كرمت محافظة المهرجان الوطني لأغنية الشعبي، في افتتاح طبعته العاشرة سهرة أول أمس، الفنانين الراحلين كمال مسعودي ورشيد نوني، حيث سلم التكريم لعائلتيهما اللتين كانتا حاضرتين في التكريم. وأعطى وزير الثقافة، عزالدين ميهوبي، إشارة انطلاق الطبعة العاشرة من المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي في فضاء ”أقورة” برياض الفتح، وقال ميهوبي في الكلمة التي ألقاها أنه سعيد بوجوده في افتتاح مهرجان أغنية الشعبي وشكر المنظمين على تكريم كمال مسعودي ورشيد نوني، مثنيا في الوقت ذاته على الجو الذي يشهده المهرجان من خلال احتفائه بالأغنية الأصيلة التي جعلت كل العائلات تتوافد على هذا المهرجان، مضيفا أنه يتمنى أن يكون المهرجان فرصة لاكتشاف العديد من المواهب. وفي سياق منفصل صرح عزالدين ميهوبي، على هامش المهرجان، أن وزارته تقوم في الوقت الحالي على دراسة موضوع المهرجانات الكثيرة التي تنظم في الجزائر، موضحا أن العديد من المهرجانات تلتقي في عنوان واحد مع الاختلاف في بعض المغطيات، وهو ما يطرح السؤال حول الفائدة في تنظيم مهرجانين أو ثلاثة تحت مسمى وممضون واحد، وهو ما يدعو - حسب ميهوبي - إلى ضرورة مراجعة الأمر، مضيفا أن العديد من محافظي المهرجانات لا يكتفون بمهرجان واحد فقط بل تجد نفس الشخص يشرف على أكثر من مهرجان!. وقال ميهوبي إن العديد من المهرجانات اختفت وستعمل الوزارة على إرجاعها نظرا لأهميتها في الساحة الثقافية الجزائرية، داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة التكيف مع الوضع الحالي للبلاد من الناحية المالية، ما يدعو لإعادة النظر في سياسية تمويل المهرجانات والفعاليات الثقافية المختلفة. من جهته قال معمر قنة، محافظ المهرجان، أن هذا الموعد الثقافي عبارة عن عرس فني جزائري بامتياز، خصوصا أنه يحتفي كل سنة بعمالقة الفن الجزائري، كما يمنح الفرصة للمواهب الشابة من أجل مواصلة الدرب الذي سار عليه شيوخ أغنية الشعبي، حيث سيكون الجمهور طيلة أسبوع كامل على موعد مع القصيد والشعر الملحون الذي ستتغنى به أصوات شابة قدمت من كل ولايات الوطن. وأثنى معمر قنة على البرنامج الثري للمهرجان في طبعته العاشرة، والذي سيحتوي العديد من الندوات وورشة تكوينية لفائدة المشاركين والتي تكون مفتوحة أمام الجمهور من اجل إثراء معارفهم في موسيقى الشعبي. وقد توافدت عائلات عاصمية في سهرة رمضانية مميزة على فضاء ”أقورة” برياض الفتح، للتمتع بأصوات شابة قدمت من كل أنحاء الوطن لتؤدي أغنية الشعبي وتسير على نهج الشيوخ السابقين الذين أسسوا لهذا الفن. ثلاثة شبان وشابة واحدة تنافسوا في اليوم الأول من الطبعة العاشرة للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي، وكان هدفهم الأول إمتاع الجمهور خاصة من العائلات الحاضرة بقوة، حيث كانت البداية ب”بغداد ضاوية” من ولاية الشلف، والتي تعتبر الصوت النسوي الوحيد في الطبعة العاشرة من المهرجان، واستطاعت أن تسجل حضورها بقوة من خلالها أدائها الراقي الذي يوحي بموهبتها الصوتية الفريدة التي تمتزج بين الرقة والأداء والأسلوب الذي يميل إلى الطابع الأندلسي. أدت المشاركة قصيد ”ألايم علاش تلوم” لأحمد تركي، وأبدعت في طريقة تقديمها للجمهور، والدليل التفاعل من جانب هذا الأخير. وعن مشاركتها قالت بغداد ضاوية إنها كانت تحلم منذ الصغر بالمشاركة في المهرجانات، والتي - حسبها - تساعد على التعرف بالممارسين لهذا الفن، مضيفة أن الهدف من المشاركة هو التعلم والاحتكاك بباقي المنافسين، وأكبر فوز بالنسبة لها هو الغناء أمام هذا الجمهور التواق للفن الراقي. عاشوري مختار، القادم من بجاية، والذي سبقت له المشاركة في هذا المهرجان بداية من الطبعة الأولى سنة 2006 لتليها مشاركة أخرى في 2007 احتل فيها المرتبة الخامسة، عاد في الطبعة العاشرة من أجل إثبات نفسه من جديد، خاصة مع إعادة نظام التصفيات المحلية، وهو الأمر الذي استحسنه مختار، مضيفا أنه يطمح هذه المرة للتميز أكثر ولما لا الفوز بإحدى الجوائز، رغم أن هدفه الأسمى هو إرضاء الجمهور في المقام الأول. هذا الأخير غنى قصيد من الشعر الملحون بعنوان ”يا القاضي بيني وبين خناري” لفضيل المرنيسي، وتمكن بمرافقة الفرقة الموسيقية من صنع جو رائع وسط العائلات الحاضرة، وهو الأمر الذي أثنى عليه المشارك كثيرا. ثالث الأصوات المشاركة في السهرة الأولى كان ابن الجزائر العاصمة سعيدي أمين، الذي قدم قصيد ”زورا يا عاشقين زورا” للشيخ محمد بن مسايب التلمساني، بمرافقة الجوق الموسيقي بقيادة عبد الكريم عميمور، الذي صنع جوا مميزا بين الجمهور الحاضر والمتعطش للكلمة والموسيقى المعبرة. هذا القصيد أداه أمين سعيدي بتمكن كبير ما يعكس تجربته في هذا المجال رغم صغر سنه، حيث قال أنه يشارك للمرة الثالثة في المهرجان واحتل المرتبة العاشرة والخامسة في الدورتين السابقتين، ويطمح للظفر بالجائزة الأولى في هذه الطبعة، مضيفا أن هذا المهرجان فرصة للشباب من أجل إظهار مواهبهم، كما أن الاحتكاك والمنافسة يجعل المترشح يصقل موهبته أكثر ويدفعه لتعلم الشيء الكثير. مسك ختام السهرة كان بعبق الشعر الملحون والكلمة الساحرة للشاعر أحمد بوزيان والصوت الجميل ل”قرواني عدة” من ولاية تيارت، الذي يراهن في أول مشاركة له بمهرجان أغنية الشعبي على ترك بصمته الخاصة، خصوصا أنه متمرس في هذا المجال ويملك خمسة ألبومات في رصيده الفني، وسبق له المشاركة في مهرجان الشعر الملحون سيدي لخضر بن خلوف بمستغانم.