لا يزال السماع للشهود مستمرا للأسبوع الثاني على التوالي، ولا تزال تصريحاتهم تزيد تضييق الخناق على المتهم الرئيسي في فضيحة القرن عبد المؤمن رفيق خليفة، الذي التزم الصمت منذ مواجهته لمحافظ بنك الجزائر لكصاسي محمد، كما لا يزال الخليفة مصرا على ارتداء نفس الطقم الرمادي الذي لم يغيره منذ أول يوم من محاكمته، فهل سيستعمله كوسيلة للدفاع عن نفسه، أم أنه أحد الألغاز المكدسة في منجم أسرار الفضيحة؟ فيا ترى ما هو السر وراء عدم تغييره لملابسه، رغم أن جميع المتهمين الموقوفين يزيدون تألقا في كل يوم من حضورهم للمحاكمة..؟ تواتي: لم تكن لدي أية ثقة ببنك الخليفة استؤنفت جلسة المحاكمة في قضية الخليفة بمحكمة جنايات البليدة، صباح أمس، بالاستماع لشهادة ”تواتي علي” وهو نائب محافظ بنك الجزائر، حيث كشف الشاهد أنه شغل منصب المدير العام للصرف من 1990 إلى 2001، مشيرا إلى أن البنك كان يتكون من 4 مديريات. القاضي: بالنسبة للخليفة قلت إنك أرسلت تقريرا عن التجارة الخارجية للأمين العام لوزارة المالية. حدثنا عنه؟ الشاهد تواتي: كان ذلك في جانفي 2001 وقبل تاريخ 1999 لم تكن أي تجارة خارجية ونظرا لأننا كنا نقرأ في الجرائد عن نشاطاته في الخارج طلب السيد كيرمان فتح تحقيق. القاضي: في 2000 أخطرت محافظ بنك الجزائر أن الخليفة إيرويز كانت لا تدخل الأموال بالعملة الصعبة إلى الجزائر؟ الشاهد تواتي: كان شيئا غير عادي، في 2001 أخطرت السيد كيرمان لأنني لا أثق في بنك الخليفة، لأنه يصرف أموالا بالعملة الصعبة بدون رخصة. القاضي: لم تقدّموا للبنك رخصة لشراء العملة؟ الشاهد تواتي: مستحيل، ولمّا وصل التقرير خرجت من مديرية الصرف وأصبحت نائب محافظ، ناداني الخبير وأخبرني أن التقرير الذي طلبه السيد خموج جاهز، فطلبت إحضاره. كنت مختصا في التجارة الخارجية في عديد الهيئات. قرأت التقرير وكنت متأكّدا أن فيه مخالفات إجرائية. القاضي: لمن أرسلت التقرير؟ الشاهد تواتي: إلى الأمين العام لوزارة المالية. القاضي: وماذا يحوي التقرير؟ الشاهد تواتي: شراء العملة الصعبة من البنك المركزي في مشروع محطتي تحلية مياه البحر كان مشبوها. القاضي: تقصد أن المشروع ذر للرماد في العيون لتهريب الأموال؟ الشاهد تواتي: (لا يجيب) القاضي: المفتشون لم يكونوا مؤهلين قانونا لتحرير المخالفات كنت على علم بذلك؟ الشاهد تواتي: المهمة كانت جديدة بالنسبة للجميع على مستوى البنك، خرجنا من جنّهم، طيلة أشهر كنا أمام نظام بنكي جديد. القاضي: في 2001 أخبرت كيرمان بما يحدث في وكالات بنك الخليفة؟ الشاهد تواتي: قلت لا ثقة في بنك الخليفة في التجارة الخارجية فتكلم مع السيد خموج المدير العام للمفتشية العامة وطلب منه مواصلة عمله في المراقبة. القاضي: المفتشية العامة قامت بإعداد تقرير وأرسل إلى لكصاسي؟ الشاهد تواتي: نعم في نوفمبر 2001. القاضي: كان الغرض من إرسال التقرير هو فتح تحقيق من قبل وزير المالية؟ الشاهد تواتي: لولا القانون الجديد للنقد والصرف لما أرسلت التقرير إلى وزارة المالية. القاضي: مدلسي لما سئل عن التقرير قال إنه تقرير وصفي لم يكن يتضمن مخالفات؟ الشاهد تواتي: الرسالة كانت واضحة وأنا قمت بواجبي فقط. القاضي: ترباش لما جاء إلى الوزارة لم يجد التقرير وكونّ لجنة وتداركوا الأمر واستعانوا بالمفتشين لمعاينة المخالفات؟ الشاهد تواتي: نعم. القاضي: وكالة البليدة مثلا تقوم بالتجارة الخارجية باستعمال رقم وكالة أخرى هل هذا شرعي؟ الشاهد تواتي: غير شرعي. هذا غش. القاضي: جاء في التقرير تحويلات الخليفة إيرويز إلى الخارج؟ الشاهد تواتي: لا، لم تكن تدخل العملة الصعبة إلى الجزائر لأن القانون كان يفرض على الشركات كل 3 أشهر إدخال العملة إلى الجزائر ولكن الخليفة لم تقم بذلك. البنك كان ينشط في التجارة الخارجية دون رخصة وأكد الشاهد تواتي أنه بعث بتقرير لأن بنك الخليفة لم يطلب ترخيصات لعمليات الصرف، مشيرا إلى أنه أعطى نسخة لكيرمان وأخرى للمفتشية العامة، كما كشف أنهم عاشوا في بنك الجزائر خلال العشرية السوداء. وأوضح أن التقرير الذي أرسله للأمين العام لوزارة المالية وكيرمان ذكر فيه العموميات، مكررا أنه لم يكن يثق في بنك الخليفة، وأكد أنه قام بعمله في إطار الأمرية رقم 87 التي تلزمه بالإخطار عن أي تجاوز، خاصة وأن البنك كان ينشط في التجارة الخارجية بدون رخصة. تواتي: استقبلت ”خليفة” وطلب مني فتح بنك في باريس وأعلن تواتي أنه استقبل عبد المومن خليفة وطلب منه الأخير فتح بنك في باريس، ما جعله يشك في هذا الطلب. وأكد الشاهد أنهم بعثوا للخليفة العديد من الرسائل لكن دون رد، مضيفا خلال الجلسة أن عبد المومن خليفة طلب المساعدة لأن هذا الأخير أخبره أنه ليس له علاقة بأعمال البنوك، كما أكد الشاهد أنه وبعد استقباله تقرر تتبع نشاط البنك وكانت تلك الفترة في نهاية 2001، حيث تم إعطاء أوامر وتعليمات للمديرية العامة لتكثيف التفتيشات. القاضي: استقبلت خليفة بتاريخ 18 أكتوبر 2001؟ الشاهد تواتي: لا. القاضي: لم تستقبله؟ هو طلب مقابلة لكصاسي؟ الشاهد تواتي: خليفة كتب إلى لكصاسي لطلب فتح فرع بباريس، وهنا راودني الشك وطلب مني لكصاسي استقباله ولكنني رفضت. القاضي: شراء بنك في ألمانيا ليس ممنوعا؟ الشاهد تواتي: بما أن الأموال لم تخرج من الجزائر يشتري ما يريد القاضي: ولكن استقبلته مع الأمين العام؟ الشاهد تواتي: نعم لمدة 20 إلى 30 دقيقة. القاضي: كيف قيّمت شخصية الخليفة؟ هل كان يفهم في الأمور البنكية، وهل أحضر أحدا معه؟ الشاهد تواتي: لم يستطع أن يفهم ولم يحضر أحدا معه، قال لي أنا لست بنكيا وطلب مني المساعدة. القاضي: بعد استقباله هل تعززت الشكوك الأولى؟ الشاهد تواتي: استنتجت أنه لا يملك المؤهلات الكافية لتسيير بنك. القاضي: لما تيقنت أن الأمور ليست على ما يرام ماذا فعلتم في بنك الجزائر؟ الشاهد تواتي: أعطينا تعليمات للمفتشية العامة لتكثيف التفتيشات. ومهمة خموج انتهت في نهاية 2001. تواتي يفتح النار على الصحافة كما كشف الشاهد ”تواتي علي” نائب، محافظ بنك الجزائر بتاريخ الوقائع، أن الصحافة كانت تنقل أشياء عن لزعر غير صحيحة. وفي هذه الأثناء تدخل المحامي ”عثماني لزعر” واحتج على ذكر اسمه في الجلسة العلنية. وهنا تدخل القاضي بالقول ل”تواتي” إن الصحافة تنقل تصريحاتها من المحامين. محامي الخليفة لزعر نصر الدين يتوتّر ويثور على كلام