تعمد الفطر في رمضان من غير رخصة كبيرة من الكبائر، والواجب على من وقع في هذا الذنب أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا، ويجب عليه مع التوبة قضاء الأيام التي تعمد فيها الفطر، ولا يجوز تأخير القضاء حتى يأتي عليه رمضان لاحق، وإن تراخى في قضاء ما فاته حتى دخل عليه رمضان لاحق فهل يقضي فحسب أم عليه فدية مع القضاء؟ قولان للعلماء، والراجح أنه عليه القضاء فقط. يقول الدكتور حسام قراقيرة، أستاذ الفقه وأصوله، إن الإفطار في رمضان متعمداً من كبائر الذنوب وانتهاك للمحرمات وتعدي على ركن من أركان الإسلام والواجب على من وقع منه ذلك أن يبادر بالتوبة الصادقة إلى الله تعالى بشروطها المعروفة، قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة النور الآية 31. ويلزم هذا المفطر أن يقضي الشهر الذي أفطره كما قرره جمهور أهل العلم . ومما يدل على وجوب القضاء على المفطر المتعمد في رمضان ما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من ذرعه قيء وهو صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء فليقض”. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد ومالك. وأشار الدكتور الداعية عبد الله الكبيسي أن جماعة من العلماء أوجبوا الفدية، بالإضافة للقضاء في حق من دخل عليه رمضان وفي ذمته أيام لم يصمها من رمضان سابق إن كان تأخير القضاء لغير عذر وهذه الفدية تكون بإطعام مسكين عن كل يوم أفطره من رمضان. فلا يجوز له تأخير القضاء إلى رمضان آخر من غير عذر؛ لأن عائشة رضي الله عنها لم تؤخره إلى ذلك ولو أمكنها لأخرته ولأن الصوم عبادة متكررة، فلم يجز تأخير الأولى عن الثانية كالصلوات المفروضة، فإن أخره عن رمضان آخر نظرنا فإن كان لعذر فليس عليه إلا القضاء وإن كان لغير عذر، فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم وبهذا قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة، ومجاهد وسعيد بن جبير ومالك، والثوري والأوزاعي والشافعي، وإسحاق، وقال الحسن والنخعي.. فمن أفطر عامداً في رمضان أن يقضي الأيام التي أفطرها ولا تبرأ ذمته إلا بذاك. تأثير المعاصي والآثام على الصيام المعاصي والآثام لها تأثير واضح في الصيام فهي تفسد المعنى الحقيقي للصيام، ولكنها لا تعد من المفطرات. يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة 183. و”لعل” في لغة العرب تفيد الترجي، فالذي يرجى من الصوم تحقق التقوى، أي أن الصوم سبب من أسباب التقوى . وبناء على ذلك فليس الصوم هو مجرد الامتناع عن المفطرات الثلاث الطعام والشراب والشهوة فحسب، بل لا بد من صوم الجوارح أيضاً، فاليد لا بد أن تكف عن أذى الناس، والعين لا بد أن تكف عن النظر إلى المحرمات، والأذن لابد أن تكف عن السماع للمحرمات، واللسان لابد أن يكف عن المحرمات كالغيبة والنميمة والكذب ونحوها، والرِجل لا بد أن تكف عن المحرمات فلا تمشي إلى ما حرم الله . إن الصائم مأمور بتقوى الله عز وجل وهي امتثال ما أمر الله واجتناب ما نهى الله عنه، وهذه طائفة عطرة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تشير إلى هذه المعاني: 1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سآبه أحد أو قاتله فليقل إني صائم”. رواه البخاري ومسلم. 2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”. رواه البخاري . 3. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم إني صائم”. رواه ابن خزيمة والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم وصححه الشيخ الألباني. 4. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”رب صائم ليس له بصيامه إلا الجوع ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر”. رواه النسائي وابن ماجة وابن خزيمة والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري.