انتقل المخرج الجزائري الكبير عمار العسكري، صباح أمس، إلى رحمة الله، بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة عن عمر ناهز 73 سنة. وقد تدهورت في الأيام الأخيرة صحة المخرج عمار العسكري وأدخل إثر ذلك عدة مرات للمستشفى. ويعتبر عمار العسكري من الرعيل الأول للمخرجين السينمائيين الجزائريين ويملك في رصيده العديد من الأعمال السينمائية الخالدة. ولد مهندس ”دورية نحو الشرق” في 22 جانفي 1942 بمدينة عين الباردة بعنابة وحصل على شهادة عليا في الإخراج من أكاديمية المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون لبلغراد في 1966 وشهادة في دراسات عليا في العلوم الاقتصادية والعلوم السياسية من جامعة الجزائر. شارك تحت لواء جبهة التحرير الوطني في إضراب الطلاب الثانويين التلاميذ الجزائريين في 19ماي 1956 ثانوية القديس أوغستن في عنابة، انضم لصفوف جيش التحرير الوطني سنة 1957 بالولاية الثانية جبل هوارة والمنطقة الثانية جبل مليلة وأيضا قاعدة الشرق غرديماو، كما كان أمينا عاما لنقابة السينمائيين التقنيين والعمال للاتحاد العام للعمّال الجزائريين والمركز الجزائري والصناعة السينماتوغرافية في ثمانينات القرن الماضي. ودخل العسكري غمار الحياة السياسية حيث كان مرشحا عن حزب جبهة التحرير الوطني في الانتخابات التشريعية 1991-1992 والتقسيمات الانتخابية بالحجار في عنابة، واشتغل كمدير عام المركز الجزائري للفن والصناعة السينماتوغرافية في التسعينات، ويعد كذلك عضوا مؤسسا في مؤسسة مفدي زكريا وعضو المجلس الاستشاري، ناهيك عن عضويته في مؤسسة أصدقاء الجزائر مع فييتنام. ترك المخرج عمار العسكري سجلا هاما من الأعمال المتميزة مثل ”دورية نحو الشرق ”سنة 1974 و”المفيد” (1979) و”أبواب الصمت” (1989). وكان آخر أعماله فيلم ”زهرة اللوتس” (1999) وهو فيلم مشترك جزائري فيتنامي إلى جانب عدة أفلام قصيرة. ونال عمار العسكري جوائز عديدة في مهرجانات دولية مثل قرطاج (تونس) وفيسباكو بواغادوغو (بوركينا فاسو). التحق الفقيد بصفوف الثورة التحريرية بعد إضراب الطلبة الجزائريين، وكان مجاهدا في الولاية الثانية. وعرف إلى جانب عمله الفني بنشاطه النقابي، إذ كان أمينا عاما لنقابة السينمائيين والتقنيين للاتحاد العام للعمال الجزائريين. كما كان آخر مدير للمركز الجزائري والصناعة السنماتوغرافية (كاييك) في التسعينات. سيوارى المرحوم عمار العسكري التراب اليوم بمسقط رأسه بعنابة. فيصل شيباني
المخرج المسرحي جمال قرمي: ”الفنان لا يموت” ”عمار العسكري مخرج قدم وناضل من أجل إعطاء السينما الجزائرية مكانتها في الساحة العالمية، أعماله شاهدة عليه، أسس جمعية أضواء وهذا بعد أن حلت مؤسسة السمعي البصري رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه إنا لله وإنا إليه راجعون الفنان يموت ولكن أعماله تبقى حية لا تموت. الممثل عبد الحق بن معروف: ”الجزائر فقدت أب السينما الثورية” قدم الممثل عبد الحق بن معروف تعازيه الخالصة لكل الفنانين الجزائريين في هذا المصاب قائلا ”الجزائر والسينما الجزائرية خصوصا فقدت اسما كبيرا في تاريخ السينما الثورية والتاريخية، عمار العسكري ابن الجزائر وقدم الكثير لها فهو الذي ناضل في سبيل تحريرها وهو المدافع دوما عن السينما الوطنية، فأعماله لا تخلو من المرجعية التاريخية ومتشبعة بالروح الوطنية”. وتحدث بن معروف بكل تأثر عن التعاون الذي جمعه مع الراحل عمار العسكري في فيلم ”زهرة اللوتس” قائلا”: ”أفتخر دائما بالعمل الذي قمت به مع الكبير عمار العسكري الذي منحني الفرصة للمشاركة في فيلم ”زهرة اللوتس”، وهو أول فيلم جزائري يصور خارج الوطن، وأين؟ في دولة أخرى وقارة بعيدة، ولكن هذا لم يمنع من إظهار تلك اللحمة الموجودة بين الشعبين والسبب الرئيسي يعود للوطنية التي يمتمع بها العسكري”. وأضاف بن معروف أن عمار العسكري صاحب مرجعية تاريخية وفيلمه ”دورية نحو الشرق” يجسد كل شيء ”الجزائر دائما حاضرة في أعماله فهو رجل وطني حتى النخاع، وأعماله ستبقى خالدة عند الجزائريين، واسمه سيبقى منقوشا في تاريخ السينما العالمية، لأنه هرم في مجاله”. المخرج بشير بلحاج: عمار العسكري هرم في السينما ”صدمت عند سماع الخبر، الجزائر فقدت اسما كبيرا في الساحة السينمائية، هو مخرج عظيم ومن الأوائل المؤسسين للسينما الجزائرية ويعد من أحسن المخرجين للأفلام الثورية، لم يسبق لي التعامل معه ولكن تربطني به علاقة صداقة جيدة، حيث نلتقي كثيرا سواء في المهرجانات او المناسبات السينمائية، ناهيك عن زياراتي له في قمر جمعية أضواء السينمائية التي يرأسها. خلاص القول عمار العسكري مدرسة للمخرجين الشباب والقدماء على حد سواء”.