الشاهد بخصوص تعليقات في الصحافة وصفها الشاهد بالتافهة، ويطلب منه سحب كلامه، غير أن الشاهد يؤكد أنه لم يقصده. والقاضي يتدخّل لتهدئة الوضع قبل أن يضطر إلى رفع الجلسة، غير أن الصحفيين قرّروا طلب سحب تعليقه أمام المحكمة، ليقوم بعد ذلك ”تواتي” بسحب اتهاماته للصحافة وقدم اعتذارا علنيا للصحافة الجزائرية. تجميد التجارة الخارجية كان إجراء مؤقتا.. ولا يمكن لمنحرف أن يلعب بالأموال.. و”جلاب” أرسل تقريرا مخيفا وكشف ”تواتي” خلال إدلائه بشهادته أن تجميد التجارة الخارجية كان إجراء مؤقتا وأنه ليس هو من اتخذ القرار، مشيرا إلى أنه لا يمكن ترك منحرف يلعب بالأموال. وأكد تواتي أن القرار اتخذه المدير العام للصرف وصادقت عليه اللجنة المصرفية، وأن بنك الخليفة لم يقدم أي طعن. كما أعلن ”تواتي” أن بنك الخليفة لجأ إلى نظام سويفت لتحويل الأموال، وهو جهاز تقني، مشيرا إلى أنه تم تعيين متصرف لأنهم لم يقوموا بتصحيح الأخطاء، ومهمته كانت حماية الأموال. وكشف الشاهد أن المتصرف كتب تقريرا مخيفا. القاضي: على أيّ أساس جاء توقيف التجارة الخارجية للبنك؟ الشاهد تواتي: بناء على المرسوم 95/07. القاضي: القرار اتخذ من قبل اللجنة المصرفية؟ الشاهد تواتي: لا، المدير العام للصرف طبقا للمرسوم 95/07. القاضي: اللجنة المصرفية صادقت على القرار، هل كانت بحاجة لذلك؟ الشاهد تواتي: أنا لم أكن عضوا في اللجنة المركزية وكان ذلك إلزاميا ولم يتم الطعن في القرار. وأنا لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال. ربما كانت المصادقة من أجل إعطاء وزن أكبر لقرار المدير. القاضي: من هو صاحب القرار الأكثر حجيّة هل المدير أم اللجنة؟ الشاهد تواتي: المدير. القاضي: رغم صدور قرار سحب التجارة الخارجية كانت هناك تحويلات هل سمعتم بها؟ الشاهد تواتي: الخليفة استعمل الجهاز الإلكتروني سويفت للتحويل. القاضي: عندما ما صدر قرار تجميد التجارة الخارجية كنت في عطلة رسمية حسب ما قلت عند قاضي التحقيق؟ الشاهد تواتي: نعم. القاضي: على أي أساس عيّن المتصرف الإداري؟ الشاهد تواتي: بناء على نتائج التفتيشات. القاضي: هل كان التعيين لمدة غير محدودة؟ الشاهد تواتي: لم نحدّد له تاريخ نهاية مهامه المحدّدة قانونا. القاضي: على أي أساس تم تعيين جلاب؟ الشاهد تواتي: لست أدري ولكنه يملك كفاءة عالية. القاضي: ما هي الحقائق التي توصل إليها المتصرف الإداري؟ الشاهد تواتي: غياب وثائق محاسبية، عدم تحضير الميزانيات في وقتها وتقديم الأموال كقروض بدون ملفات، وهذا أمر غريب. القاضي: هل يمكن تحميل محافظي المحاسبات المسؤولية وعدم القيام بمهامهم؟ الشاهد تواتي: من وجهة نظري، محافظو المحاسبات مكلفون بإخطار النيابة العامة بالمخالفات المعاقب عليها في قانون الإجراءات الجزائية. القاضي: راسلت وزارة المالية حول وضعية الخليفة للطيران؟ الشاهد تواتي: كان تقريرا واحدا. القاضي: جلاب قدم اقتراح إعادة بعث رأسمال أو التصفية؟ الشاهد تواتي: على حد علمي فإنه لم يكن اقتراح إعادة الرأسمال وطلب مساعدة البنك المركزي، ولم يكن من الممكن لأن ذلك عار. القاضي: حسبك فإن المتصرّف الإداري لم يقترح إعادة الرأسمال؟ الشاهد تواتي: هو اقترح على المساهمين. القاضي: وجاء قرار بسحب الاعتماد، أنت من ترأس اللجنة؟ الشاهد تواتي: القانون يسمح لمحافظ بنك الجزائر بتعيين مندوب عنه للرئاسة. القاضي: هل كان قرار سحب الاعتماد صائبا حسب رأيك؟ الشاهد تواتي: لو لم نتخذ هذا القرار لكنا قد ارتكبنا خطأ كبير. القاضي: هل كان من الممكن إنقاذ البنك؟ الشاهد تواتي: الخليفة طلب إعادة بعث الرأسمال من خلال طائرات الخليفة للطيران، وكان ذلك غير ممكن. تواتي: من يشك في الدولة الله معه المحامي مجحودة: الخليفة قبل التصفية اقترح شريكا جديدا هو الخليفة إيرويز، لماذا لم يكن الوقت الكافي لدراسة الأمر؟ الشاهد تواتي: هل كان ذلك غير ممكن، هذه قوانين الدولة ومن يشك في الدولة الله معه. المحامي لزعر: بنك الخليفة حسب بنك الجزائر يعني أنه كان في حالة عجز؟ الشاهد تواتي: الأمر يختلف ولكن وضعية البنك كانت حرجة. المحامي لزعر: قلت إنك عينت بتصريح شفهي من لكصاسي في منصب نائب محافظ بعدما كنت مديرا للصرف؟ الشاهد تواتي: رقيت بناء على مرسوم رئاسي. المحامي لزعر: بحثت في غوغل ولم أجد قرار ترسيمه؟ الشاهد تواتي: أنا عينت بمرسوم رئاسي. المحامي لزعر: هل ترأس اللجنة المصرفية لسحب الاعتماد بطلب من المحافظ أم كان ذلك تقليد معمول به أم لسبب آخر؟ الشاهد تواتي: القانون يسمح للمحافظ بتعيين أحدهم نيابة عنه لترؤس اللجنة المصرفية، وتم تعييني لأنني الأقدم وصاحب الخبرة. المحامي لزعر: ولكن لا يوجد قرار تعيينه؟ الشاهد تواتي: لا يجيب. قرار السحب المؤقت للتجارة الخارجية جاء مخالفا لقرار مجلس الدولة المحامي لزعر: قرار السحب المؤقت للتجارة الخارجية في 2002 جاء مخالفا لقرار مجلس الدولة؟ الشاهد تواتي: لا. المحامي لزعر: على أي تقرير اعتمدت في قولك إن الخليفة لم تحول الأموال بالعملة الصعبة إلى الجزائر؟ الشاهد تواتي: كان مدير الخليفة للطيران يطلب منا الصبر لإدخال الأموال ولكن لم يتم ذلك. المحامي لزعر: قرار تثبيت التوقيف المؤقت للتجارة الخارجية موجود في الأرشيف لكنه غير مرقم؟ الشاهد تواتي: ربما خطأ. المحامي لزعر: لماذا لم يستقبل الخليفة؟ الشاهد تواتي: لأنه لم يحدد سبب اللقاء. المحامي لزعر: هل كان جهاز السويفت يشتغل في عهد المتصرف الإداري؟ الشاهد تواتي: يفترض أنه كان متوقفا وهذه أمور تقنية ليس لي علم بها. ليس لدي الثقة في البنك بعدما مول فريق مارسيليا.. وأنا وراء إيداع أموال سوناطراك ببنك الخليفة المحامي لزعر: قلت إنه ليس لديك الثقة في البنك بعدما موّل فريق مارسيليا؟ الشاهد تواتي: هذا حقي كمسؤول. المحامي لزعر: هل هناك قانون يمنع بنكا من إنشاء فرع بالخارج ولماذا الخليفة ممنوع؟ الشاهد تواتي: لأنه تم بأموال مهربة من الجزائر. المحامي لزعر: هل جلسة واحدة وعدم حضور الخليفة كاف لاتخاذ حكم بسحب الاعتماد؟ الشاهد تواتي: حرصنا على تطبيق القانون. محامي الدفاع: هل شغلت منصب عضو في مجلس إدارة سوناطراك؟ الشاهد تواتي: نعم منذ 1980، وأنا وراء إيداع أموال سوناطراك ببنك الخليفة. وتجدر الإشارة إلى أن القاضي ”عنتر منور” سجل حضور حناشي وسرار ومعمر جبور.. مع غياب كل من لخضر بلومي ومحمد روراوة.