلال محاكمة قضية الخليفة قريبا، وقضايا سوناطراك بأسمائها الثقيلة ممن كانوا يسمون بوزراء الرئيس، وأيضا من خلال ما أوردته زعيمة حزب العمال هذه الأيام ونوابها تحت قبة البرلمان و”فضح” ما أسمته ممارسات الوزيرة الحالية، وما نشرته عن قضايا فساد تقول إنها متورطة فيها وتسريبها للوثيقة التي أرسلتها إليها تهددها بسحب أقوالها والاتهامات الموجهة إليها بإسناد مشاريع لشركتها لإنتاج الأفلام، والمحسوبية ومعاملات تفضيلية. لن أزيد على ما قالته لويزة، التي تكون أغفلت أسماء ثقيلة من وزن ليلى الطرابلسي، إذ تكون استفادت من ميزانية من وزارة الثقافة وعقارات هي أيضا. أعرف أن لويزة هددت في لقاء مع صحيفة “الخبر” منذ أسابيع، أنها ستكشف ملفات فساد، وهذا دورها ودور الأحزاب الذي أغفلته لسنوات، وأعرف أنها لن تتكلم بدون أن تكون تملك أدلة. لكن لماذا نادية لعبيدي دون غيرها؟ ولا أقصد الدفاع عن وزيرة الثقافة ولا حتى أي شخص متهم بالفساد، ما لم تثبت براءته. لكن أليس هكذا سيرت وزارة الثقافة طوال السنوات الفارطة؟ لماذا سكتت لويزة على ممارسات صديقتها الوزيرة خليدة تومي، وهو ملف ثقيل إذا ما فتح يوما ما، من إسناد مشاريع للأصدقاء والأقارب من دور نشر معروفة كانت تأخذ حصة الأسد في كل شيء، ومن تبديد لميزانيات المهرجانات المتعاقبة وسنة الجزائر بباريس وغيرها؟ لكنها سارعت “لكشف” الوزيرة الحالية؟ من حق لويزة أن تحارب الفساد، بل من واجبها كزعيمة حزب سياسي واسم له وزن في الساحة، حتى وإن فقدت الكثير من مصداقيتها بسبب التطبيل والدعم للعهدات وخاصة الرابعة، وبسبب قربها من محيط الرئيس، لكن كان عليها أن تهتم أكثر بما يحدث في هضبة العناصر منذ سنوات، ومن توظيفات للصديقات من جمعية راشدة. الوزارة حاليا كلها رجال ونساء أوفياء لخليدة، عرفوا كيف يتسترون في الماضي على الكثير من التجاوزات، ويعرفون اليوم كيف ينتقمون لولية نعمتهم، وبقوا في الوزارة كعين خليدة التي لا تنام عما يحدث في الوزارة. المصيبة أن تكون لويزة وحزبها وظفوا هم أيضا في الانتقام للوزيرة السابقة!؟ على كل أبارك جدا هذه الصحوة ولو أتت متأخرة، وكان على لويزة أن تتطرق لكل الفساد الحالي والسابق في هذه الوزارة، ويكون لها من الشجاعة لتذكر كل من استفادوا من “إكراميات” وزارة الثقافة، أم أنها هي الأخرى تطبق المبدأ المطبق في محاكمات الفساد، يسقط الأسماء الثقيلة من المتابعة والسجن، مثلما حدث في قضية الخليفة بمحكمة البليدة منذ سنوات، رغم اعتراف أصحابها بتورطهم، ويعاقب صغار “اللصوص” وحدهم، ومنهم سيدي السعيد (سيدهم) ورئيس المجلس الدستوري الحالي، مدلسي، الذي اعترف بأخطائه أمام المحكمة؟!