لم يخف المخرج المسرحي الشاب فوزي بن براهيم، أن ملحمة قسنطينة الكبرى كانت بالنسبة إليه بمثابة التحدي الجميل، وأنه قبل العرض رغم ضخامته من منظور إعطائه لمسة شبابية عصرية، وكذا للتأكيد بأن الجيل الحالي قادر على الإبداع والتألق، وهو بحاجة إلى الإمكانيات والمساندة فقط. المخرج المسرحي والممثل الشاب الذي قدم عملا ملحميا وسنه لا يتجاوز الثلاثين تطرق لعدة جوانب تخص العمل الفني وشخصيته وآفاقه وأشياء أخرى تجدونها في هذا الحوار. بداية هل يمكن أن تختصر لنا مسارك الأكاديمي لتصبح على ما أنت عليه الآن؟ فوزي بن براهيم خريج مدرسة برج الكيفان، درس التمثيل والإخراج، كانت له تجارب مع مخرجين كبار سوريين من أمثال نجدة أنزور ومع فرنسيين والعديد من الفنانين الجزائريين طبعا، اشتغلت في التمثيل والإخراج المسرحي منذ 2011، دخلت تجربة المسرح بعد دراسات في فرنسا في تخصص إخراج وإدارة المسارح، وقبل ذلك بدأت أشق طريقي في المسرح الهاوي في باتنة. رغم صغر تجربتك إلا أنك صرت واحدا من المخرجين المسرحيين المميزين، ما سر ذلك؟ كما سبق أن قلت بدأت كهاو، حيث خدمني المسرح الهاوي قبل دخول عالم الاحتراف ثم ولوجي المعهد العالي والمشاركة في عدة أفلام ومهرجانات دولية، حيث كانت لي مشاركات مثمرة في المسرح العربي، خاصة في قطر والأردن والمغرب وتونس. وسر النجاح طبعا زيادة عن الموهبة هو العمل الجاد والمثابرة، والذين يعرفونني عن قرب يدركون أنني أطالع كثيرا وأتطلع دوما إلى الأحسن وأسعى لمعرفة تجارب الآخرين في مختلف مناطق العالم، بالإضافة إلى اللمسة الشبابية المعاصرة التي أطبع بها أعمالي، وربما شخصيتي القوية لها دور أيضا في تطوري ونجاحي رغم أنني في بداية الطريق، فشخصيتي تلزم على كل من يتعامل معي سواء في المسرح أو السينما احترامي. على ذكر أعمالك، ما هي أبرز إنجازاتك؟ تحصلت على جوائز عديدة في الإخراج، منها جائزة رئيس الجمهورية علي معاشي للفنان بمسرحية ”موقف ثابت” للراحل بن ڤطاف، وجائزة أحسن إخراج في المهرجان الوطني للمسرح المحترف في العاصمة بمسرحية ”مستنقع الذئاب” سنة2011، وكانت لي جوائز في المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي، وأكبر جائزة هي نجاح ملحمة قسنطينة الكبرى. بالعودة إلى ملحمة قسنطينة، ألم تتخوف من حجم العمل الذي عرض عليك؟ رغم ضخامة العمل وقيمة المناسبة، إلا أن ترشيحي لإخراج ملحمة قسنطينة لم يخفني بتاتا، بالعكس حفزني من أجل رفع التحدي لكي أثبت للجميع بأن جيلنا الحالي قادر على الإبداع والتألق، ونحن بحاجة إلى الإمكانيات والمساندة فقط، من أجل أن نترك بصمتنا في هذا المجال. وعلى أي أساس تم اختيارك لهذا العمل رغم تجربتك الصغيرة؟ صحيح أن تجربتي في مجال الإخراج المسرحي ليست كبيرة مقارنة بمخرجين كبار تعرفهم الساحة المسرحية الجزائرية، ولكن لدي أعمال تركت بها بصمتي في المسرح الجزائري، والدليل فوزي بالعديد من الجوائز الوطنية، وهو ما جعل المخرج علي عيساوي يعتبرني الشخص المناسب لتولي الإخراج المسرحي لهذه الملحمة الضخمة، وبحكم معرفته أيضا بإمكانياتي، وكان صريحا عندما تحدث معي بخصوص هذا العمل، حيث عبر لي عن حاجته للمسة الشبابية والنوعية التي تميز أعمالي الفنية والمسرحية، وهو ما جعلني أوافق مباشرة، إضافة لكونها فرصة يجب انتهازها للقيام بعمل جيد وإنجاح عرض الافتتاح، وهو ما وُفقنا فيه. وكيف تقيم هذه التجربة؟ دون تردد لقد كانت ناجحة في كل شيء، بدليل أن الجمهور الذي تابع العرض خرج راضيا، ناهيك عن الإشادة من طرف أهل الاختصاص، فالتجربة كانت رائعة جدا والتحدي يعتبر كبيرا نظرا للعدد الهائل من المشاركين، والملحمة مليئة بروح الإبداع، وهو ما شجعني على تخطي الصعاب والتحكم في مجموعة كبيرة سواء من الممثلين، المصممين وغيرها من الأمور المتعلقة بالعرض، لأنه ليس من السهل التحكم في 150 راقص وأكثر من 150 مغن وحوالي 80 ممثلا، كلهم اجتمعوا على خشبة واحدة. ولولا ضيق الوقت لكنا قادرين على تقديم الأحسن، فملحمة تنجز في شهرين ونصف يعتبر تحديا كبيرا، ولكن في الأخير ربحنا الرهان لأننا عملنا بجد ليلا نهارا دون توقف. وماذا أضافت ملحمة قسنطينة الكبرى لفوزي بن براهم؟ الملحة أضافت لي الشيء الكثير، حيث صرت قادرا على التعامل مع أكبر عدد ممكن من الفنانين على الخشبة، كما من كل المشاركين الذين قدموا كل ما لديهم وأكثر، فالملحمة كانت بمثابة دفعة جديدة لي ولكثير من الفنانين الشباب، ويكفي إشادة المسؤولين بالعمل الذي قدمناه. وماذا بعد الملحمة؟ بعد عرض الملحمة في حفل الافتتاح ثم العرض المفتوح، كان في انتظاري عمل جديد شرعنا فيه قبل أيام، وهو ”الأبواب السبعة” للمخرج أحمد راشدي، حيث ستكون مشاركتي فيه هذا العمل كممثل، إضافة لتحضيري عملا مسرحيا جديدا مع عدد من الممثلين والفنانين من إنتاج المسرح الجهوي لباتنة.